الخراب ليس صدفة: ثلاثية الانهيار صنعها الكيزان كتبه د. أحمد التيجاني سيد أحمد

الخراب ليس صدفة: ثلاثية الانهيار صنعها الكيزان كتبه د. أحمد التيجاني سيد أحمد


07-28-2025, 12:55 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1753707343&rn=0


Post: #1
Title: الخراب ليس صدفة: ثلاثية الانهيار صنعها الكيزان كتبه د. أحمد التيجاني سيد أحمد
Author: احمد التيجاني سيد احمد
Date: 07-28-2025, 12:55 PM

01:55 PM July, 28 2025

سودانيز اون لاين
احمد التيجاني سيد احمد-ايطاليا
مكتبتى
رابط مختصر






تمهيد: حين يتحدث الكوز…
كتب إليّ صديق و قريب ممن عرفوا الحركة الإسلامية من داخلها، قائلاً:

"الحقيقة المُرّة يا صديقي أن ما نعيشه اليوم هو مرحلة اللا دولة: غياب السلطة المركزية، العدالة، الأمن، والخدمات، مع تفكك القيم التي كانت توحّدنا."

ثم مضى يصنّف الأزمة بثلاث زوايا: "لا دولة، حكم المليشيات، وانهيار القيم". لكن ما لم يقله، أو ما اختار أن يتناساه، هو أن هذه الثلاثية ليست عرضًا طارئًا… بل هي الصنيعة المباشرة لانقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩، ولمنظومة الكيزان التي حكمت السودان بثقافة الغلبة والتغوّل والتكفير.



أولًا: من دمّر الدولة؟
ليست الدولة هي التي انهارت، بل هي التي تمّ تدميرها عمدًا واستبدالها بدولة التنظيم.

- أُفرغت الخدمة المدنية من كفاءاتها، وأُعيدت هندستها على أساس الولاء.
- جُهزت الأجهزة الأمنية والقضائية لتخدم "التمكين"، لا العدالة.
- انقلب الجيش من مؤسسة وطنية إلى حارس شخصي لسلطة الإسلاميين.
- التعليم، الإعلام، والاقتصاد خضعوا جميعًا لعقود من الاستغلال والإقصاء والتجهيل.

وتم تبرير ذلك كلّه بخطاب "التمكين"، و"الأسلمة"، و"أهل الولاء أولى من أهل الكفاءة". وهكذا، حين سقط الغطاء، سقطت الدولة… لأنها كانت دولة كرتونية مبنية على كذبة كبرى.

ثانيًا: من شرعن حكم المليشيات؟
كل سلاح خارج القانون اليوم له جذوره في مشروع الإسلاميين:

- قوات الدفاع الشعبي كانت أول مليشيا رسمية للتمكين، بفتاوى الجهاد الزائف.
- كتائب الظل، و"البراء"، و"العمل الخاص" كانت كلها تنظيمات أمنية داخل جسم الدولة.
- الجنجويد لم يظهروا من فراغ، بل شُكّلوا لحماية المشروع الإسلامي ضد ثوار الهامش.
- قوات الدعم السريع تمّت صناعتها وتطويعها بأموال الدولة لحماية بقاء البشير وفلوله.

أما الحركات المسلحة، فقد ولدت ردّ فعلٍ طبيعي على القهر والتهميش والإبادة. ورغم كل التحديات، فقد رأيتُ بعيني — منذ 2020 — كيف غلّبت هذه الحركات المصلحة الوطنية في مفاوضات جوبا، حينما كان بعضكم لا يزال يحلم بعودة التمكين في رداء جديد.

ثالثًا: الانهيار الأخلاقي بدأ معكم
من يُحاضرنا اليوم عن "انهيار القيم" عليه أن يتذكّر:

*- أنتم من أخرج الأئمة المغتصِبين من السجون، لا لشيء إلا لأنهم "إسلاميون".
*- أنتم من أعطى مرتبات ومناصب لمغتصبي الأمن الشعبي، وتجاهلتم آهات الضحايا.
*- أنتم من علّم الناس أن الكذب جهاد، وأن النفاق حيلة، وأن الولاء فوق الوطن.

عندما تُقتل الثورة ويُكافأ القتلة، عندما تُحرق القرى باسم الدين، عندما يُباع السودان في أسواق المصالح… فهذه ليست "أزمة قيم" بل جريمة أخلاقية أنتم من بدأها، وآن أوان الحساب.



خاتمة: لن تُكتب براءة بلا محاسبة
نحن لا نطلب من الكيزان السابقين أن يجلدوا أنفسهم. لكن نطالبهم:

إن كان جادين أن يُسمّوا الأشياء بأسمائها:

** الخراب بدأ من انقلابكم

** السلاح خرج من مؤسساتكم

** الانهيار الأخلاقي هو ميراثكم

ولا عدالة بلا اعتراف، ولا مصالحة بلا تفكيك، ولا دولة بلا قطيعة شاملة مع فكر الاستبداد، ومع كل من ناصر أو برّر أو صمت عن الظلم حين كان في أوجه.

د. أحمد التيجاني سيد أحمد

عضو تحالف تاسيس
٢٨يوليو ٢٠٢٥ – روما، إيطاليا