Post: #1
Title: أمل و تأسيس و صمود قرأة في تعقيدات المشهد السياسي السوداني الراهن كتبه يوسف عيسى عبدالكريم
Author: يوسف عيسى عبدالكريم
Date: 07-28-2025, 01:10 AM
02:10 AM July, 27 2025 سودانيز اون لاين يوسف عيسى عبدالكريم-الامارات مكتبتى رابط مختصر
يعتبر إعلان حكومة تأسيس الموازية بالأمس و الذي تمخض عن مقررات تجمع نيروبي سابقاً تطورًا خطيرًا في مسار الأزمة السودانية الراهنة و خطوة غير مسبوقة في التاريخ السياسي السوداني الحديث. حيث لم يسبق أن سجل التاريخ في أي مرحلة من مراحل الصراع السياسي بين الحكومة المركزية و المعارضة السياسية أو حركات الكفاح المسلح سابقاً وجود حكومتين منفصلتين تعملان داخل الأراضي السودانية. و بمراجعة تاريخية سريعة نجد أن تقدم لم تذهب نحو تكوين حكومة منفى بعد انقلاب أكتوبر والتزمت بما أعتبر العرف في المعارضة السودانية. فعلى الرغم من معارضة القوى السياسية الشرسة لنظام الإنقاذ طوال ٣٠ عاماً و التي اتخذت عدة أشكال و وسائل في صراعها ابتدأ من الكفاح المدني بتكوين التجمع الوطني الديمقراطي كجسم ضم كل القوى السياسية المعارضة و الذي كان اتخذ من إريتريا مقرًا و انتهاءً بالكفاح المسلح بتكوين جيش تحالف مع الحركة الشعبية لتحرير السودان لمحاربة حكومة الإنقاذ ( و كلنا يذكر ضربة كسلا المشهورة وهجمات جنوب طوكر الضارية وكسرة عقيق و هجوم الكرمك فبالرغم من كل تلك الأحداث و التي شكلت القطيعة السياسية التامة بين الحكومة المركزية والمعارضة ) إلا أن ذلك لم يدفع بالسياسيين القائمين على التجمع الوطني الديمقراطي كجسم معارض حينها بالسعي لإنشاء حكومة موازية في المناطق المحررة التي تحت سيطرتهم . و بالمثل يذكر التاريخ تحالف القوى السياسية المعروف بالجبهة الوطنية ضد نظام مايو والذي اتخذ من ليبيا مقرًا لتدريب أفراده و منطلقا لهجومه على الخرطوم لتغيير نظام مايو بالقوة المسلحة في ما عرف في أدبيات السياسية السودانية بهجوم المرتزقة. و رغما عن ذلك التدافع السياسي العنيف بين الحكومة المركزية والمعارضة إلا أن ذلك لم يعطي السياسيين السودانيين مسوغا لتبني خيار إنشاء حكومة منفى أو تكوين حكومة موازية. كذلك لم يشهد تاريخ الصراع بين الحكومة المركزية وحركات الكفاح المسلح. منذ عام 1955 تاريخ اندلاع الحرب الأهلية في الجنوب، مرورًا بحروب دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة وشرق السودان ذلك الصراع الذي جعل الكثير من المناطق و الرقع الجغرافية الكبيرة خارج سيطرة الحكومة المركزية و بشكل فعلي لسنوات طويلة ، و رغما عن ذلك لم يسجل التاريخ السياسي لأي حركة مسلحة إنشاء حكومة موازية في مناطق سيطرتها. ولعل مرد ذلك إلى وعي السياسيين و قادة الكفاح المسلح والحكومة المركزية نفسها بخطورة هكذا قرار على المشهدين السياسي و الاجتماعي في السودان و بأعتباره سيغرس أول بذرة لمشروع تقسيم الدولة السودانية الذي حتماً لن يكون في مصلحة أي من الطرفين بل سيزيد من تأزيم و تعقيد المشكلة السودانية . و يدل على ذلك تجربة الانفصال بين الشمال و الجنوب التي عاشها السودانيون في الدولتين المنفصلتين والتي لا تزال تلقي بظلالها و تداعياتها السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية على كلا البلدين.
|
|