Post: #1
Title: عودة الإسلاميين من الظل- استراتيجية خطرة تختبر وعي السودانيين وعدالة العالم
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 07-25-2025, 03:52 PM
03:52 PM July, 25 2025 سودانيز اون لاين زهير ابو الزهراء-السودان مكتبتى رابط مختصر
عودة الإسلاميين في السودان قراءة في المشهد وتحديات المقاومة المدنية , في تطور لافت وبالغ الدلالة، خرج القيادي الإسلامي أحمد هارون، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتصريحات علنية يبشّر فيها بعودة الإسلاميين إلى المشهد السياسي السوداني، ليس عبر الانقلابات المعهودة، بل من خلال صناديق الاقتراع. هذه التصريحات، التي تبدو في ظاهرها انتخابية، تحمل في طياتها ملامح خطة ممنهجة لإعادة إنتاج النظام القديم في ظل وضع سوداني ودولي مضطرب. فراغ الدولة بوابة الإسلاميين للعودة تأتي تصريحات هارون في سياق انهيار شبه كامل لمؤسسات الدولة السودانية، حيث أصبحت بورتسودان عاصمة رمزية بلا سلطة حقيقية. هذه الفوضى الأمنية مكّنت هارون، الهارب من العدالة الدولية من مخاطبة الإعلام العالمي بثقة، وكأن شيئًا لم يحدث. إنها لحظة فراغ عميق يستغله الإسلاميون، ليس لتغيير نهجهم، بل للعودة بوجوه جديدة وأهداف قديمة، مستغلين خطاب "الشرعية". من "التمكين" إلى واجهة "الديمقراطية": تكتيك للعودة حاول هارون إعادة تقديم الحركة الإسلامية كقوة "شرعية" تؤمن بالانتخابات. لكن الواقع يشير إلى أن ما يجري ليس مراجعة ذاتية حقيقية، بل هو تكتيك لتبييض صورتهم والعودة عبر بوابة دولية مضللة إنهم يراهنون على استنزاف قوى الثورة وقوات الدعم السريع جراء الحرب، لخلق "لحظة صفر" سياسية يمكن فيها فرض خيار الإسلاميين كـ"أهون الشرور". فالإسلاميون في جوهرهم لا يؤمنون بالديمقراطية كقيمة، بل يستخدمون أدواتها كسلّم للسيطرة على مقاليد الحكم. العلاقة بين الجيش والإسلاميين: نفي في العلن وتواطؤ في الخفاء على الرغم من نفي الجيش السوداني التنسيق مع الإسلاميين، إلا أن الوقائع على الأرض تشير إلى غير ذلك. فتعيينات محسوبة على النظام السابق تظهر في مؤسسات بورتسودان، وشبكات دعم وتمويل وتنظيم إسلامية تعمل بحرية تحت حماية عسكرية. المعادلة واضحة: الجيش يبحث عن حلفاء أقوياء تنظيمياً ومالياً، والإسلاميون يعرضون "الخدمة" مقابل العودة إلى السلطة.
البعد الإقليمي- هل ينفجر صراع المحاور من جديد؟ أثارت تصريحات هارون مخاوف إقليمية مشروعة. فالإمارات، على سبيل المثال، تخشى عودة الإسلاميين لما يحملونه من إرث سياسي وأمني يهدد التوازنات الإقليمية. قوى إقليمية أخرى ترى في السودان ساحة لتصفية حسابات قديمة بين "محور يدعم العسكر" و"محور يخشى التمدد الإسلامي عبر واجهات مدنية". والخاسر الوحيد في هذا الصراع هو الشعب السوداني الذي يُستخدم كوقود لحرب باردة جديدة.
الإسلاميون السودانيون- "فصليون" وتاريخ من الانقسامات من المهم الإشارة إلى أن الإسلاميين السودانيين لطالما كانوا فصليين ومنقسمين على أنفسهم. فالتاريخ السياسي للحركة الإسلامية في السودان يزخر بالانشقاقات والتصدعات الداخلية سواء كان ذلك حول قضايا فكرية، أو صراعات على السلطة والنفوذ، أو خلافات حول كيفية التعاطي مع التحديات السياسية والاقتصادية. هذا الانقسام التاريخي قد يؤثر على قدرتهم على تقديم جبهة موحدة أو مشروع متماسك للعودة إلى المشهد السياسي، على الرغم من محاولات التوحيد الظاهرية. هذا الانقسام قد يكون نقطة ضعف يمكن للمقاومة المدنية استغلالها.
هل ينجح مشروع العودة؟ رهانات وتحديات الإسلاميون يراهنون على استمرار الحرب لإضعاف المنافسين، وغياب مشروع مدني موحد، وتشظي المجتمع الدولي وانشغاله بصراعات أكبر. لكنهم يواجهون تحديات كبيرة، أبرزها- الرفض الشعبي التاريخي: بعد ثلاثين عامًا من حكمهم الذي جلب الخراب للسودان، هناك رفض شعبي عميق لعودتهم. العقوبات الدولية والأحكام القضائية- العديد من قادتهم يواجهون عقوبات دولية وأحكامًا قضائية معلقة. حركات المقاومة الشابة: ظهور حركات مقاومة شبابية جديدة لا تخضع للتنظيمات التقليدية، وتؤمن بقيم الثورة والديمقراطية.
المقاومة المحلية- الحصن الحقيقي ضد الاستبداد ما لم تدركه القوى الإسلامية (والعسكرية) هو أن التحولات في السودان لا تُقاس فقط بموازين القوة العسكرية، بل بوعي الشارع الذي أسقط نظام البشير دون رصاصة. قد تُهزم المليشيات المسلحة، وقد يختلف الجنرالات، لكن المجالس الثورية، واللجان، ومبادرات المقاومة الشبابية لا تزال تشكل الحصن الأخير ضد إعادة تدوير الاستبداد.
إذا كان أحمد هارون يحلم بالعودة، فإن شعب السودان قادر على دفن هذا الحلم، ليس بالسلاح فقط، بل بمقاومة مدنية تؤمن بأن العدالة لا تسقط بالتقادم وأن الديمقراطية لا تؤخذ رهينة في حرب النخب. هذه المعركة ليست فقط بين العسكر والإسلاميين، بل بين ماضٍ يحاول العودة ومستقبلٍ يولد من وجع الثورة. والفيصل سيكون دائمًا الشعب السوداني، إن أراد ذلك.
|
|