Post: #1
Title: التسوية السياسية في السودان- ولادة قادمة بأدوات وضغوط جديدة
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 07-23-2025, 03:29 PM
03:29 PM July, 23 2025 سودانيز اون لاين زهير ابو الزهراء-السودان مكتبتى رابط مختصر
السودان على مشارف منعطف حاسم في تاريخه السياسي، فوسط الحطام المتراكم من حرب مدمرة وتفكك مؤسساتي وأزمة إنسانية خانقة، تتبلور ملامح تسوية سياسية جديدة، لكنها هذه المرة تختلف في أدواتها وضامنيها وآليات فرضها. لم تعد المبادرات السودانية وحدها هي المحرك، ولم تعد بيانات الإدانة الدولية مجدية، بل دخلنا في مرحلة "هندسة سياسية دولية مباشرة" تتزعمها اللجنة السداسية (السعودية، الإمارات، أمريكا، بريطانيا، قطر، ومصر في محاولة لصناعة "نموذج ليبي – يمني مُعدّل" على الأرض السودانية. ما الذي تغيّر؟ ولماذا الآن؟ ليست هذه أول مرة يُطرح فيها مشروع تسوية، لكنها قد تكون الفرصة الأخيرة قبل أن يتحوّل السودان رسميًا إلى بلد تتحكم فيه "الدولة الميليشياوية". الجديد هذه المرة هو الآتي- انهيار ثنائية الجيش والدعم السريع كقوة ضابطة: بعد أكثر من عام من الحرب، فقد الطرفان القدرة على فرض أمر واقع عسكري، وبات الفاعل الإقليمي هو من يوزّع أوراق اللعبة. الاستنزاف الشامل للمجتمع السوداني: الانهيار الاقتصادي والنزوح الجماعي والتشظي الاجتماعي فرض على المجتمع الدولي تسريع مسار التسوية خوفًا من تكرار سيناريو الصومال. التحول في الموقف الأمريكي – البريطاني: من بيانات الشجب إلى آليات الضغط والتدخل المباشر، مع استخدام سلاح العقوبات، المحكمة الجنائية، ومنع التمويل الدولي لأي حكومة غير توافقية.
ملامح التسوية القادمة: هندسة دولية لا تفاوض سوداني التسوية تُصاغ الآن بعيدًا عن الطاولة السودانية التقليدية. هذه ليست مفاوضات "جوبا" جديدة، بل صفقة جيوسياسية تتقاطع فيها مصالح النفط، أمن البحر الأحمر، ومكافحة الإرهاب.
1. حكومة تكنوقراط انتقالية (12-18 شهرًا): رئيس وزراء مدني محايد، لا ينتمي لأي طرف عسكري أو أيديولوجي.
حقائب سيادية تُدار بواسطة مستقلين يحظون بثقة دولية.
مراقبون دوليون في الخرطوم، بإشراف اللجنة السداسية لضمان التنفيذ.
2. "تدوير العسكر".. لا إقصاؤهم- الجيش يحتفظ بالخرطوم، مقابل تقليص دوره الاقتصادي وحل مليشياته الرديفة.
الدعم السريع يُعاد تأطيره كقوة أمنية محلية في دارفور، مع تجريد أسلحته الثقيلة.
الطرفان يفقدان شرعية التوسع، مقابل تمثيل سياسي محدود داخل برلمان انتقالي.
3. نموذج فيدرالي مقيد - دارفور تحصل على حكم ذاتي جزئي، تحت إشراف أممي.
توزيع السلطة والثروة يُدار من خلال صندوق دولي لإعادة الإعمار، تشرف عليه اللجنة السداسية.
أدوار اللاعبين الدوليين: مَن يدفع ومَن يُفاوض؟ قطر: تلعب دور الوسيط بين الإسلاميين والمعارضة، وتدفع باتجاه صيغة "إسلام سياسي ناعم". الإمارات: تسعى لضمان تحجيم الدعم السريع دون خسارة مصالحها الاقتصادية. بريطانيا وأمريكا: تطرحان مشروع "عدالة انتقالية"، وتدعمان إصلاح القطاع الأمني، لكن دون الصدام المباشر مع الإسلاميين. مصر: تُحذر من تفكيك الجيش وتتمسك بنموذج "دولة مركزية قوية" مهما كان الثمن. مخاطر حقيقية قد تنسف التسوية استغلال "ورقة إسرائيل" من قبل البرهان لانتزاع دعم غربي، مما قد يُفجّر الشارع السوداني ضد التسوية.
تسلل الإسلاميين خلف المشهد المدني عبر واجهات تكنوقراطية أو تحالفات قبلية.
رفض الفصائل الصغيرة في دارفور والنيل الأزرق التي ترى التسوية تهدد حصصها ووجودها.
هل تنجح التسوية؟ السيناريوهات المتوقعة السيناريو الملامح النسبة المرجح (60%) حكومة مدنية هشة، بوجود نفوذ عسكري غير مباشر، واستقرار مؤقت. الكارثي (25%) فشل التفاهم، تصاعد الصراع، وتمدد المليشيات إقليميًا. المثالي (15%) تحول حقيقي نحو حكم مدني بإقصاء كامل للعسكر والإسلاميين.
التحدي الأكبر- "تفكيك البنية.. لا تهدئة النيران" الرهان ليس على إيقاف المعارك، بل على هدم البنية التي أنتجتها. أي تسوية لا تنزع من الجذور سلطات العسكر، وتضع حدًا لتغلغل الإسلاميين في مفاصل الدولة، هي مجرد هدنة تُجهّز لجولة جديدة من الحرب.
التسوية لن تنجح إلا إذا- أشركت قوى الثورة الحقيقية، من لجان مقاومة ونقابات مستقلة. فرضت رقابة دولية على موارد الدولة، خاصة الذهب والمعابر. قدّمت ضمانات حقيقية للعدالة والمحاسبة.
"صفقة لا تنهي الحرب.. تُمهد لحرب أخرى" السودان لا يحتاج إلى صيغة تعايش جديدة بين جنرالات الحرب، بل إلى عقد اجتماعي جديد يُعيد السلطة والثروة للشعب، ويقضي على فكرة الدولة القائمة على الأجهزة الأمنية والتحالفات الإقليمية.
"أي تسوية لا تُنهي هيمنة العسكر والإسلاميين معًا، ليست تسوية.. بل تأجيل للسقوط النهائي."
|
|