السودان في سياسة ترامب الأفريقية: بين الوعود الدبلوماسية والعقوبات المتناقضة

السودان في سياسة ترامب الأفريقية: بين الوعود الدبلوماسية والعقوبات المتناقضة


07-23-2025, 02:26 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1753234011&rn=0


Post: #1
Title: السودان في سياسة ترامب الأفريقية: بين الوعود الدبلوماسية والعقوبات المتناقضة
Author: احمد التيجاني سيد احمد
Date: 07-23-2025, 02:26 AM

02:26 AM July, 22 2025

سودانيز اون لاين
احمد التيجاني سيد احمد-ايطاليا
مكتبتى
رابط مختصر







بحث و تحليل د. أحمد التجاني سيد أحمد



🧭 مقدمة
في خضم الأحداث المتلاحقة في السياسة الأميركية تجاه أفريقيا، تاهت أخبار السودان في زوايا البيانات الصحفية والجلسات البرلمانية. لكن رغم قلة التغطية الإعلامية، فإن السودان كان — وما يزال — ميدانًا مهمًّا لصراع القوى الإقليمية والدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة.

هذا المقال يقدّم للقراء وصناع القرار السودانيين خلاصة تحليلية متسقة وواضحة لمكانة السودان في السياسة الخارجية لإدارة ترامب، خاصة في المرحلة الثانية التي أعقبت توقيع "اتفاق أبراهام" وتصاعد النزاع الداخلي المسلح.



أولًا: من رفع السودان من قائمة الإرهاب إلى التورط في صفقات التطبيع (2020)
في أكتوبر ٢٠٢٠، أعلنت إدارة الرئيس ترامب عن نيتها إزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بشرط دفع 335 مليون دولار كتعويض لأسر ضحايا الهجمات الإرهابية، إلى جانب الموافقة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وذلك في إطار صفقة سياسية ضمن ما عُرف بـ”اتفاقيات أبراهام”. قُدِّم السودان آنذاك كورقة مساومة في هذه الترتيبات الإقليمية، ووقّعت الحكومة السودانية اتفاقًا لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، رغم المعارضة الداخلية الواسعة وعدم وجود إجماع وطني حول الخطوة.


أما الإجراءات القانونية النهائية لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، فقد استُكملت لاحقًا في عهد إدارة بايدن، بعد موافقة الكونغرس الأميركي في مارس 2021 على قانون التسوية، الذي منح السودان الحصانة أمام الدعاوى القضائية في المحاكم الأميركية. لم يكن هذا التطبيع ثمرة نقاش داخلي سوداني أو قرار سيادي مستقل، بل جاء نتيجة ضغوط خارجية واضحة، في صفقة ثلاثية جمعت بين الخرطوم وواشنطن وتل ابيب.

ثانيًا: السودان يغيب عن الأولويات العلنية… ويحضر في الظل (٢٠٢١–٢٠٢٤)
في السنوات التالية، لم يكن السودان حاضرًا بوضوح في نقاشات السياسة الخارجية الأميركية. انشغلت إدارة ترامب بالصين وإيران، وكان تركيزها في أفريقيا منصبًّا على غانا والكونغو ونيجيريا. في هذا السياق، لم يظهر السودان إلا كـ"ملف أمني" أو "تهديد محتمل"، لا كشعب يسعى للانتقال المدني والسلام.

ثالثًا: مسعد بولس ودبلوماسية "الصراع على السلطة" (٢٠٢٥)
في أبريل ٢٠٢٥، عُيّن مسعد بولس — رجل أعمال لبناني الأصل ومستشار ترامب لشؤون أفريقيا — كمبعوث خاص في ملف السودان. وبدأ بلقاءات مع قوى إقليمية (السعودية، مصر، الإمارات)، فيما عرف لاحقًا بـ"المجموعة الرباعية".
في تصريح بارز له في يوليو ٢٠٢٥، وصف بولس النزاع السوداني بأنه "أكبر كارثة إنسانية في العالم"، لكنه شدّد أن الأمر لا يتعلق فقط بالمجاعة أو الفقر، بل هو صراع على السلطة بين قيادات عسكرية، وليس خلافًا اقتصادياً أو عرقيًا كما يروّج البعض.

رابعًا: تناقضات السياسة الأميركية: وعود بالمساعدة… وعقوبات بالجملة
- في الوقت نفسه الذي سعت فيه واشنطن إلى التوسط بين الفرقاء السودانيين، أصدر ترامب قرارًا بمنع دخول السودانيين إلى الأراضي الأميركية ضمن قائمة الحظر الجديدة.
- كما تم تجميد جزء كبير من المساعدات الإنسانية، مما أدى إلى انهيار برامج التغذية والمراكز الصحية الممولة من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID

- فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على قيادات من قوات الدعم السريع والجيش السوداني، لكنها لم تتبع ذلك بخطة واضحة لدعم الانتقال المدني أو المسار الدستوري.

خامسًا: الدروس للسودانيين
١. السودان ليس أولوية دائمة في الأجندة الأميركية، بل يطفو فقط عند تقاطع مصالح إسرائيل أو النفط أو الهجرة.
٢. الدبلوماسية الأميركية ليست محايدة — هي أداة نفوذ، ويمكن أن تدعم الانتقال المدني نظريًا، لكنها عمليًا تراعي موازين القوى لا المبادئ.
٣. صناع القرار السودانيون يجب أن يدركوا أن الرهان على رضا واشنطن وحده لا يكفي. القوة الداخلية والشرعية المدنية هما ما يفرض احترام السودان في المحافل الدولية.
٤. أي تحالفات مع القوى الدولية يجب أن تكون مشروطة: لا مساعدات بدون شفافية، ولا تدخلات بدون سيادة.



خاتمة
ما بين رفع السودان من قائمة الإرهاب وتوريطه في صفقات سياسية خارجية، ثم تسليط العقوبات عليه في وقت الحرب، يتّضح أن السياسة الأميركية تجاه السودان محكومة بالمصالح لا المبادئ. فهم هذا الواقع هو الخطوة الأولى لبناء سياسة خارجية سودانية وازنة ومبنية على المصالح الوطنية الحقيقية.

📚 المراجع والمصادر
1. موقع وزارة الخارجية الأميركية - أرشيف التصريحات الرسمية، 2020–2025.

2. تغطية صحيفة واشنطن بوست: In Sudan, where children clung to life, USAID cuts have been fatal. Washington Post, June 29, 2025.

3. The Washington Institute: Resolve Sudan’s Conflict – Merge Jeddah and Quad Tracks, June 2025.

4. Al Monitor: After DRC deal, Trump Africa adviser Boulos looking at ‘power struggle’ in Sudan, July 2025.

5. Wikipedia: Sudan–United States relations, Abraham Accords, 2020–2025 updates.

6. موقع SudanEvents.com: ترامب ومستشاره بولس: السودان كارثة إنسانية عالمية، يوليو 2025.

7. Executive Order 14169 – White House Archives, January 2025.

8. Congressional Research Service Reports – U.S. Foreign Aid to Africa: Trends and Issues, 2024–2025.

9. The Economist – Africa’s forgotten war: Sudan’s catastrophic conflict, July 2025.

📌 الهوامش والتوضيحات
• اتفاقيات أبراهام: اتفاقيات وقعتها الولايات المتحدة بين إسرائيل وعدد من الدول العربية (بينها الإمارات، البحرين، السودان، والمغرب) لتطبيع العلاقات، مقابل مزايا سياسية واقتصادية.

• قائمة الدول الراعية للإرهاب: قائمة تصدرها الولايات المتحدة وتضم الدول المتهمة بدعم الإرهاب الدولي، وتشمل عقوبات اقتصادية وقيود على المساعدات.

• USAID: الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، تدير برامج مساعدات إنسانية وتنموية حول العالم، بما في ذلك السودان.

• مجموعة الرباعية: تحالف غير رسمي بين الولايات المتحدة، مصر، السعودية، والإمارات لمتابعة الملف السوداني ومحاولة دعم مسار تفاوضي لإنهاء الحرب.

• مسعد بولس: رجل أعمال ومستشار سياسي من أصول لبنانية، عيّنه ترامب مستشارًا لشؤون أفريقيا عام ٢٠٢٥. لعب دورًا في دبلوماسية السودان بعد فشل مسار جدة.

• قائمة الحظر الجديدة: قرار أصدره ترامب عام ٢٠٢٥ بمنع مواطني عدد من الدول، بينها السودان، من دخول الولايات المتحدة بدواع أمنية مزعومة.


و الي لقاء

د. احمد التيجاني سيد احمد
عضو تحالف تاسيس
٢٣ يوليو ٢٠٢٥ روما إيطاليا