الحلقة الثانية: السودان ليس نبوءة… ولا مهزلة داخلية كتبه د. أحمد التجاني سيد أحمد

الحلقة الثانية: السودان ليس نبوءة… ولا مهزلة داخلية كتبه د. أحمد التجاني سيد أحمد


07-21-2025, 01:18 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1753100339&rn=0


Post: #1
Title: الحلقة الثانية: السودان ليس نبوءة… ولا مهزلة داخلية كتبه د. أحمد التجاني سيد أحمد
Author: احمد التيجاني سيد احمد
Date: 07-21-2025, 01:18 PM

01:18 PM July, 21 2025

سودانيز اون لاين
احمد التيجاني سيد احمد-ايطاليا
مكتبتى
رابط مختصر






يأتي هذا المقال بوصفه الحلقة الثانية في متابعة نقدية بدأتها في سودانيز أون لاين، لتفكيك الخطابات الزائفة التي تحيط بالسودان — بين تنبؤات إعلامية واهية من خارج البلاد، وخطابات تبخيس داخلية تفتقر إلى العمق وتحجب الأمل.

في تسجيل مصوّر متداول، ظهرت ليلي عبد اللطيف وهي سيدة لبنانية معروفة بإطلاق تنبؤات موسمية عبر الشاشات، لتتحدث عن السودان وكأنه مسرح للهواجس، بلا فهم لتاريخه أو تركيبته الاجتماعية أو واقعه السياسي.


تحدثت السيدة اللبنانية عن "السودان" عشرات المرات، لكنها لم تشر إلى عمقه الإفريقي إلا لمامًا، وبشكل سطحي يقتصر على البعد الجغرافي فقط، دون أن تلامس أيًّا من جوانبه الاجتماعية أو الحضارية أو التاريخية. وكأن السودان مجرّد موقع على الخارطة، لا شعبًا متنوعًا ولا حضارةً ضاربة الجذور.

غير أن الأخطر من هذه النبوءات الواهية، هو ما يصدر من بعض السودانيين أنفسهم من خطاب استعلائي ساخر، يُسقِط الواقع المركّب ببساطة مُخِلّة، ويسخر من مشروع التأسيس الوطني وكأنّه محض وهم أو دعاية، لا ثمرة تضحيات مستمرة منذ عقود.

وسط هذا السياق، يتعرّض تحالف تأسيس منذ فترة إلى حرب إعلامية شرسة ومنسّقة، تُنفّذها بقايا النظام السابق (الكيزان) عبر منصات إعلامية، حسابات مموّلة، ووسائل ضغط داخلية وخارجية، بهدف تشويه كل جهد وطني حقيقي، خاصة إذا خرج عن طوعهم أو هدم أساطيرهم.

الهدف من هذه الحملة ليس إبداء رأي أو نقد بنّاء، بل إجهاض مشروع سياسي بديل وحرمان السودانيين من فرصة إعادة بناء دولتهم على أسس جديدة.


فالتحالف يُقدّم طرحًا واضحًا عبر ميثاق تأسيس ودستور مدني جامع، تمت صياغتهما بمشاركة قطاعات من مختلف الأقاليم والطبقات والجهات، رغم ظروف الحرب والشتات.

المبادئ التي يرتكز عليها مشروع التاسيس ليست شعارات، بل التزامات واضحة:
**- بناء دولة مدنية ديمقراطية فدرالية،
**- احترام التنوع الثقافي واللغوي والديني،
**- تأمين العدالة الانتقالية ومحاسبة مجرمي الحرب،
**- تأسيس جيش وطني موحد تحت قيادة مدنية،
**- إنهاء التبعية لمشاريع الإقليم وأوهام الدولة المركزية الأحادية.

الذين يسخرون من هذه المبادئ دون أن يقرؤوا الوثائق أو يكلّفوا أنفسهم عناء النقاش الجاد، يساهمون — عن قصد أو جهل — في تكريس واقع الهزيمة والتشظي.

إن السودان، كما نؤمن به، ليس دولة تنتظر تنبؤًا خارجيًا كي تكتشف ذاتها، ولا شعبًا هشًّا يُستدرج بالوعود. بل هو وطن جديد مبني على تاريخ قديم مميز، ينهض من تحت الأنقاض، ويحمل في داخله كل مقوّمات الحياة والبقاء… فقط إذا تحرّر من الاستعلاء، ومن السخرية المفرطة، ومن تلك العيون التي تنظر إليه من فوق، لا من داخله.

من هنا، فإن الاطلاع على ميثاق ودستور تأسيس ليس ترفًا نخبويًا، بل واجب وطني. ففيهما يُختبر الصدق، وتتجلّى الملامح الممكنة لدولة عادلة يسود فيها القانون، وتُحترم فيها كرامة الإنسان.



د. أحمد التجاني سيد أحمد
عضو تحالف تأسيس
٢١ يوليو ٢٠٢٥ روما ايطاليا