(ما بين موسوعة أثيوبيا وكتاب الطبقات) كتبه د. محمد عبد الله الحسين

(ما بين موسوعة أثيوبيا وكتاب الطبقات) كتبه د. محمد عبد الله الحسين


07-19-2025, 08:33 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1752953622&rn=0


Post: #1
Title: (ما بين موسوعة أثيوبيا وكتاب الطبقات) كتبه د. محمد عبد الله الحسين
Author: د.محمد عبدالله الحسين
Date: 07-19-2025, 08:33 PM

08:33 PM July, 19 2025

سودانيز اون لاين
د.محمد عبدالله الحسين-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




مقدمة:
يهدف هذا المقال إلى التعريف بموسوعة أثيوبيا مع مقارنة موجزة بينها وبين كتاب طبقات ود ضيف الله.
ينطلق المقال من حقيقة عامة وهي العلاقات المشتركة والمشتركات التاريخية والثقافية مع الجارة أثيوبيا. كنت اعثر على ذلك من حين لأخر خلال قراءاتي أو أبحاثي في كثير من الموضوعات المتشابكة والمتداخلة مع أثيوبيا. وكثيرا ما كان ذلك يقودني للتساؤل حول كثير من الحقائق التاريخية خاصة المشتركة منها. لفت نظري دائما اهتمام أثيوبيا بالجدية والحزم المطلوبين نحو تدوين تاريخهم وإرثهم الثقافي. في نفس السياق، لفت نظري خلال بحثي في موضوع يتعلق بالهجرات التاريخية للفلاتا وقبائل غرب أفريقيا إلى الحبشة وأريتريا، أن التوثيق لتلك الهجرات، ولسيرة بعض المدن السودانية المتاخمة لأثيوبيا موجود ضمن ما يسمى موسوعة إثيوبيا. أكد لي مدى الاهتمام ليس بتدوين تاريخهم فحسب بل بإثبات وجودهم في المسيرة الطويلة للحضارة الإنسانية أيضا.
بالطبع أثار موضوع الموسوعة انتباهي مع تسلسل تساؤلات عن الموسوعة من حيث الهدف منها وعن محتواها ومقاصدها. بالطبع لم يغب عن بالي إمكانية وجود أهداف أبعد، وذلك في رأي يتعدى حدود الاحتمال، ولم يغب عن البال تحول الاسم من الحبشة إلى أثيوبيا. وهو الجانب الذي لم نفق بعد عن غفلتنا عنه.
عن الموسوعة:
تعتبر موسوعة إثيوبيا Encyclopaedia Aethiopica عملا قوميا ومنهجيا شاملا. بالإضافة إلى أنه قُصِد بها أن تكون عملا مستوعِبا لكثير من الحقائق التاريخية لأثيوبيا حتى تلك المثيرة للجدل (من قبل الآخرين). تركز الموسوعة على الدراسات الأثيوبية الإريترية في مختلف جوانبها. وتغطي الموسوعة مواضيع في شتى التخصصات مثل: الأنثروبولوجيا والاثنولوجيا، والآثار، والاثنولوجيا، والتاريخ والجغرافيا، اللغات والأدب والفنون، والدين والثقافة والمعلومات الأساسية.
على الرغم من أن أغلب قراء الموسوعة هم من الأكاديميين، إلا أن معظم المقالات في الموسوعة مكتوبة لغير المتخصصين. والموسوعة مزودة بالكثير من الإيضاحيات مثل الخرائط والصور والكثير من هذه الإيضاحيات لم يتم نشرها من قبل.

شارك في كتابة الموسوعة مئات المؤلفين من أكثر من ثلاثين دولة. ويترأس تحرير الموسوعة حالياً بروفسور سيغبيرت أوليغ الذي شغل كرسي التدريس في معهد الدارسات الأفريقية والآسيوية التابع لجامعة هامبورغ. وقد سبقه في المقعد بروفسور أليساندرو باوسي. ويشرف على تطبيق المعايير الأكاديمية العالية فريق من وحدة أبحاث إثيوبيا بجامعة هامبورغ بألمانيا، ويعاون المحررين خبراء من كل التخصصات ومجلس من المشرفين الدوليين. تتضمن الموسوعة ببليوغرافيات شاملة تساعد الباحثين في إجراء البحوث والدراسات.
تعتبر الموسوعة مشروعا دوليا شارك فيه عشرات العلماء من أكثر من ثلاثين دولة بهدف إنجاز عمل مرجعي متعدد المجلدات في الدراسات الإثيوبية والإريترية. وقد توفرت للموسوعة إمكانيات مالية ضخمة. الجدير بالملاحظة أن التمويل تم من قبل عدة مؤسسات ألمانيا وإسرائيلية من بينها: المؤسسة الألمانية للبحث DFG، والمؤسسة الإسرائيلية الألمانية، ومؤسسة زيتفتونغ إبلين وجيرد بوسيريوس الخيرية، ومؤسسة جوانا وفريتز بوخ التذكارية (ألمانية)، و"مؤسسة تعزيز الدراسات الإثيوبية" في ألمانيا، وجامعة هامبورغ.
بدأت فكرة تصميم الموسوعة في وقت مبكر من عام 1994 في مركز هيوب لودولف؛ وبدأ الإعداد المكثف لها في عام 1997 وبدأ نشاط التنسيق والتحرير الفعلي في جامعة هامبورغ في عام 1999. تم نشر الموسوعة في خمسة مجلدات. وأخيرا تم الاحتفال باكتمال المشروع في 16 يوليو 2014.
أهداف الموسوعة:
تهدف الموسوعة بشكل عام إلى توثيق وتسليط الضوء على جوانب مختلفة من تاريخ إثيوبيا وثقافتها، وشخصياتها البارزة في مجالات الإعلام والفنون والمجتمع والسياسة.كما تهدف إلى توفير معلومات موثوقة عن البلاد، بما في ذلك تاريخها، وتنوعها العرقي والديني، وأهميتها الجيوسياسية، واقتصادها، وتحدياتها التنموية. 
ويمكن تلخيص أهداف الموسوعة فيما يلي:
*تهدف الموسوعة إلى التعريف بإثيوبيا وتاريخها وحضارتها ونشر المعرفة بإثيوبيا وإبراز دورها الإقليمي والعالمي.
*تهدف الموسوعة إلى أن تكون مرجعًا شاملاً وموثوقًا به للباحثين والطلاب والمهتمين بإثيوبيا في مختلف المجالات.
*تعزيز الهوية الوطنية وذلك من خلال توثيق تاريخ وحضارة إثيوبيا، تهدف الموسوعة إلى تعزيز الشعور بالانتماء والفخر بالهوية الوطنية لدى الشعب الإثيوبي.
كتاب طبقات ود ضيف الله:
لابد لي أن اعترف بأن معرفتي بهذه الموسوعة ساقتني للمقارنة بيننا وبينهم من حيث الاهتمام بتدوين وتوثيق التاريخ والإرث الثقافي على المستوى القومي. ولم أجد ما يعزّي النفس في تقصيرنا بهذه الناحية إلا وجود بضع أعمال سبقت بأزمان عديدة الإنجاز الأثيوبي. تمثل هذه الأعمال منارات سامقة في هذا الاتجاه خاصة بمقياس الزمن الذي أُنجِزت فيه وبحسبان أنها جاءت بمبادرات فردية. من بين هذه المبادرات كتاب طبقات ود ضيف الله الذي بالرغم من اختلاف النوايا والمقاصد حاول أن يقدم توثيقا مهما لفترة زمنية طويلة خلال دولة الفونج.
خلال بحثي عن معلومات عن موسوعة أثيوبيا وجدت نفسي استعرض مجهوداتنا كسودانيين حول التوثيق القومي لتاريخنا، وإرثنا الثقافي. أستطيع القول إنه على حسب علمي لم أجد ما أحسبه يرقى لما نطمح إليه، باستثناء بضع مجهودات فردية في غياب الرؤية القومية والتنسيق والإشراف المؤسسي. من جانب آخر وبالرغم من هذا القصور، يُعتبر كتاب "طبقات ود ضيف الله" k الذي سبق ظهور موسوعة أثيوبيا بأكثر من مائتي عام كعمل طليعي للتوثيق التاريخي والثقافي المبكر بمعيار الزمن الذي ظهر فيه. كان الهدف كتاب الطبقات كان الهدف منه توثيق سيَر وتراجم الأولياء والصالحين والعلماء والشعراء خلال فترة الفونج. فكتاب الطبقات بالرغم من أنه نتاج عمل فردي إلا أنه تجاوز الهدف من تأليفه ليكون فيما بعد عملا مرجعيا وتوثيقيا قيما. فكتاب الطبقات قدم صورة وافية عن الأشخاص/العوامل المؤثرة في المجتمع في ذلك الوقت. بالإضافة لذلك قدم الكتاب ملمحا واضحا عن البيئة الثقافية والتصورات والفهم الشعبي للدين والحياة في ذلك الوقت. علما إن ما ورد في كتاب الطبقات يلقي الضوء على الهوية العربية والإسلامية وهي في بواكير تشكُّلِها.
عند محاولة تقييم كتاب الطبقات لا بد من أن نضع في الاعتبار الظروف والسياقات التي صاحبت تأليفه، والإمكانات المتاحة، من قِبل مؤلف وحيد. بالتالي فإن كتاب الطبقات وفق الظروف المشار إليها إلا أنه يعتبر محاولة سديدة، تستحق الإشادة باعتبارها محاولة مبكرة. ومن الخطل بالتالي تقييمه وفق ظروفٍ غير نلك التي أُلِّف فيه الكتاب.
خاتمة:
أعتقد من خلال استعراض مشروع موسوعة اثيوبيا أننا في السودان في حاجة لعمل شبيه بذلك.
أعتقد في ظل التوهان والتشظي والتشرذم والتباعد الفكري والاجتماعي تجاه تاريخنا وحاضرنا، وتعدد الرؤى والتفسيرات المتضاربة لبعض جوانب تاريخنا أننا في حاجة لمراجعة لموقف موحد تجاه تاريخنا. بالطبع لا أتحدث عن مجرد عمل توفيقي أو تلفيقي متهافت، بل أتحدث عن عمل علمي ومنهجي يحظى بالقبول. بعبارة أخرى إن وجود رؤية قومية شاملة للملمة الجهود تجاه تاريخنا ضرورة وطنية كبرى. إن وجود رؤية وجهد قومي في هذا الاتجاه سيساعد في رتق الفتق الاجتماعي وفي ردم الفجوة بين المكونات المجتمعية. بالإضافة إلى ذلك فإن وجود مرجع قوميا للدراسات التاريخية والثقافية وموئلا معتمدا وموحدا للرجوع لهو مطلب ضروري للدارسين والأكاديميين والباحثين.
المراجع:
1-الموقع الشبكي للمعهد الأفريقي الآسيوي -جامعة هامبورج aai.uni-hamburg.de/en/ethiostudies/research/encyclopaedia/eae.html
2-(تاريخ مدينتي القضارف وسنّار.. من منظور إثيوبي) مقال منشور، صحيفة مداميك أغسطس 2024.
2-ويكبيديا إنجليزي
3-ويكبيديا عربي
4-كتاب طبقات ود ضيف الله
(د. محمد عبد الله الحسين)