أمل فقدت القلم وبكت كتبه حافظ يوسف حمودة

أمل فقدت القلم وبكت كتبه حافظ يوسف حمودة


07-18-2025, 01:02 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1752840130&rn=0


Post: #1
Title: أمل فقدت القلم وبكت كتبه حافظ يوسف حمودة
Author: حافظ يوسف حمودة
Date: 07-18-2025, 01:02 PM

01:02 PM July, 18 2025

سودانيز اون لاين
حافظ يوسف حمودة-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر





في ضجيج الخيبات ، جلست ( أمل ) على عتبة مدرسة أغلقت أبوابها ، تفتّش عن قلم ضائع ، كان القلم رمزا لوطن أراد أن ينهض بالعلم ، فتعثر في وحل الجهل والمحاصصة والهوس . حين لم تجد القلم ، بكت بدموعها وجع وطن بأسره يضيع بين الركام .

يتسابق العالم في ميادين الذكاء الاصطناعي واستكشاف الفضاء ، والسودان مكبّلًا بسلاسل صراعات سياسية وتوازنات قبلية ومناطقية عقيمة لا تجلب إلا الخيبة ، لأننا لم نعد نؤمن بأن العلم وحده هو السبيل للخلاص .

الصين الكافرة في إطار تنافسها مع الولايات المتحدة ، ألغت في سنة واحدة 1650 تخصصا في مجال الآداب واللغات والإدارة ، واهتمت بتخصصات الهندسة والتقنية مثل هندسة الذكاء الاصطناعي وهندسة الروبوتات الذكية وهندسة الجزيئات الذكية وعلوم الحياد الكربوني والأمن السيبرالي المتقدم .

حصدنا من تجربة ثلاثين سنة من حكم الهوس واللصوصية بمشروعهم الحضاري وبثورة التعليم العالي جيلا من عاطلي الفكر ومغيبي الوعي بمخدرات الايس والترادمول، ورثنا مجتمع مفكك فاسد صدرنا انتاجنا للعالم عبر دبلوماسية ثقافية فاجرة آلاف المغنيات (القونات) بلا حشمة تضج بهم وسائل التواصل الاجتماعي كواجهة للسودان العظيم .

الأمم من حولنا نهضت على عقول علمائها ومؤسساتها التعليمية . عندنا يتم تغييب الباحثين وتهميش الكفاءات ، حتى تحوّل العقل السوداني المبدع إلى لاجئٍ في مختبرات الغربة ، أو ساكن في وطن لا يحتفي به أحد . الولاءات والمحاصصة لا تحققان تنمية ولا عدالة . حين يتولى الجاهل منصب العالِم ، ويُستبعد المبدع ليُقرب المطيع ، فإن النتيجة الحتمية هي الانهيار ، في الأداء الحكومي وفي الروح الوطنية ذاتها .

كان يمكن للسودان أن يكون واحة علم في إفريقيا ، فقد أنجبت هذه الأرض مفكرين وعلماء ومهندسين من طراز عالمي ، لكنهم في لحظة الحقيقة ، وجدوا أبواب الوطن موصدة في وجوههم ووجدوا الكراسي تُقدَّم لمَن يُجيد التملق .

الواقع الآن أمامنا ، حين تم تعيين الدكتور كامل إدريس رئيسًا للوزراء ، كان الرجل يحمل سجلًا مشرفًا في المحافل الدولية ، ووعد بتشكيل حكومة من الكفاءات . لكن ، وكما هي العادة في هذا الوطن المُنهك ، اصطدم الأمل بجدار الواقع . فلم يتمكن إدريس إلا من تعيين وزير واحد يُشهد له بالكفاءة ( البروف المنصوري ) ، فغرق كامل في مستنقع المحاصصات والفوضى السياسية فكيف لحكومة مثل هذه أن تخطو خطوة واحدة إلي الأمام .

( أمل ) بكت لأنها فقدت قلمًا ، ولأنها شعرت أن لا أحد في هذا الوطن يقدّر القلم لأن الحروب ( عبثية ) تشتعل بلا أسباب والمدارس تُغلق ، والعقول تُقصى ، والمناصب تُقسَّم كما تُقسم الغنائم بين المهزومين . إن لم نسلّم أمر هذا الوطن للعلماء ، ونحكم بالكفاءة ، فسنظل نبكي كما بكت "أمل"، ونفتش في ركام الخراب عن وطن قد لا نجده أبدا .

حافظ يوسف حمودة
18/يوليو/2025