Post: #1
Title: بورتسودان مسرح جديد لحكم الغنائم كتبه مها طبيق
Author: مها الهادي طبيق
Date: 07-10-2025, 08:29 PM
08:29 PM July, 10 2025 سودانيز اون لاين مها الهادي طبيق-Sudan مكتبتى رابط مختصر
في الأيام الأخيرة ، أصبحت مدينة بورتسودان مسرحًا لحركة سياسية غير معلنة . هذه الحركة نراها في الاجتماعات المغلقة داخل مكاتب العسكر وقاعات الفنادق . هناك تُصنع سلطة مدنية مزيفة يقودها تحالف بين بقايا النظام السابق والعسكر وبعض الشخصيات التي تظهر وكأنها مدنية . ما يحدث وراء الكواليس هو تسابق سريع للسيطرة على مؤسسات الدولة منها أسماء كثيرة تظهر وتختفي ، وكأن هناك سباقًا مع الزمن لكن المسألة ليست فقط من يحكم ، بل من يتحكم في المال والثروات ويوقّع العقود .
هنا نصل للجانب الأخطر في ما يحدث الآن وهو كيف أصبحت وزارات مهمة مثل المالية والمعادن تُستخدم كأدوات لتوزيع النفوذ والنهب . حصلت بعض حركات الكفاح المسلح على هذه الوزارات ، وبدل أن يكون ذلك خطوة نحو العدالة ، تحوّلت هذه الوزارات إلى أدوات جديدة للفساد فوزارة المالية لم تعد تهتم فقط بإدارة الميزانية ، بل أصبحت وسيلة لشراء الولاءات وتوزيع الحصص بين الأطراف المتحالفة . أما وزارة المعادن فقد تحوّلت إلى بوابة للنهب الرسمي للذهب ، حيث يتم توقيع عقود مع شركات مشبوهة لا يعلم أحد من يملكها .
في الواقع الوزارات أصبحت تُستخدم لسرقة موارد السودان من الداخل تحت غطاء مدني غير حقيقي . اللاعبون الحقيقيون اليوم في بورتسودان هم بقايا النظام السابق الذين عادوا للمشهد بتحالفات خفية مخادعة ، والعسكر الذين ما زالوا يسيطرون على الأرض ، وبعض الحركات المسلحة التي انتقلت من المطالبة بالتغيير إلى المشاركة في تقاسم الغنائم . الحكومة المزمع تشكيلها هذه الأيام ليست حكومة وطنية ، بل واجهة مزيفة تخفي مصالح عميقة تستغل معاناة الناس وانشغالهم بالبحث عن لقمة العيش .
ما يدفع المواطن للغضب هو أن الذهب الذي يُستخرج من مناطق مثل النيل الأزرق والشرق والشمالية لا يُستخدم لتحسين الصحة أو التعليم بل يُباع في صفقات غامضة لمصلحة فئة صغيرة . وبدل أن تُبنى ميزانية الدولة على خطط تنموية يتم توزيعها وفق صفقات سياسية بين العسكر والفلول والحركات المسلحة . والحديث عن الاستقرار لا يهدف لخدمة المواطن، بل لحماية مصالح خاصة وعقود مالية كبيرة .
المدنية التي يُروّج لها الآن في بورتسودان بتولي كامل إدريس رئاسة الوزراء تعني الفساد المقنن المحمى بحصانة السلطة . ولهذا من المهم أن يعرف المواطن أن من يسيطر على الذهب ، يسيطر على القرار ، ومن يملك المال ، يملك النفوذ ، ومن يُبعد الشعب عن المشاركة لا يبني دولة ، وإنما يُعيد إنتاج نفس النظام القديم بوجوه جديدة . ما يجري الآن في بورتسودان دولة عسكرية تحت مسميات مدنية زائفة واستمرار لحكم المصالح بطرق جديدة تغلفها شعارات فارغة .
مها الهادي طبيق 10/يوليو/2025
|
|