Post: #1
Title: العد التنازلي لنهاية الكيزان في السودان بدأ كتبه حافظ يوسف حمودة
Author: حافظ يوسف حمودة
Date: 07-09-2025, 02:14 PM
02:14 PM July, 09 2025 سودانيز اون لاين حافظ يوسف حمودة-Sudan مكتبتى رابط مختصر
هل بدأ العد التنازلي لتحديد مستقبل السودان ؟ فبعد عقود من سيطرة الإسلاميين على مفاصل الدولة منذ انقلاب عام 1989 ، تلوح في الأفق نهاية هذا النفوذ بشكل دراماتيكي وغريب . وسط ضغوط دولية وإقليمية متسارعة ، يجد الفريق أول عبد الفتاح البرهان نفسه اليوم محاصرا بين متطلبات التطبيع مع إسرائيل ، ومطالب الغرب بإبعاد الإسلاميين عن السلطة كمفتاح لوقف الحرب ، في مقابل وعود بدعم سياسي وعسكري واقتصادي لنظام حكمه .
التاريخ يعيد نفسه بشكل لافت . ففي مطلع الألفية ، ضحّى الرئيس المعزول عمر البشير بحليفه الأيديولوجي حسن الترابي ، استجابة لضغوط خارجية ، في محاولة للبقاء في السلطة . واليوم ، يبدو أن البرهان يسير على الدرب ذاته . إسرائيل تتهمه بالتقارب مع إيران وحركة حماس ، ما يضعه تحت مجهر اليمين الأمريكي ، الذي لا يرغب في استمرار أي تيار إسلامي في حكم بلد استراتيجي مثل السودان ، خاصةً بعد أن صُدم برؤية ملايين السودانيين يثورون في 2019 لإسقاط حكم الإسلاميين .
هذه الضغوط دفعت البرهان إلى تعديل نبرة خطابه السياسي ، وتقديم نفسه كقائد براغماتي مستعد للفصل بين الدولة والإسلاميين . فالتطبيع مع إسرائيل بات شرطًا للحصول على القبول الدولي ، والدعم الاقتصادي ، والضمانات السياسية . لكن الأمريكيين ، في المقابل ، لا يريدون انهيارا مفاجئا للنظام قد يُدخل البلاد في دوامة جديدة من الفوضى ، لذلك يفضّلون الإبقاء على الجيش كقوة ضابطة ، بشرط التخلص من رموز الإسلاميين داخله .
الواقع يقول إن السودان أمام خيارين أحلاهما مر : إما الرضوخ للضغوط الغربية والإقليمية عبر التضحية بالإسلاميين ، أو الدخول في عزلة سياسية وأمنية قد تفتح الباب لفوضى جديدة . هذا السيناريو قد يمنح قائد قوات الدعم السريع المدعوم من دولة الإمارات ، مساحة أكبر من التأييد والدعم الغربي ، خاصةً في ظل استعداده المعلن للتطبيع مع إسرائيل "اليوم قبل غدًا" .
إنّ القرار في مصير الوطن يحتاج إلى شجاعة ، وإلى قراءة دقيقة للمشهد السياسي والأمني ، وإلى مشاورة حقيقية مع القوى المدنية المعارضة للبرهان . ولا يمكن الخروج من هذا النفق المظلم إلا من خلال إطلاق مشروع وطني جامع ، يُنهي إرث تجربة الإنقاذ التي امتدت لأكثر من ثلاثين عامًا عجافا ، نحصد نتائجها اليوم دمارا شاملا طال البلاد والعباد . والله المستعان .
حافظ يوسف حمودة 9/ يوليو/ 2025
|
|