ماذا يريد الجاكومي من السودان ؟ كتبته 
مها طبيق

ماذا يريد الجاكومي من السودان ؟ كتبته 
مها طبيق


07-06-2025, 04:11 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1751814689&rn=0


Post: #1
Title: ماذا يريد الجاكومي من السودان ؟ كتبته 
مها طبيق
Author: مها الهادي طبيق
Date: 07-06-2025, 04:11 PM

04:11 PM July, 06 2025

سودانيز اون لاين
مها الهادي طبيق-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر





في ظهوره عبر قناة الجزيرة أطلق محمد سيد أحمد ( الجاكومي ) تصريحًا مثيرًا للجدل قال فيه "نحن السلطة وصناعها منذ 1956 وبدء تدريب 50 ألف مقاتل سوداني في إريتريا" . هذا التصريح لا يمكن اعتباره مجرد رأي شخصي بل يمثل ذهنية نخبوية ترى في التاريخ صك ملكية دائم للسلطة وترى في الوطن مجالًا مغلقًا على نخبة ورثت الدولة منذ الاستقلال وتتصرف كأن الشرعية تُستمد من الماضي لا من الشعب .

عبارة "نحن ورثة 1956" تكشف عقلية لا ترى في السلطة مسؤولية بل إرثًا لا يحق لغيرها الاقتراب منه وهذا ما قاد البلاد إلى دورة مستمرة من الإقصاء والتهميش وفشل التأسيس لدولة عادلة ومشتركة . الأخطر أن الجاكومي لم يكتفِ بالحديث عن وراثة رمزية بل كشف عن 50 ألف مقاتل سيتم تدريبهم في إريتريا مما يثير تساؤلات خطيرة حول شرعية هذه القوات وأهدافها وطبيعة العلاقة مع دولة أجنبية تقدم معسكرات تدريب لقوة سودانية بدون تفويض من مؤسسات الدولة أو وبدون إتفاقيات رسمية بين دولتين .

إننا أمام مشهد غريب وعجيب يعيد إنتاج الأساليب القديمة باستخدام السلاح بدل السياسة والتحالف مع الخارج بدل الإجماع الداخلي وتحويل اتفاق السلام من أداة لحل النزاعات إلى مظلة لتكوين مليشيات عابرة للحدود . إريتريا بدورها تقف في موقف مريب فصمتها إزاء هذه التصريحات لا يمكن تفسيره إلا كنوع من التواطؤ إذ تشير التقارير إلى أن بعض هذه القوات تضم عناصر من جنسيات غير سودانية وربما من جنود سابقين في صراعات إقليمية مما يعني أننا أمام مشروع عسكرة بلا هوية وطنية قد ينفجر في أي لحظة .

ما يجري الآن ليس مجرد انحراف عن مسار السلام بل هو تهديد مباشر لوحدة السودان واستقراره فالحديث عن قوات يتم تدريبها خارج الحدود وتمويلها وتسليحها بدون مرجعية وطنية يمثل أخطر ما يمكن أن تواجهه الدولة في لحظة ضعف وانهيار مؤسساتها . يجب التعامل مع تصريحات الجاكومي بجدية ومساءلته قانونيًا وسياسيًا كما يجب فتح تحقيق دولي عاجل حول طبيعة هذه القوات ودورها ومصادر دعمها بالإضافة إلى مطالبة إريتريا بتوضيح موقفها الرسمي من هذه الأنشطة التي تهدد أمن السودان والمنطقة .

السودان لا يحتاج إلى ورثة يتحدثون باسم الماضي بل إلى مواطنين شركاء يصنعون مستقبلًا جديدًا قائمًا على العدالة وتوزيع السلطة والثروة لا على إعادة تدوير سلطة مركزية تستدعي التاريخ كسلاح وتستدعي الخارج كحليف . وهذه هي الكارثة .

مها الهادي طبيق
6/يوليو/2025