Post: #1
Title: إثيوبيا تعلن افتتاح سد النهضة في ظل استمرار حدة الصراع حوله كتبه تاج السر عثمان
Author: تاج السر عثمان بابو
Date: 07-05-2025, 03:21 PM
03:21 PM July, 05 2025 سودانيز اون لاين تاج السر عثمان بابو-السودان مكتبتى رابط مختصر
١ اعلن رئيس الوزراء الاثيوبي أبي أحمد الخميس أن سد النهضة قد اكتمل، ومن المقرر افتتاحه رسميًا في سبتمبر. وأشار في حديثه أمام البرلمان، إن عملية بناء السد لم تؤثر على مخزون المياه في السد العالي المصري، مؤكدًا أيضًا أن السد لم يتسبب بأية أضرار سلبية لمصر أو السودان. ومعلوم أن إثيوبيا بدأت في فبراير 2022 توليد الكهرباء في المشروع الضخم البالغة كلفته 4,2 مليارات دولار والواقع في شمال غربي البلاد على بعد 30 كيلومترا من الحدود مع السودان. وعند تشغيله بكامل طاقته، يمكن لهذا السد الذي يمتد على طول 1.8 كيلومتر وارتفاع 145 مترا، وتصل سعته إلى 74 مليار متر مكعب من المياه، أن يولد أكثر من 5 آلاف ميغاوات من الطاقة وهذا سيجعله أكبر سد كهرومائي في أفريقيا، وسينتج أكثر من ضعف إنتاج اثيوبيا الحالي. واحتج السودان ومصر على المشروع باعتباره يهدد إمداداتهما من مياه النيل، وطالبا إثيوبيا مرارا بوقف عمليات ملء السد، بانتظار التوصل إلى اتفاق ثلاثي حول أساليب تشغيل السد. وكان سد النهضة الذي بدأ العمل فيه منذ عام ٢٠١١ نقطة خلاف بين دول حوض النيل. ولا تزال المفاوضات جارية مع إثيوبيا ومصر والسودان، لكنها لم تُسفر بعد عن اتفاق شامل بشأن تشغيل السد ٢ وكنا قد تابعنا في دراسة سابقة بعنوان " سد النهضة واشتداد حدة الصراع على الموارد" ٠ ولاباس من إعادة نشر خلاصتها كما في الآتي : تابعنا في الدراسة قضية سد النهضة مع أخر المستجدات، وفي ارتباط مع اشتداد حدة الصراع على الموارد، واتساع هوة الخلاف بين إثيوبيا والسودان ومصر بسبب إصرار الجانب الإثيوبي على ملء السد في موعده، مع اتجاه السودان ومصر للتدويل واللجوء لخيار الحرب كحل أخير إذا انسدت جميع الطرق السلمية، من جانب آخر أبدت الولايات المتحدة رغبتها في التدخل بشكل أكبر لدفع المفاوضات المتعثرة بين الأطراف الثلاثة السودان ومصر وإثيوبيا، والوصول لاتفاق مرضي لكل الأطراف، إضافة لضرورة وصول مصر والسودان لاتفاق قانوني بشأن السد. فضلًا عن تخوف السودان من الخطوات الأحادية الإثيوبية التي يمكن أن تشكل تهديدًا لسلامة المنشآت المائية ومواطنيه وكل الأنشطة الاقتصادية على ضفاف النيل الأزرق والنيل الرئيسي، إضافة لاعتزام السودان مقاضاة شركة "ساليني الإيطالية" المنفذة لسد النهضة، ولكن الشركة الإيطالية ليست وحدها العاملة في السد، فهناك إسرائيل، وأمريكا، والبنك الدولي، والصين والإمارات والسعودية. الخ. إضافة لإصرار الجانب الإثيوبي على الملء الثاني لسد النهضة في الموعد المقرر،، إضافة لمشاكلها مثل: أزمة القتال في إقليم تيغراي شمالي البلاد، الذي انفجر فيه القتال في نوفمبر الماضي بين المتمردين والحكومة المركزية، ومقاومة أبناء إقليم بني شنقول التهميش والاضطهاد العرقي.. ٣ تساءل الكثيرون لماذا إصرار الجانب الإثيوبي على بناء السد الضخم لتوليد الطاقة الكهربائية، بدلًا عن الاتجاه لبدائل أخرى مثل: الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فقد أكدت التجارب في السدود الكبيرة، أن التوليد الكهربائي يقل مع مرور الزمن بسبب تراكم الطمي، إضافة لتشريد الألاف من أراضيهم وتدمير البيئة بقطع الأشجار، وإغراق الآثار التاريخية، كما حدث لسكان مدينة حلفا والمناصير بسبب قيام السد العالي ومروي، فضلًا عن أن السد العالي لم يوفر الكهرباء للسودان، رغم التضحية بإغراق مدينة حلفا، وإن سد مروي اتسم بالفساد في إنشائهّ، ولم يوفر الكهرباء اللازمة، وأصبحت تكلفته التي تتجاوز 2 مليار دولار عبئًا ضمن ديون السودان، وحسنًا قاوم أبناء دال وكجبار وقدموا الشهداء حتى تمّ إلغاء مشروعي خزان كجبار ودال الذي يعني المزيد من إغراق منطقة النوبة وتدمير كنوزها الأثرية وتشريد أهاليهم.. كما تتفاقم أزمة الحكم في السودان، بسبب هيمنة المكون العسكري الذي يسير في التصعيد العسكري علمًا بأنه ليس جادًا في الدفاع عن سيادة وحقوق البلاد في مياه النيل، بل يهدف لعسكرة البلاد ووقف التحول للحكم المدني الديمقراطي في البلاد، والاتجاه لمصادرة الحقوق والحريات السياسية، كما في مسودة قانون الأمن المقترح الذي يعيد البلاد لمربع النظام البائد في الاعتقال التحفظي ومصادرة الحريات والقمع، إضافة لخرق الدستور كما في التعديل للوثيقة الدستورية بعد اتفاق جوبا الذي تعلو بنوده على "الوثيقة الدستورية" وتكوين مجلس شركاء الدم، واشتداد حدة الغلاء بسبب تخفيض العملة والخضوع لشروط صندوق النقد الدولي، وانعدام خدمات الصحة والدواء والتعليم بدلًا من توفيرها كما أشارت "الوثيقة الدستورية"، وانعدام الأمن، وخرق الدستور في تكوين المجلس التشريعي المؤقت، بعد انقضاء فترة الـ (3) أشهر لصلاحية مجلسي السيادة والوزراء في التشريع، والتطبيع مع إسرائيل التي تدعم قيام سد النهضة، لتحويل مياه النيل إليها!!! وقيام القاعدتين العسكريتين في بورتسودان لروسيا وأمريكا. إضافة لأزمة سد النهضة، تعاني مصر من مشاكل مثل: الخضوع لشروط البنك وصندوق النقد الدوليين بتخفيض العملة وتعويم الجنيه المصري، والوقوع في فخ الديون الخارجية التي تجاوزت 120 مليار دولار، وانخفاض مستوى الأجور والإنفاق على التعليم والصحة مما أدى لتفشي وباء كورونا، وتأثر السياحة بسبب كورونا، وتراجع أسعار النفط والوقود، مشكلة الانفجار السكاني، والفساد، وعسكرة الاقتصاد مع ضعف المكون المدني، مما لا يشجع المستثمرين من الخارج، إضافة لقمع المعارضة ومصادرة الحقوق والحريات الديمقراطية. كما تفجرت الأزمة بين مصر والإمارات بسبب تمويل ودعم الإمارات لسد النهضة الذي يضر بمصالح وحياة المصريين، هذا إضافة لرفض إثيوبيا مقترح السودان للوساطة الرباعية بينما وافقت مصر عليه، ويرى الجانبان السوداني والمصري أن إثيوبيا تراوغ في الوصول لاتفاق وتعمل على شراء الزمن لتجعل الملء الثاني للسد أمراً واقعًا، كما حدث في الملء الأول لسد النهضة دون اتفاق أو إخطار، إضافة لطرح إثيوبيا مطلب جديد وهو أن يكون لها نصيب من مياه النيل بدلًا عن توليد الطاقة الكهربائية فقط، وحقها في بيع هذه المياه، مما يؤكد دور إسرائيل الذي أشرنا له سابقًا، للاستحواذ على مياه النيل، بحكم علاقتها مع إثيوبيا ودعمها العسكري لإثيوبيا في حماية سد النهضة.. كما دفعت الولايات المتحدة بمبعوث جديد في القرن الإفريقي لإيجاد حل وإنهاء عدد من الأزمات، وأبرزها أزمة ملف سد النهضة، علمًا بأنها والبنك الدولي وإسرائيل من الداعمين لسد النهضة و منحازة مع الاتحاد الإفريقي للجانب الإثيوبي، فكيف تكون الخصم والحكم؟..
٤ التطورات الأخيرة توضح ما أشرنا إليه سابقًا من أن أزمة سد النهضة لا يمكن تناولها بمعزل عن اشتداد حدة الصراع السياسي والاقتصادي والطبقي على المستوى المحلي والإقليمي والدولي على الموارد (الزراعية والحيوانية، الأراضي الخصبة، مياه النيل، المعادن… الخ) والذي تصاعدت وتائره بعد الأزمة العامة للرأسمالية، واشتداد حدة التنافس بين مراكز الرأسمالية العالمية، وبينها والصين وروسيا، وتزايد وتائر سباق التسلح، والمزيد من بناء القواعد العسكرية، كما في منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي، إضافة لتسارع الأحداث على حدود السودان مع إثيوبيا ، بسبب النزاع على الفشقة وملف سد النهضة. فقد بدأ الخلاف بمطالبة دول المنبع لمراجعة الاتفاقات التي أبرمها الاستعمار البريطاني في الفترة (1891 - 1959) في غياب دول المنبع، والتي نالت فيها مصر نصيب الأسد، وتم تأكيد حقوق دول المنبع في "اتفاقية عنتيبي"، و "إعلان المبادئ"، إعلان إثيوبيا رسميًا عن مشروع سد النهضة. واستمرت جولات المفاوضات لأكثر من عشر سنوات، التي انتهت بانهيار الجولة الأخيرة في الكونغو (كنشاسا)، والقت مصر والسودان اللوم على تعنت إثيوبيا التي ترى أنه تم سلب دول المنبع حقها في المياه لصالح دولتي المصب (السودان، ومصر)، كما استغلت إثيوبيا في قيام سد النهضة الظروف الموضوعية التي مرت بها مصر خلال ثورة 25 يناير 2011، وضعف نظام البشير المتهالك الذي فرّط في حقوق السودان التاريخية في مياه النيل، وفي منطقة الفشقة التي احتلها الإثيوبيون، وعدم مطالبته بعودة إقليم بني شنقول الذي يقام عليه سد النهضة إلى السودان، وتغير موازين القوى العالمية لمصلحة إثيوبيا، بالدعم غير المعلن في البداية من أمريكا وإسرائيل لإثيوبيا مما حفزها للتشدد للمضي قدمًا في بناء السد، إضافة للتوقيع على "إعلان المبادئ". كما وضح أن إسرائيل ليست داعمة فقط لسد النهضة، بل أعلنت تركيب منظومة دفاع صاروخية لحماية سد النهضة، وفشلت كل الوساطات المصرية مع إسرائيل لوقف هذه الخطوة، مما يجعل من الصعب أن يقوم بأي خطوة من شأنها التورط في صدام عسكري قد يهدد وجوده.
|
|