ما يجب أن يُقال لمن يصنعون الفتنة- السودان ليس حقل تجارب #

ما يجب أن يُقال لمن يصنعون الفتنة- السودان ليس حقل تجارب #


07-03-2025, 04:11 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1751512279&rn=0


Post: #1
Title: ما يجب أن يُقال لمن يصنعون الفتنة- السودان ليس حقل تجارب #
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 07-03-2025, 04:11 AM

04:11 AM July, 02 2025

سودانيز اون لاين
زهير ابو الزهراء-السودان
مكتبتى
رابط مختصر






في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ السودان، حيث الريح تنذر بالعاصفة، والبلاد تقف على حافة هاوية جديدة، لا بد من وقفة صريحة وجريئة: وقف تشكيل الحكومة في ظل الانقسام الحالي ليس تعطيلًا للمسار، بل إنقاذٌ له.
لسنا أمام اختلاف سياسي بسيط، بل أمام مشروع سلطوي قد ينتهي بتمزيق ما تبقى من وحدة وطنية هشة. إن تشكيل حكومة في هذا السياق ليس حلًا، بل شرعنةٌ لانقسامٍ قائم، ومقدمةٌ لانفجار دموي لن يُبقي ولن يذر.
رقعة على جرحٍ نازف
كيف تبنى حكومة على ركام الثقة المهدومة؟
في غياب توافق وطني حقيقي، تصبح أي حكومة "رقعة فوق جرح نازف"، لا توقف النزيف ولا تعيد الحياة. لا يمكن كتابة دستور جديد بمداد الإقصاء، ولا يمكن حقن دم الوطن في عروق سلطة مفروضة بالتراضي المزيف.

شيطنة الهامش: القناع الذي يسقط
ما أسهل إطلاق تهمة "العمالة" و"الارتزاق" على من يطالب بتغيير جذري!
هذا الاتهام ليس نقاشًا أخلاقيًا بريئًا، بل أداة أيديولوجية لحماية الامتيازات.

كلما نهض صوت من الهامش مطالبًا بإعادة تعريف الدولة على أسس عادلة، جُوبه بخطاب التخوين. لكنها ليست المرة الأولى:

أليس هو ذات المركز الذي وقّع اتفاقية ١٩٧٤ مع شيفرون الأمريكية، متنازلاً عن ٦٠٪ من نفط الجنوب دون استشارة أهله؟
أليست هي النخبة التي سلّمت ميناء بورتسودان للإمارات بصفقة "أم درمان" المشبوهة في ٢٠٢٣؟

ما أسهل شتم الهامش بالارتزاق، وما أصعب الاعتراف بخيانات المركز نفسه!

من يتاجر بالوطن حقًا؟
لنُزِل الأقنعة عن خطاب الوطنية الأحادية:

التواطؤ مع المستعمر للحفاظ على الامتيازات.

بيع موارد البلاد بثمن بخس لأصدقاء السلطة.

إدارة السودان بعقلية استعمار داخلي، يهمش الأطراف ويصادر حقوقهم.

خطاب المركز يحب أن يتجمل بالوطنية، لكنه يغطي تاريخًا مثقلاً بالصفقات المشبوهة والخيانات المغلفة بالدبلوماسية.

التكفير السياسي وتمزيق الوطن
حين يُجرّد الهامش من شرعية نضاله، لا يُترك أمامه إلا خيار البندقية.
هذه الأداة القمعية – التخوين – هي التي أعادت إنتاج الدكتاتورية، وقوضت الديمقراطية، ومزقت النسيج الاجتماعي على خطوط العرق والدين والجهة.

نحو وطن يتسع للجميع
حان وقت تفكيك الوطنية الزائفة.
الوطن ليس ملكًا حصريًا للمركز أو لهويته.
مقاومة الهامش للظلم هي ذروة الوطنية الحقة.

إن تحالفات الهامش مع الخارج ليست بالضرورة بيعًا للوطن، بل أحيانًا صرخة استغاثة من آلة القمع المركزية.
حين يتحالف كفاح دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق مع الضمير العالمي، فهو دفاع عن الحق في الحياة، لا مقايضة بالسيادة.

أسس السودان الجديد
لا بد من بناء عقد اجتماعي جديد على أسس واضحة:

الركيزة المضمون
مساواة في المواطنة إلغاء التمييز العرقي والديني والثقافي
فصل الدين عن الدولة ضمان حياد الدولة تجاه المعتقدات
الاعتراف بالتعدد دسترة التنوع كعنصر قوة في الوطن
العدالة التاريخية تعويض شعوب الهامش عن عقود الإقصاء والإبادة

نموذج عملي للحل
ليس النقد فقط هو المطلوب، بل تقديم بديل عملي وقابل للتنفيذ:

المرحلة آلية التنفيذ ضمانات النزاهة
وقف تشكيل الحكومة تجميد البرلمان الانتقالي مراقبة دولية (الاتحاد الأفريقي/الأمم المتحدة)
الحوار الوطني مؤتمرات محلية في ٨ ولايات تمثيل ٤٠٪ للنساء والشباب
المؤتمر الدستوري صياغة عقد اجتماعي عبر لجان فنية استفتاء شعبي على الدستور

كلمة أخيرة
وقف إجراءات تشكيل الحكومة ليس نكوصًا عن الانتقال، بل فرصة لتصحيحه وإنقاذه من مستنقع التكرار المأساوي.

ليست هذه صرخة يأس، بل دعوة لإعادة البناء من تحت الأنقاض... من دارفور إلى الجزيرة، من جبال النوبة إلى شواطئ بورتسودان، سيُكتب دستورنا بأيدي أبنائنا، لا بأقلام مرتزقة.

الوطن ليس حقل تجارب، لكنه قد يصير – إن أردتم – حقل قمحٍ يشبع الجياع، أو سدًّا يروي العطشى.
الأمر بأيدينا إما أن نؤسس دولة المواطنة المتساوية التي تتسع للجميع، أو نترك أحلام شعبنا تتحطم في مقبرة الطموحات المجهضة.