Post: #1
Title: وهم الهدنة بين إيران واسرائيل والقادم أخطر كتبه حافظ حمودة
Author: حافظ يوسف حمودة
Date: 06-24-2025, 01:47 PM
01:47 PM June, 24 2025 سودانيز اون لاين حافظ يوسف حمودة-Sudan مكتبتى رابط مختصر
الهدنة التي أُعلن عنها في 24 يونيو 2025 بين إيران وإسرائيل تبدو حتى اللحظة أقرب إلى استراحة قصيرة منها إلى نهاية فعلية للتصعيد . فبينما أعلن الرئيس الأميركي ترامب دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ ، نفت إيران وجود أي اتفاق رسمي ، وأكدت أن عملياتها العسكرية استمرت حتى اللحظة الأخيرة قبل الرابعة صباحًا بتوقيت طهران . هذا التناقض الفاضح في الروايات يعكس هشاشة الوضع القائم ، ويكشف عن غياب الحد الأدنى من التفاهم بين الأطراف .
التصريحات المتبادلة بين الجانبين تؤكد أن الهدنة لم تُبنَ على أساس الثقة أو التوافق ، بل جاءت محاطة بالتهديدات . وزير الدفاع الإسرائيلي هدّد بشكل مباشر بضرب قلب طهران إذا ما تم خرق وقف إطلاق النار ، في وقت ترفض فيه إيران التفاوض تحت الضغط وتصر على حقها في الرد على ما تعتبره عدوانًا خارجيًا . أما ترامب ، فاختار أن يمهد لأي مفاوضات بمطلب "الاستسلام غير المشروط"، وهو خطاب يعكس مناخًا عدائيًا لا يتيح مساحة حقيقية للحلول السياسية .
في الواقع ، المطالب التي تطرحها إسرائيل وحلفاؤها تكاد تكون مستحيلة من وجهة النظر الإيرانية ، إذ تشمل القضاء التام على البرنامج النووي الإيراني ، وتفكيك منظومتها الصاروخية ، وحتى تغيير النظام السياسي في طهران . في المقابل ، ترى إيران أن هذه الشروط تمس سيادتها وتستهدف وجودها ، لذلك فهي ترفض التفاوض على هذا الأساس . المشهد التفاوضي هنا يبدو أشبه بحلبة صراع مفتوحة ، لا طاولة حوار متكافئ .
إضافة إلى ذلك ، فإن التحركات العسكرية الأميركية في المنطقة – مثل نشر القاذفات الثقيلة B-2 وأنظمة الدفاع THAAD – ترسل رسائل مباشرة لطهران بأن الخيار العسكري لا يزال مطروحًا بقوة . هذه التحركات لا تشجع على التهدئة ، بل تدفع نحو التصلب والمواجهة .
إيران من جهتها تُعاني من ضغط داخلي شديد بعد الضربات التي استهدفت منظومتها الدفاعية ، والخسائر البشرية الكبيرة التي لحقت بمدنييها . ورغم هذا الضعف النسبي ، فإن النظام قد لا يجد خيارًا سوى التصعيد ، كوسيلة للهروب من الأزمات الداخلية وكسب شرعية شعبية تحت شعار "المقاومة". وليس مستبعدًا أن تلجأ طهران إلى تحريك أذرعها الإقليمية ، كحزب الله والحوثيين وفي العراق ، وتكثيف هجماتها السيبرانية ، في محاولة لفرض معادلة ردع جديدة .
عند النظر إلى مجمل المعطيات يصبح من الواضح أن ترجيح تجدد الحرب بين إيران وإسرائيل لم تتراجع بل أقرب للواقع . كل العناصر تشير إلى أن الهدنة الحالية لا تُعبّر عن رغبة حقيقية في السلام ، بل هي خطوة مؤقتة ضمن معركة طويلة . الخطاب السياسي ، والتحركات الميدانية ، وشروط التفاوض ، كلها تُرجّح أن نكون أمام مواجهة قادمة وأشد واخطر ولا مفر منها ، قد تكون أكثر عنفًا واتساعًا ، وربما تتجاوز حدود البلدين لتشعل المنطقة بأكملها .
بهذا الشكل ، فإن الحديث عن حل سياسي يبدو أقرب إلى الوهم ، ما دامت الأطراف الأساسية تتعامل مع المفاوضات باعتبارها مجرد وسيلة لشراء الوقت ، لا لإنتاج تسوية حقيقية . في ظل هذا الواقع ، الحرب ليست احتمالًا بعيدًا ، بل سيناريو مرجح بقوة ، وربما وشيك .
حافظ يوسف حمودة 24/يونيو/2025
|
|