Post: #1
Title: مسار التغيير ٢٠٢٥ ضرورة تكوين وإعلان المجلس التشريعي الانتقالي في السودان كتبه عادل عبد العاطي
Author: عادل عبد العاطي
Date: 06-23-2025, 00:57 AM
00:57 AM June, 22 2025 سودانيز اون لاين عادل عبد العاطي-بولندا مكتبتى رابط مختصر
مسار التغيير ٢٠٢٥
ضرورة تكوين وإعلان المجلس التشريعي الانتقالي في السودان
مقدمة:
في ظل التحولات الجذرية التي يشهدها السودان عام 2025، والتي تمثلت أبرز ملامحها في اختيار البروفسور كامل إدريس رئيسًا للوزراء في خطوة أعادت الأمل بإمكانية بناء دولة مدنية حديثة، تبرز ضرورة تكوين وإعلان المجلس التشريعي الانتقالي.
ان هذه الخطوة تعتبر خطوة محورية في مسار الإصلاح المؤسسي لعام 2025، وهي لا تقل في الأهمية عن تكوين الحكومة، وتشكل ركناً أساسياً ضمن عملية الإصلاح المؤسسي الشامل التي تحتاجها البلاد لإعادة تأسيس الدولة السودانية على أسس القانون، والمشاركة، والمساءلة.
الضرورة السياسية والدستورية للمجلس التشريعي:
لقد عانى السودان في السنوات الماضية من غياب أحد أهم أركان الدولة الحديثة، ألا وهو السلطة التشريعية، التي تم تغييبها خلال فترة الحكم الانتقالي السابقة التي اختزلت التشريع في يد جلسة مشتركة لمجلسي الوزراء والسيادة، في مخالفة واضحة لمبدأ فصل السلطات الذي يُعد من أسس الفقه الدستوري السليم.
إن تركيز السلطات التشريعية والتنفيذية في يد جهة واحدة يُجهض مبدأ الرقابة ويُفضي إلى تدهور فعالية السياسات العامة، كما أنه يُفقد الشعب السوداني حقه الطبيعي في التمثيل المؤسسي والمشاركة السياسية، ويجعل من السلطة التنفيذية خصمًا وحكمًا في آن واحد.
أيضاً يضعف هذا الغياب صورة السودان خارجياً، فالسودان الآن غائب عن التمثيل في البرلمان الافريقي، كما يغيب صوته الشعبي في العلاقة مع برلمانات ومجالس شورى العديد من الدول الصديقة والشقيقة.
دور المجلس التشريعي الانتقالي في تدعيم الشرعية:
إن الإعلان عن تشكيل مجلس تشريعي انتقالي اتحادي يمثل نقلة نوعية في استعادة ثقة الشعب بالمؤسسات، ويمنح العملية الانتقالية إطارًا شرعيًا يمكن أن يُحاسب من خلاله الأداء الحكومي ويضمن المساءلة العلنية. وحتى لو اقتصر العدد على 100 عضو، فإن ذلك كافٍ لخلق منصة تعكس التنوع السوداني، وتستوعب النخب السياسية والفكرية التي تم تهميشها، وتوفر تدريبًا عمليًا للنظام البرلماني المنتظر بعد الانتخابات.
إن تشكيل المجلس بهذا الشكل، وانتقاله للعمل في أمدرمان، سيكون أيضًا ردًا قويًا على الجهات التي عطلت قيام هذا المجلس سابقًا، من ميليشيا الدعم السريع وقيادات قحت/ صمود/ تاسيس المرتبطة بالخارج، والتي رهنت مصالح الشعب السوداني لصراعاتها وتوازناتها الضيقة.
اقتراح تركيبة تمثيلية متوازنة للمجلس:
يُقترح أن يتكوّن المجلس التشريعي من مزيج متوازن من القوى الفاعلة في المشهد الوطني، بما يعكس التحالف الشعبي الواسع الذي يدعم الدولة السودانية ويقف في مواجهة مشاريع التفتيت والتخريب، على النحو التالي:
الحركات الموقعة على اتفاقيات جوبا – (25٪): ضمانًا لدمج قضايا السلام في البناء التشريعي.
الكتل السياسية المؤيدة للدولة والجيش – (25٪): دعم الاستقرار السياسي وبناء دولة القانون.
القيادات الأهلية والدينية الداعمة للدولة – (15٪): تمثيل البعد الاجتماعي والروحي في التشريع.
لجان المقاومة، لجان الخدمات، وقادة غرف الطوارئ – (15٪): صوت الشارع والمجتمع الحي.
شخصيات قيادية من المفكرين والخبراء والمتخصصين – (10٪): تعزيز الكفاءة والخبرة في صياغة القوانين.
قيادات أمنية وعسكرية متقاعدة – (10٪): إدماج خبرات الاستقرار والمؤسسية.
دور المجلس كأداة توازن واستقرار في الدولة:
إن وجود هذا المجلس لا يُعطي فقط الإطار المؤسسي لإنتاج القوانين ومراقبة الأداء التنفيذي، بل يشكل أيضاً جبهة سياسية موحدة تعبر عن الإرادة الوطنية، وتوفر خط دفاع قوي في مواجهة المشاريع الهدامة التي تسعى لإعادة السودان إلى الوراء.
وسيسهم وجود المجلس في تأطير الحوار السياسي في البلاد، ونقله من الصحف والاعلام الى جلسات المجلس، وتخفيف الاحتقانات بالضرورة ، وعزل الخطاب السياسي غير المدروس، وإيجاد منبر شرعي للحوار والنقاش العام.
كما سيُسهم نشاط المجلس التشريعي الانتقالي في تخفيف الضغط على السلطة التنفيذية، عبر توزيع المسؤوليات، ومأسسة العملية السياسية، واعطاء شرعية اكبر لقرارات وسياسات الحكومة.
أهمية التوقيت والرمزية:
إن تشكيل المجلس التشريعي بالتزامن مع بداية عهد البروفسور كامل إدريس يُعد رسالة واضحة بأن الإصلاح المؤسسي هو مشروع جاد وشامل، وليس مجرد تغيير وجوه. إنه خطوة رمزية وعملية لإغلاق صفحة قديمة ارتبطت بإرث المليشيا وقحت المتميز بالهيمنة والمحاصصات، وفتح باب جديد نحو الشرعية الشعبية والمؤسسية.
كما إن انتقال المجلس للعمل في امدرمان، سيشكل خطوة مهمة في اعادة العمل بالعاصمة القومية وتشجيع للمواطنين للعودة الطوعية واعادة تعمير العاصمة المثلثة.
إن تأخير قيام هذا المجلس كان خطأ جسيمًا في المرحلة السابقة، ويجب تداركه فورًا لضمان نجاح الفترة الانتقالية وتهيئة الطريق نحو دولة مدنية ديمقراطية مستقرة.
خاتمة: إن تكوين وإعلان المجلس التشريعي الانتقالي أصبح ضرورة وطنية لا تحتمل التأجيل، وخطوة أساسية في مسار التغيير لعام ٢٠٢٥.
إن تأسيس المجلس التشريعي ليس مجرد إجراء بيروقراطي، بل هو مدماك أساسي في مسار إعادة بناء الدولة السودانية على أسس حديثة، حيث انه لن يكون هناك إصلاح مؤسسي حقيقي دون سلطة تشريعية تمثل إرادة الناس، وتراقب السلطة التنفيذية، وتُشرّع باسم الشعب.
عادل عبد العاطي
٢٢ يونيو ٢٠٢٥م
|
|