Post: #1
Title: زواج الهامبتونز الإبراهيمي- تشريح تحالف النخب في ثوب ديني ناعم
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 06-20-2025, 11:50 AM
11:50 AM June, 20 2025 سودانيز اون لاين زهير ابو الزهراء-السودان مكتبتى رابط مختصر
ما ظهر كحفل زفاف باذخ بين نجمتي النخبة الأمريكية (هوما عابدين وأليكس سوروس) في يونيو 2025، لم يكن مجرد احتفال عائلي. إنه تشريح حي لتحولات عميقة في بنية القوة العالمية، حيث تختلط الأديان بالجيوسياسة ورأس المال في بوتقة مشروع "الإبراهيمية" الذي يتجاوز بكثير كونه مبادرة روحية. اللعبة الكبرى- سوروس، كلينتون، وإعادة هندسة النفوذ تحالف رأس المال-السلطة المتجدَّد- هذا الزواج هو إحياء استراتيجي للتحالف التاريخي بين آل كلينتون (المؤسسة السياسية الليبرالية) وآل سوروس (الإمبراطورية المالية ذات الأجندة العابرة للحدود). لكنه تحالف يرتدي ثوبًا عصريًا: ثوب "التعددية" و"التسامح الديني". النفوذ المالي كأداة سياسية- مؤسسات سوروس ("المجتمع المفتوح") ليست محايدة. تمويلها للحركات الليبرالية والأكاديميا والإعلام هو استثمار في تشكيل الوعي العالمي. حضور كلينتون ليس بروتوكولياً بل إعلاناً عن دعم المؤسسة السياسية لهذا المسار.
التمثيل الرمزي -عابدين (المسلمة، المستنيرة، المرتبطة بكلينتون) وسوروس (اليهودي الليبرالي، وريث المليارات) يجسدان "الوجه المقبول" للإسلام واليهودية ضمن الرؤية الغربية المهيمنة. مشروع "الإبراهيمية"- الواجهة الروحية للهيمنة الناعمة ما وراء خطاب التسامح: الترويج لـ"السلام الإبراهيمي" و"وحدة الرسالات" ليس بريئاً. إنه مشروع جيوسياسي يهدف إلى - تليين الخصوصيات الدينية: إذابة الحواجز العقائدية الحادة، خاصة الإسلامية، لصالح "دين عالمي" متوافق مع القيم الليبرالية الغربية.
إعادة تعريف الإسلام تحويله من نظام عقائدي شمولي إلى "هوية ثقافية" قابلة للاندماج في السردية الغربية المسيطرة، حيث يُطلب من المسلم "إعادة تأويل" معتقده.
تحييد الصراع مع إسرائيل تقديم نموذج "التعايش" كبديل عن مواجهة الاحتلال، بإسقاط الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من سياقه السياسي إلى إطار ديني قابل للحل عبر "الحوار".
اختلال موازين القوى-المبادرة والتمويل مركزان في أيدي المؤسسات اليهودية الليبرالية الغربية (مثل سوروس). دور الطرف الإسلامي غالباً ما يكون استقبالياً وتكيفياً، مما يطرح تساؤلات حول مدى "التكافؤ" في هذا المشروع. مفارقة دموية الهامبتونز وغزة الوجه القبيح للهيمنة تزامن الزفاف الباذخ مع تأجيل زفاف نتنياهو الابن بسبب الحرب على غزة ليس صدفة. إنه تعبير صارخ عن الازدواجية: الهيمنة الناعمة (Soft Power) -- تمارس في الغرب عبر التمويل والثقافة والتحالفات الرمزية (زواج سوروس-عابدين تحت شعار الإبراهيمية). الهيمنة الصلبة (Hard Power) تمارس في الشرق عبر الدبابات والاحتلال (إسرائيل نتنياهو المدعومة غربياً). رسالة ضمنية- المشهد يقدم "النموذج الإبراهيمي" الناعم (في الغرب) كـ"حل" بديل عن مقاومة الهيمنة الصلبة (في الشرق)، متجاهلاً جذور الصراع السياسية. استنتاج- الزواج كفعل سياسي عالي المستوى زواج الهامبتونز هو أكثر من حدث مجتمعي -تجسيد لتحالف النخب- إعادة إنتاج تحالف كلينتون-سوروس في جيل جديد، باستخدام التنوع الديني كرأس مال رمزي. أداة لمشروع الإبراهيمية - تقديم نموذج "عملي" للإبراهيمية كبديل عن الصراعات، مع حجب الطابع الجيوسياسي المهيمن للمشروع. آلية للهيمنة الناعمة- استخدام الرمزية الدينية والثقافة الفاخرة لتطبيع رؤية عالمية تخدم مصالح القوى القائمة، وتعيد صياغة الهويات الدينية وفق شروطها. إخفاء التناقضات- التغطية على التناقض الصارخ بين خطاب التسامح في الهامبتونز ودعم سياسات الهيمنة والعنف في مناطق أخرى. السؤال المركزي الذي يفرض نفسه وهل يمثل هذا الزواج بداية حقيقية لمصالحة تاريخية، أم هو مجرد استعارة فاخرة لتكريس هيمنة نخبوية جديدة، تستخدم "الدين" كأداة في لعبة القوة العالمية، بينما تظل الجروح النازفة في العالم الإسلامي – وعلى رأسها فلسطين – شاهداً على فجوة لا تُجسّر بين خطاب التسامح وممارسات القوة؟ الزواج حدث، لكن تداعياته السياسية والدينية هي المعركة الحقيقية التي ستُخاض في أروقة السلطة ووعي الشعوب.
|
|