إذا أقدمت الولايات المتحدة على ضرب مفاعل فوردو النووي الإيراني ، فإن التداعيات ستتجاوز مجرد العملية العسكرية التقنية لتصل إلى قلب الصراعات الإقليمية والعالمية . يقع مفاعل فوردو في عمق جبل جنوب طهران ، وقد بُني تحت طبقات سميكة من الصخور والخرسانة ليصمد أمام الهجمات الجوية ، مما يجعله واحدًا من أكثر المنشآت النووية تحصينًا في العالم . ولهذا السبب يتطلب استهدافه استخدام أسلحة خارقة مثل قنبلة Bunker Buste" (GBU-57) التي تُطلق من قاذفة الشبح الأمريكية B-2 ، حيث تم تصميم هذه القنبلة لاختراق التحصينات العميقة قبل الانفجار .
تضم منشأة فوردو حوالي 3000 جهاز طرد مركزي تُستخدم لتخصيب اليورانيوم بنسب تصل إلى 60% ، وهي نسبة تقربها من حدود الاستخدام العسكري ، مما يجعل أي ضربة عليها محفوفة بمخاطر كبيرة . ففي حين أن تدمير المفاعل قد يشكل انتكاسة كبيرة للبرنامج النووي الإيراني ، فإنه قد يؤدي في الوقت نفسه إلى تصعيد عسكري كبير ، إذ من المرجح أن ترد إيران بقوة على الولايات المتحدة وحلفائها ، سواء عبر مهاجمة أهداف مباشرة ومن خلال وكلائها في المنطقة ، كما قد تُسرّع من وتيرة تخصيب اليورانيوم وتلجأ إلى بناء منشآت جديدة أكثر سرية .
الرد الإيراني في مثل هذا السيناريو سيكون على الأرجح متعدد الأوجه . عسكريًا ، قد تستهدف طهران القواعد الأمريكية في المنطقة أو السفن الحربية في الخليج ، إلى جانب تصعيد هجمات ميليشياتها الحليفة في العراق وسوريا ولبنان واليمن . وقد تطال الهجمات مواقع إسرائيلية حساسة في إطار توسيع رقعة الصراع . سياسيًا، من المتوقع أن تنسحب إيران تمامًا من اتفاق الضمانات النووية وتوقف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، وتُعلن بشكل صريح عن رفع نسبة التخصيب إلى مستويات عسكرية . كما قد تُطلق حملات تعبئة داخلية تركز على تماسك الجبهة الداخلية .
ولا تقتصر الآثار على الجانب العسكري فحسب ، بل يمتد الخطر إلى المجال البيئي . فرغم أن موقع فوردو الجوفي قد يحد من حجم التسرب الإشعاعي ، إلا أن تدمير المنشأة قد يؤدي إلى إطلاق مواد خطيرة مثل اليورانيوم المخصب وسداسي فلوريد اليورانيوم . وقد ينتج عن ذلك تلوث واسع النطاق للمياه والهواء والتربة ، ما يهدد صحة السكان المحليين بإصابات إشعاعية وأمراض سرطانية طويلة الأمد . ومن المحتمل أن يمتد التلوث إلى الدول المجاورة خاصة إذا وصلت أبعاده إلى البحار ، مما يعيد إلى الأذهان كوارث مثل تشيرنوبل وفوكوشيما .
إن ضربة موجهة ضد مفاعل فوردو قد تشعل شرارة انفجار إقليمي واسع النطاق ، وتعيد تشكيل معادلات الصراع في الشرق الأوسط والسباق النووي العالمي ، مما يجعل النتائج العسكرية والسياسية والبيئية والإنسانية لهذا الأجراء كارثة تعم المنطقة والعالم . ونترقب ماذا سيحدث خلال الأيام القادمة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة