من عبق التاريخ: بوستيك (دونجل فاننك كوي) — الإنجليزي الذي صار واحدا من أهل الفور كتبه الطيب محمد عب

04:37 AM June, 16 2025

سودانيز اون لاين
الطيب محمد عبد الرسول-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر

بقلم :

خلال فترة الحكم الإنجليزي وخلفا للسيد / ماكنتوش عُيّن السيد بوستيك مفتشًا اول لمركز زالنجي يساعده مفتشثاني هو السيد / اوين وكان ذلك في حدود ما بين 1930/ 1931 وقد استمرت فترة خدمته لمدة طويلة قياسًا علىما قيل أنّه بقي حتى تم سحبه من مركز زالنجي بموجب ترتيبات الجلاء بعد اعلان الاستقلال .
لقد تفتقت العبقرية الإدارية لبوستيك في أنّه قام بتوظيفٍ إيجابي لحكمٍ قضائي صدر بحبس الشيخ ( إسماعيلثُمَّتاله ) شيخ حي ( ميري أباه ) في زالنجي لمدة ستة اشهر ، وقد وظّف بوستيك ذلك الحكم إيجاباً فاستفاد منحبس الشيخ وتعلم منه لغة الفور فأحسنها وأجادها والزم جميع موظفي الجهاز التنفيذي في زالنجي بتعلم لغة الفور حتى يتمكنوا من التواصل مع المواطنين لفهم قضاياهم وتظلماتهم .. وأمهل موظفيه ستة اشهر للتعلم وإلافسوف يتم الاستغناء عن خدماتهم وقد كان لهم ما أرادوا فقد تعلم جميع الموظفين لغة الفور وسهّلت لهمالاتصال والتفاعل مع المواطنين وفهم وتصريف شئونهم بصورة أفضل بكثير عمّا كان عليه الحال . ويُروى في هذاالسياق أنّ بوستيك وجه ذات مرة سؤالاً للديمنقاوي بلغة الفور قائلاً : أبا ديما ، ( نسوان فور كل ما يحصل لواحدحاجة ) يقول : استغفر الله .. استغفر الله .. ( شنو يعني استغفر الله ) ؟! فاجابه الديمانقاوي متحدثا بلغة الفور : ( يسألوا الله عشان يوم القيامة نار ما يأكلهم ) . عندها عقّب بوستيك مرددًا ومشجعًا ذلك الصنيع : ( أَوْ نا تُولّيكاوي .. تُولي كاوي .. تُولي كاوي ) أي حسناً ما يفعلنه .. حسناً ما يفعلنه . قيل أنّ بوستيك كان يهوى رؤية مشاهدتجمعات ( المهاجرين ) أي طلبة القرآن المتجولين ، فكان يقصد اماكن تجّمعاتهم في كاس ويلتقط معهم الصورويشجعهم بالقول : ( قراي تُوليه با .. تُوليه با .. تُوليه با ) وقد كانت تصدر عنه الكثير من التصرفات الملفته للنظرحتى اعتقد الكثيرون حول ما اذا كان بوستيك قد اسلم خُفية . ومن قصصه الشهيرة انه اتخذ لنفسه أما اسمهافاطمه وهي سيدة كبيرة من أهالي ( توبوله ) لم تُرزق ولدا فاشترى لها بقراً وبنى لها دارًا وكان يزورها في ( الفريق ) ويجلس عندها ويتفقدها ويقضي حوائجها ويبرّها كما الابن لأمه ، ووجه العمده التي تتبع لإدارته القيام برعايتهاوتفقدها ، بل قيل انه اخذها في احدى إجازاته لزيارة بلده إنجلترا ، فكان يُسّمِي نفسه بل ويوقع في المكاتباتباسم / ( بوستيك فاننك كوي ) .
أما على صعيد الإنجازات التي تمت في عهد بوستيك وبحسب الافادات المقدمه من الاستاذه الراحلة / حجةالسنوسي ضوالبيت أبوه ( اول معلمه على مستوى غرب دارفور ) ومن السيد / بقو افندي الموظف بالمجلس في فترةمن فترات تلك الحقبه - يرحمه الله ، فهي :
اولاً / نقل مدينة زالنجي في العام 1946 من الحميدية الى موقعها الحالي حلاً لمشكلة التنقل بين الحميدية وزالنجيخصوصا في فصل الخريف ، وتعمير زالنجي بصورة أفضل وإيجاد تنظيم اداري لها يتناسب مع وضعيتها كمركز ونقل السكّان الأساسيين وتعزيز استقرارهم .
ثانيا / بناء مجلس زالنجي ، ومدارس ذات الرأسين الأولية للبنين ، وأم القُرى الأولية للبنات والأميرية المتوسطةللبنين
و أنّه خلال فترة بوستيك بُني للإدارة التنفيذية( كُرنكاً ) عظيماً سُميّ ( دارفور ) تّميز بإحكام جودة البناء والسعةوالعلو حتى انه كان يُرى لقاصدي مدينة زالنجي من مسافات بعيدة قيل أنّ بناءه والوحدات الداخلية التي ضمّها بعدد ما بين ثمانية الى اثنتي عشرة مكتباً قد استغرق ستة اشهر ، الا انّ ( الكرنك دارفور ) قد احترق خلال فترةالامير محمد الفضل بن الأمير عبدالحميد 1932-1936 .. ( يبدو أنّ الكُرنك دارفور وبهذه المواصفات المكتبية هوالمجلس الذي أُشير لبنائه )
هذا وقد ذُكر أنّ من بين الموظفين ممن جاءوا أو تزامن وجودهم مع بوستيك مساعد الحكيم / عثمان محمد خير ،والسيد عبّاس علي عبدالله أبوسن اول مفتش سوداني وقد كان أيضا مترجما لبوستيك ..أمّا الإداريين من ابناء البلدفي ذلك الوقت فقد ذُكر على رأسهم الديمقناوي سيسي أتيم ، محمد ابراهيم موسى شالا ، باسي احمد أبوه ، ابودقشام ، علي ابراهيم موسى ، ابو كنجوم رئيس الادارة الأهلية .. وعلى الرغم من وجود كوكبة من الإداريين من أبناءالبلد لكن قِيل أنّ بوستيك كان في ادارته للشئون يتحاشى اسناد المهام لهم بصورة مباشرة فكان دائماً يعمد الىمتابعة الأمور بنفسه ربما من باب المحاذير الاستعمارية خصوصا وقد قيل أنّ المواطنين في ذلك الوقت لم يكونواراضين عن ادارة بوستيك غير أنهم لم يعبروا عن استيائهم بأي أعمال احتجاجية تُذكر ربما بسبب الخوف والرقابة الصارمة التي ظل يفرضها بوستيك ، ومع ذلك فقد برزت بعض التحركات مثل حركة تجاني محمد ابراهيم والذياستطاع القيام بتكوين حركة طلابية التف حولها طلاب زالنجي ونيالا والفاشر لكنها وُئدت بنفي التجاني محمدابراهيم الى الجنينة حيث مات هناك رحمه الله ….

——————-
تنويه : آمل من القُراء الكرام موافاتي شاكراً بإي معلومات تُثري هذا المقال إضافة وتصويباً: