الركام لايهزم من يحمل راية الخدمة كتبه ياسر الفادني

الركام لايهزم من يحمل راية الخدمة كتبه ياسر الفادني


06-16-2025, 04:42 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1750045329&rn=0


Post: #1
Title: الركام لايهزم من يحمل راية الخدمة كتبه ياسر الفادني
Author: ياسر الفادنى
Date: 06-16-2025, 04:42 AM

04:42 AM June, 15 2025

سودانيز اون لاين
ياسر الفادنى-السودان
مكتبتى
رابط مختصر





يكتب ...




من تحت الركام نهضوا، لا بالبكاء على الأطلال، بل برفع مظلتهم في وجه العاصفة، مظلة تُظل المواطن بالكرامة والحق في العلاج ، دخلت لأول مرة باب التأمين الصحي بولاية الجزيرة، لا كزائر عادي، بل كعينٍ تفتش عن بارقة أمل في ركام الخدمات التي مزّقها الطغيان العابر

في مدخل المبنى كانت رائحة الطلاء الجديد تختلط برائحة العرق والجد، العمال في صمتهم كانوا يروون رواية مختلفة: هنا تُبنى المعركة، معركة الحياة، معركة التعافي، مشيت بمحاذاة الجدران أتفادى بقع الطلاء كي لا تخدش قميصي، لكنني أدركت أن ما يُخدش في هذا المكان أعظم من قماش… إنها كرامة نظام صحي كاد أن يُنسف

سلكت السلم الذي يؤدي إلى مكتب المدير، لم أكن قد التقيته من قبل، وربما يعرفني، وربما لا، لم آتِ لمجاملة، لكني كنت أبحث عن إشارات تقول لي إن شيئًا ما هنا لا يزال ينبض، وكان النبض حاضرًا، من غير سؤال مباشر، عرفت أن تحقيق رغبة شخصية في هذا الظرف هو طلب صعب ، وهذا هو الصدق الذي نحتاجه

حينها فقط، فهمت أن التأمين الصحي بولاية الجزيرة، بقيادة الدكتور الأمين حسين عمر، ليس مؤسسة تُدار بورق وملفات، بل بكتيبة من الجنود الذين شمروا عن سواعدهم لإصلاح ما دمره "أشاوذ" العصر الحديث، الذين عبروا كالتتار، لا يتركون خلفهم إلا رمادًا وسكنا

في وجوه الموظفين لم أرَ فتوراً أو تذمراً، بل رأيت العزم ذاته الذي تراه في يد تمسك مطرقة، وفي عين تُراجع نظاماً إلكترونياً، وفي قلب لا زال يؤمن أن المواطن يستحق، خمسون في المئة من الخراب قد عاد للعمل، كل أنظمة التشغيل عادت كما كانت، وشعار المرحلة وُضع ببساطة وصدق: استعادة – تعافي – تنمية.

جلست مع المدير، فرحب بي لا كزائر بل كأحد شركاء المعركة، حديثه نابع من صدقٍ واضح، رجلٌ يعرف تفاصيل اللوحة التي يرسمها يومياً، حديثه عن المستقبل لم يكن أمنياتٍ فضفاضة بل خطة عملية، تبدأ بمركز الشهيد 1 في مدني، الذي سيُفتتح برؤية “ورقية صفر” (Paperless)، رؤية تدرك أن المواطن لا يحتاج أوراقاً بقدر ما يحتاج سرعة وجودة

لكن الكتيبة التامينية لم تكتفِ بإصلاح ما يخصها فقط، بل مدت يدها لمؤسسات أخرى، 100 مليون جنيه تبرعوا بها لصالح طاقة شمسية لمستشفى السلاح الطبي، ولا تزال أيديهم ممدودة في خط الإمداد الدوائي والتحاليل الطبية لجرحى العمليات

هؤلاء ليسوا مجرد موظفين… إنهم "جنود كرامة"، يرممون الأرض والروح، يرفعون مظلتهم ويحمون بها كل من يستظل بنظام التأمين، يقدمون ما هو أكثر من خدمة: يقدمون الأمل في وطنٍ يتعافى من غدر الفوضى

إني من منصتي أنظر ....حيث اري ...أن في هذا المكان... مقر التأمين الصحي بالجزيرة المبني والمعني .... لم تكن الكتابة على الجدران ، بل على جبين كل عامل، وعلى شفرة كل نظام تمت إستعادته، من تحت الركام… أكتب : رجال نهضوا !!.