Post: #1
Title: ملحمة المريسة.. عندما ثار القحاتة على الخمر المسكوب كتبه د. حامد برقو عبدالرحمن
Author: د. حامد برقو عبد الرحمن
Date: 06-16-2025, 04:34 AM
04:34 AM June, 15 2025 سودانيز اون لاين د. حامد برقو عبد الرحمن-sudan مكتبتى رابط مختصر
(١) الاسلاميون أو الكيزان الذين نصطف معهم اليوم و نتقاسم الخندق نفسه في معركة الدفاع عن وحدة تراب بلادنا و كرامة أمتنا ؛ كانوا و في أوج هذيانهم أيام انقلابهم قبل ثلاث عقود قرروا ما أطلق عليه (إعادة صياغة الإنسان السوداني) . و في ذلك المسعى شرعوا في تغيير أسماء بعض القرى و المدن بعضها محمودة في مجملها( لكن هنالك أخريات لا تتعارض حتى مع صحيح الدين ). و من القرى التي أصابوا في تغيير أسمائها ؛ قرية زمزم( أو خسار مريسة) عند مدخل مدينة الفاشر و التي تحولت إلي معسكر للنازحين تقصفه مليشيا الدعم السريع ليل نهار بذريعة تواجد القوات المشتركة تبريرا لمشروع إبادتها لأهل السودان؛ في الفاشر أو ام درمان ، لا يهم . لإسم خسار مريسة (دون التاء المربوطة بحسب العامية الدارفورية) الذي يعني خسارة مريسة ،العبارة التي أستبدلت الي زمزم قصة..! يحكى أن الحاكم الانجليزي للاقليم قرر حفر بئر في المنطقة بمعاونة المواطنين. و كان كعادة بعض المواطنين السودانيين في معظم بقاع السودان يعصرون الخمر في المناسبات الاجتماعية ( و ليس الخمر وجبة أساسية كما إدعى الدكتور عبدالباري وزير العدل بحكومة القحت ). تداعى المواطنون من كل حدب وصوب لحفر البئر؛ لكن عن المغيب اخبرهم المهندس البريطاني بأنهم وصلوا إلي صخرة يصعب كسرها بآلياتهم المتاحة وقتذاك. هناك قال الناس :( والله خسار مريسة) اي خسارة للمريسة أو للخمر الذي اعدوه للمناسبة - من هنا جاء الاسم قبل أن تصبح زمزم و تتحول الي معسكر للمعاناة يسكنه الفارون من جحيم الحرب و يصطادهم الجنجويد بأسلحة الكفيل الخليجي.
(٢) بالأمس الأول أجتاح الأسافر و وسائل التواصل الاجتماعي غضب عارم من قبل قادة و أنصار ثلاثي الخيبة ( قحت - تقدم - صمود ) على حدث عابر وهو قيام إحدي منتسبات مليشيا الدعم السريع ،( و هي تحمل شارة نقيب خلاء) بسكب قليل من الخمر بجرة صغيرة على الأرض. رافضة بفعلها عقر الخمر من قبل الناس في مكان تواجدها. أتصور أن حجم الغضب الذي أصاب بعض كبار كتابنا كفيل بتغيير مسار الكثير من اخفاقاتنا الاجتماعية لو أنه وظف بشكل سليم.
(٣) أظنني كنت ضمن أكثر من دافع عن رئيس مجلس وزراء الفترة الإنتقالية الاخ الدكتور عبدالله حمدوك . ذلك لا لصلة أو سابق معرفة بيننا ، لكن كنت أرى عبره بصيص ضوء قد يقودنا الي نور المدنية و الديمقراطية و المواطنة المتساوية في بلد كريم و مزدهر يكفي أهله و يفيض خيره للعالمين من حوله . لكنه اي الاخ حمدوك قد خيب ظني مثلما حدث لي من قبل الأخ الراحل/ محمد حمدان دقلو . و لأن لا ثابت لدي في شأن الوطن غير سلامة أهله و وحدة ترابه ؛ عدت لأقول بحقه بأنه قد باع السودان و أهله بزجاجة خمر ، و المحزن فإن الأمر كذلك ..!! (٤) مثلما قلت في أكثر من مساحة سابقة فإن الأقليات الفكرية و الأحزاب المجهرية التي سرقت ثورة السودانيين في ديسمبر في حين غفلة من الزمان كان هدفها الذي لا يحتمل المساومة أو المقايضة هو انتزاع الإيمان الذي في صدور السودانيين . على ذلك وضعوا مفردات تخويفية ليطلقوها على كل ما يعظم رب (الكيزان و القحاتة) و الناس أجمعين .
مفهوم أن الجوع وحده الذي أجبر الكثير من كتاب الأعمدة على الإنحياز لمليشيا الدعم السريع في الحرب التي تشنها إمارة أبوظبي على السودان و السودانيين لكن ما الذي دعا هؤلاء الكتاب الي تبني فكر الأقليات الطائفية و القوى المجهرية في محاربة الدين الذي يعتنقه أغلب أهل البلد؟ خاصة أن الفعل المستهجن من قبلهم نفسه قد جاء من قبل إحدي منتسبات ولي نعمتهم بالوكالة ؟
لا مكان لشكر المليشاوية المقيتة شيراز ، لكن تبقى لي أن أتمنى و من كل قلبي أن الذي حدث بسبب سكب جرة الخمر على الأرض مجرد إظهار للغضب و ليس الغضب نفسه ، اعني على شاكلة إظهار رقم...في تلميحاتنا الاجتماعية ( غير البريئة) . إلا فإن رهانهم على انتزاع إيمان السودانيين؛ رهان خاسر بإمتياز .
د. حامد برقو عبدالرحمن [email protected]
|
|