عبدالعزيز الحلو وحكم الشركة الشعبية لتحرير السودان -شمال المحدودة... كتبه عبدالغني بريش فيوف

عبدالعزيز الحلو وحكم الشركة الشعبية لتحرير السودان -شمال المحدودة... كتبه عبدالغني بريش فيوف


06-15-2025, 04:22 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1749957767&rn=0


Post: #1
Title: عبدالعزيز الحلو وحكم الشركة الشعبية لتحرير السودان -شمال المحدودة... كتبه عبدالغني بريش فيوف
Author: عبدالغني بريش فيوف
Date: 06-15-2025, 04:22 AM

04:22 AM June, 14 2025

سودانيز اون لاين
عبدالغني بريش فيوف -USA
مكتبتى
رابط مختصر





في السياسة السودانية، لا يحتاج المرء إلى كثير من الخيال، ليكتشف أن بعض قادة الحركات المسلحة، يخلطون بين الكفاح الثوري وإدارة شركة خاصة أو مزرعة، ولكن عندما يتحول هذا الخلط العجيب إلى واقع يومي، يُدار به تنظيم ناضل لعقود ضد التهميش والعنصرية وكأنّه مزرعة عائلية، نكون قد دخلنا مرحلة جديدة يمكن تسميتها بـ(الديكتاتور الرفيق).
هذا هو حال الحركة الشعبية لتحرير السودان –شمال اليوم، تحت قيادة رئيسها عبدالعزيز آدم الحلو، منذ انتخابه في المؤتمر الاستثنائي عام 2017، والذي تحول من قائد ثوري إلى مُدير تنفيذي أول في شركة اسمها الحركة الشعبية، وشعارها الجديد غير المعلن -(نقاتل من أجل العدالة، بشرط أن تكون طايعا للمدير التنفيذي).
رفيقي العزيز..
دعونا في هذا المقال، نفتح دفاتر الشركة الشعبية المحدودة، لنتصفح كيف يُدار هذا التنظيم الثوري بمنهج الموظف والزبون، ونتتبع كيف صار الحلو، ديكتاتورا، تخشاه القيادات حتى في أحلامهم، في الوقت الذي تتجمد البلاد في أتون حرب الجيش وميليشيا الجنجويد التي قضت على الأخضر واليابس، والانقسامات السياسية الحادة، نجد تجمد الرأي داخل الحركة، ويكفيك أن تهمس بكلمة (رأي مخالف)، حتى تصلك رسالة فصل أسرع من رسالة واتساب من المدير العام.
من كان يظن أن ذلك الرجل الذي وقف شامخا ببزة الجيش الشعبي، وسط رفاق السلاح في جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور، وهو يهتف بشعارات السودان الجديد، ذات يوم، سيتحول إلى رجل يتحاشى الرفاق النظر في عينيه خشية أن يُفسر ذلك كنزعة انقلابية أو عدم رضا؟
من كان يتخيل أن قائدا ثوريا، قاتل نظام الخرطوم لعقود ورفض مصافحة زعيم ميليشيا الجنجويد، سيرتدي يوما ربطة عنق غير مرئية، ويجلس خلف مكتب خشبي ضخم، يتخذ فيه قرارات تنظيمية بمزاج صاحب شركة، لا رئيس حركة نضالية؟
عبدالعزيز آدم الحلو، الرجل الذي نُسجت حوله حكايات البطولة في ميادين المعارك، والرمز الذي اعتبره البعض الأمل الباقي في مشروع السودان الجديد، بإطلاقهم عليه لقب -الحلو/قائد من زمن آخر، أصبح اليوم، في نظر رفاقه، النسخة النضالية من (فرعون السودان)، مع فارق بسيط، وهو أن هذا الفرعون لا يضرب بعصا موسى، بل بقلم التوقيف والفصل والتجميد.
بداية التحول لم تكن مفاجئة، لمن يعرفون الحلو عن قرب، فمنذ المؤتمر الاستثنائي للحركة الشعبية -شمال عام 2017، حين جرى تنصيبه رئيساً للحركة، بدأت تظهر ملامح القائد المنفرد بالرؤية، أو كما يسميه البعض اليوم -(الرئيس التنفيذي لشركة الجبال للنضال والتنمية الذاتية المحدودة). ففي حين كانت الحركة الشعبية، تعيش حينها صراعات داخلية وانقسامات، تذرع الحلو بأنه المنقذ الضروري، وبدأ فورا عملية إحكام قبضته على التنظيم، تحت شعار (إعادة البناء)، وهو شعار جميل في ظاهره، لكنه كان بمثابة تسليم مفاتيح الحركة كلها، بلا شرط ولا قيد، إلى جنابه الكريم. ومع مرور الزمن، أصبحت إدارة الحركة تُشبه إلى حد كبير إدارة مصلحة حكومية في دولة بوليسية، لا صوت يعلو فوق صوت القائد، ولا قرار يُتخذ دون إشارة منه، ولا حتى عتابٌ يُقال في الخفاء، إلا وكان مصيره الإحالة إلى لجنة المحاسبة أو لجنة نصح وتصفية.
اللافت في الأمر، أن الحلو نفسه لا يُنكر تحوله هذا، بل يعتبره ضرورة لتثبيت القيادة وضمان الانضباط التنظيمي، وكأن الحركة الشعبية، باتت جيشا خاصا أو فرقة كشافة تحتاج إلى ناظر صارم، لا مشروع وطني جامع يُبنى على المشاركة والاختلاف.
المؤتمر الاستثنائي 2017، لم يكن مؤتمرا بالمعنى الديمقراطي التنافسي الذي حلم به الرفاق. لقد كان في حقيقة الأمر، أشبه بماكينة تغليف صناعي.. قرارات جاهزة، بيانات ممهورة باسم مجلس التحرير والقيادة العليا، وتصفيق منظم بالثواني، بل إن بعض الحضور، رووا في جلسات مغلقة، أن نتائج المؤتمر كانت مكتوبة قبل حتى أن تكتمل جلسة الافتتاح!!
تخيل أن تقف وسط قاعة المؤتمر وتقول.. أنا أتحفظ على هذا القرار أو ذاك، فتجد نفسك في اليوم التالي ضمن قائمة غير المنضبطين فكريا، أو تُتهم بأنك تخدم أجندات الجلابة، ويبدو أن معارضة الحلو اليوم تضعك تلقائيا في خانة، الفلول وفلنقايات دولة 56، حتى لو كنت تحمل في جسدك خمسين طلقة من معارك حرب 2011.
أما الآراء المعارضة، فلها معاملة خاصة، حيث لا تُرد عليها بالحجج، بل يتم إيداعها في أدراج لجنة الطوارئ، وتُعامل كقنابل موقوتة تهدد الأمن الفكري للحركة.. ولم لا !، فالحركة اليوم لا تحتمل رأيين، طالما أن رأي الحلو موجود؟
الوثائق التنظيمية نفسها، والتي من المفترض أن تكون دستورا داخليا للحركة، تحوّلت إلى ديكور تنظيمي، تُفسر حسب مزاج القيادة، وتُعدل إن اقتضى الأمر، أو المصلحة الشخصية، فالاستثناء، أصبح هو القاعدة، والإجماع بات يُفرض بقوة الصمت.
في الليالي الطويلة لجبال النوبة والنيل الأزرق، لم يعد مقاتلو الحركة الشعبية يتخيلون الوطن الجديد كما كانوا يفعلون من قبل، بل باتوا يرون في أحلامهم كابوسا متكررا.. عبدالعزيز الحلو، جالسا في عرش خشبي ضخم، يمسك بيده دفترا يسجل فيه أسماء من قالوا شيئا لم يعجبه ..الكل مرعب، والكل يرتجف، هذا الجو من الخوف الفكري، دفع الكثيرين إلى اعتماد أسلوب المديح الوقائي، بحيث يبدأ كل بيان للحركة بمقدمة من خمس فقرات، تُثني على حكمة قائد الضرورة، قبل الدخول في صلب الموضوع، وكأننا في كورال حزبي للتمجيد، لا حركة تحرر.
المضحك المبكي في الأمر، هو أن حتى النكتة، صارت تُعتبر تهديدا تنظيميا، فدعابة الحلو، باتت مرادفا لخيانة داخلية، ولا عجب أن يتم استدعاؤك لمساءلة تنظيمية، لأنك ضحكت بصوت عال على تعليق ساخر في جلسة غير رسمية!
رفيقي العزيز..
إذا كانت بعض الأنظمة الديكتاتورية تستخدم الدبابات لإسكات شعوبها، فإن عبدالعزيز الحلو اختار سلاحا أكثر دقة.. الورقة والقلم، لا يحتاج إلى رشاش أو قصف جوي لإسكات المخالفين، بل يكفيه فقط أن يكتب، تم فصله لأسباب تنظيمية، في بيان صغير، ليختفي الرفيق من المشهد كأن لم يكن.
هذا النوع من القمع الناعم، قد يبدو حضاريا للوهلة الأولى، لكنه أشد فتكا من أدوات البطش الكلاسيكية، لأنه يُمارس باسم اللوائح والمصلحة العليا للحركة، والويل كل الويل لمن حاول أن يسأل.. ومن الذي يحدد المصلحة.. فالإجابة معروفة مسبقا: (الرئيس يرى كدا).
ولأن الحلو لا يحتاج إلى تصويت، فقد أصبحت الاجتماعات التنظيمية جلسات استماع لقرارات جاهزة. ليس هناك مكان للتداول الديمقراطي، بل هناك منصة واحدة وميكروفون واحد، وكأننا في عرض مسرحي من تمثيل رجل واحد.
حتى لجان التحقيق والتنظيم، التي يفترض أن تكون مستقلة، تم تعيين أعضائها من مقربي الحلو نفسه ومصفقيه.
إن حركة ثورية، بدأت كمشروع نضال، باتت اليوم جهازا بيروقراطيا، يُحاسب فيه الرفيق على كلمات منشوره في مواقع التواصل الإجتماعي، أكثر من محاسبته على فشله في جبهة القتال، وكأن تنظيما ثوريا بحجم الحركة الشعبية، لم يجد ما يُقلقه سوى الإعجابات التي حصل عليها منشور أحد رفاقه.
في لحظة تأمل نادرة داخل التنظيم، قد يسأل أحدهم.. هل نحن ما زلنا حركة ثورية، أم أننا صرنا مؤسسة خاصة؟. لكن هذا السؤال يُعتبر، وفق التصنيف التنظيمي الجديد، من الأسئلة الهدامة التي تُسهم في زعزعة استقرار القائد... عفوا، الحركة. فالحركة الشعبية -شمال، في عهد الحلو، صارت أشبه بشركة مساهمة خاصة، لكن الفرق الوحيد، أن الأسهم لا تُباع في السوق، بل تُوزع حسب الولاء.
الرُتب التنظيمية، لم تعد ترتبط بالكفاءة، بل بالقرب من غرفة القرار. والمناصب القيادية صارت مثل مفاتيح خزنة، لا تُعطى إلا لمن أثبت انضباطه في التصفيق.
الأنكى في الأمر أن تنظيما يرفع شعار محاربة دولة الجلابة، أصبح يُدار بذات العقلية الإقصائية التي حاربها لعقود، فالجلابي في الخرطوم، يحكم من القصر، والحلو في كاودا يحكم من مكتب في الكركور.
حتى الموارد المالية على شحتها، تُدار بعقلية مدير حسابات لا ثوري ..بعض الأفراد يتلقون دعما شخصيا من القيادة، وآخرون لا يجدون حتى بتاع (حقنة الملايا)، والتمييز هنا، ليس على أساس الكفاءة أو الأداء، بل على أساس قربك من البوصلة، والبوصلة هنا تعني رضا الحلو.
عندما خرجت أولى رصاصات الحركة الشعبية ضد الظلم، لم يكن في الحسبان، أن تتحول هذه الحركة يوما إلى آلة تفرز استبدادا داخليا باسم النظام والانضباط. كان الحلم كبيرا.. سودان جديد، قائم على المواطنة، العدالة، والمساواة والحرية، لكن ما الذي تبقى من ذلك الحلم اليوم.. وماذا يقول من قدموا أرواحهم ثمنا لهذا المشروع، وهم يرون أن النظام الداخلي للحركة، صار أشبه بقانون الطوارئ الدائم؟
إن عبدالعزيز الحلو، برغم كل ما قدمه من تضحيات، قد اختار طريق الإدارة المنفردة، وهو خيار قد يبدو أسهل في البداية، لكنه أكثر تكلفة على المدى الطويل، إذ أن الحركات الثورية لا تُبنى على الخوف، بل على الثقة، ولا تُصان بالمذكرات الإدارية، بل بالمشاورات الحرة المفتوحة.
أما رفاقه الذين يعانون اليوم من تسلطه، فهم بين خيارين: إما أن يصمتوا ويتحولوا إلى موظفين في شركة النضال، أو أن يُجاهروا برأيهم فيُصنفوا كأعداء للسودان الجديد، وفي الحالتين، فإن الحركة الشعبية -شمال، تخسر أحد أهم مقوماتها، قدرتها على احتواء الرأي الآخر.
إن أخطر ما يواجه الحركات التحررية، ليس العدو الخارجي، بل العدو الداخلي الذي يتسلل تحت شعارات براقة، ويُحكم السيطرة باسم المصلحة العليا، حتى يُفرغ النضال من محتواه، ويحوّله إلى مجرد أداة سيطرة وتحكم.
أيها الرفاق..
ليس الهدف من هذا المقال، النيل من شخص عبدالعزيز الحلو، ولكن لتسليط الضوء على ظاهرة خطيرة ومكررة في التاريخ السياسي للحركات المسلحة في السودان، وفي غيره، ظاهرة القائد الذي لا يُسأل، والذي يتحول من رمز ثوري إلى حاكم لا يُنازع.
لقد آن الأوان للحركة الشعبية أن تُعيد تعريف نفسها، وأن تسأل بجرأة.. هل نحن تنظيم تحرر وطني فعلا، أم مجرد مؤسسة شخصية تُدار وفق رؤية فرد.. هل ما زلنا نُحارب من أجل السودان الجديد، أم أننا فقط نحافظ على الوضع القديم بوجه جديد؟
إن لم تجد هذه الأسئلة من يطرحها داخل الحركة، فربما آن أوان طرحها من خارجها، فصوت الضمير الثوري لا يجب أن يُقمع حتى لو جاء من خارج اللائحة الداخلية، إذ أن الثورة الحقيقية تبدأ عندما تسأل القائد إلى أين تأخذنا، وليس عندما تبارك له الطريق وهو يسير وحده؟
النضال لا يُورث، والثورات لا تُؤمّم باسم فرد، والتاريخ لا يرحم، والمستقبل لا يُبنى على عقلية الزعيم الأوحد أو قائد الضرورة.
رفيقي العزيز..
وبينما أنا أضع اللمسات الأخيرة لهذا المقال، وإذ ببيان يصلني في بريدي الإلكتروني، تحت عنوان (الحركة الشعبية لتحرير السودان –شمال تفصل أعضاء "مبادرة الإصلاح الهيكلي والتنظيمي، وتجرّدهم من الرتب العسكرية).
splmn.net
أعلنت الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال عن فصل عدد من أعضائها المنتمين لما يُعرف بـ"مبادرة الإصلاح الهيكلي والتنظيمي"، وتجريدهم من رتبهم العسكرية، تنفيذًا لتوصيات لجنة المحاسبة ورئاسة هيئة الأركان.
وجاء في البيان الرسمي الصادر عن الحركة، أن قرار الفصل استند على توصية لجنة محاسبة القائد رمضان حسن نمر، وبدعم من رئيس هيئة أركان الجيش الشعبي لتحرير السودان – شمال، حيث اعتبرت اللجنة أن "مبادرة الإصلاح الهيكلي والتنظيمي" تنظيم معادٍ للحركة ويُجرّم التعامل معه.
وشمل قرار الفصل و التجريد القادة العسكريين التالية أسماؤهم:
1/ القائد/ أحمد بلقا أتيم
2/ القائد/ محمود التجاني أحمد
3/ القائد/ الأمين النميري يوسف
4/ القائد/ محمد حامد بابكر
5/ الرائد/ عمر عبد الرحمن آدم
وكانت الحركة قد نشرت في وقت سابق ما تسميها بحيثيات فصل القائد رمضان حسن نمر عبر موقعها الرسمي، splmn.net موضحة أن القرار استند إلى تحقيقات بدأت في 19 مارس 2025، بسبب مخالفته مواد محددة من دستور الحركة الشعبية (2017) ولائحة السلوك والانضباط (2018). وأوصت لجنة التحقيق حينها بمحاسبته، وهو ما أسفر عن قرار بفصله وتجريده من رتبته العسكرية، واعتبار المبادرة التي يقودها كيانًا مناهضًا للحركة.
وقد صادقت المؤسسات الدستورية للحركة على قرار لجنة المحاسبة، ووجهت جميع مؤسسات الحركة والجيش الشعبي لتحرير السودان – شمال بوضع القرار موضع التنفيذ الفوري.
****
هذا البيان رفقي العزيز، إنما يعضّد ما سردناه في مقالنا هذا، وهو أن الحركة الشعبية -شمال، في عهد السيد آدم عبدالعزيز، أصبحت شركة خاصة مسجلة بإسمه أو مزرعة، كُتبت عليها (مزرعة الرفيق الحلو)، ممنوع الإقتراب أو الإستفسار.