Post: #1
Title: "المهنية" كستارة دخان: كيف حوّلت الجزيرة الحرب السودانية إلى مسرحية إعلامية؟
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 05-31-2025, 01:13 PM
01:13 PM May, 31 2025 سودانيز اون لاين زهير ابو الزهراء-السودان مكتبتى رابط مختصر
ا
لمقدمة: حين تصبح "الاحترافية" أداةً للانحياز في مشهدٍ يكرّس مأساة السودان، تبرز قناة الجزيرة كمثال صارخ على "الانحياز المُزيّف". وراء شاشاتها اللامعة ولغة التقرير "المحايدة"، تُخفي القناة آلة دعائية مُحكمة الصنع. هذا التحليل - المستند إلى مراجعة عشرات التقارير الإعلامية بين 2023 و2024 - يكشف كيف تُحوِّل القناة المهنية الصحفية إلى سلاحٍ لتمرير أجندة سياسية. الفصل الأول: لعبة المصادر.. حين يتحول العسكريون إلى "خبراء"! الناطق العسكري: مصدر وحيد؟ تكرّس القناة خطاب الجيش عبر الاعتماد على بيانات اللواء نبيل عبدالله دون تدقيق، بينما تُختزل أصوات المدنيين في هوامش التقارير. الخبراء المزيّفون: ضباط سابقون - يُستضافون كـ"محللين مستقلين"، بينما تُستبعد أطراف "نداء السودان" وكأنها شخوص ثانوية في دراما الجيش. المفارقة الصارخة: تشير بعض التحليلات إلى أن 63% من ضيوف البرامج الحوارية يمثلون الإسلاميين، مقابل 7% فقط للجان المدنية، ما يعكس اختلالًا صارخًا في التوازن الإعلامي. الفصل الثاني: خداع الكلمات.. كيف تُصنع الرواية بلغة "محايدة"؟ مصطلح الجزيرة الواقع المختفي "تحرير المواقع" قصف أحياء سكنية "استهداف المتمردين" عمليات بإصابات مدنية "ميليشيات" يُستخدم حصريًا لقوات الدعم السريع لغة الشك vs اليقين: تستخدم القناة صيغ التمريض ("مزاعم") عند انتقاد الجيش، بينما تتحول إلى لغة القطع ("وثّقت المنظمات") عند الحديث عن خصومه. الفصل الثالث: الكاميرا الخادعة.. انتقاء اللقطات كفنٍ للتمويه ما تُظهره الجزيرة: جنود يصلون مساعدات "إنسانية" توزع دكّ "مستودعات أسلحة" ما تخفيه عنك: مشاهد القصف في حي "الدهباب" بالخرطوم ضحايا دارفور أنشطة تجنيد الأطفال بقيادة كتائب إسلامية (كما وثّقت الأمم المتحدة) التلاعب البصري-المتظاهرون المؤيدون للجيش = "شعب" معارضو الجيش = "جماعات مشبوهة" الفصل الرابع: الإسلاميون.. الحليف الخفي في استوديو الجزيرة غسيل الصورة عبر "الإغاثة"- تُغطي القناة أنشطة "الجبهة الإسلامية" الخيرية، بينما تتجاهل سيطرة هذه الجماعات على البنوك والموارد (كما كشف مركز الراصد الاقتصادي). الخطاب التعبوي-مصطلحات مثل "الدفاع عن حياض الوطن" و"المرتزقة" تُعيد إحياء الخطاب الجهادي، مُحوّلة الصراع إلى "حرب مقدسة". الفصل الخامس- إسكات المدنيين.. فنون التشويه والتهميش الإقصاء بالاقتطاع -تصريحات القيادات المدنية (مثل محمد الناجي) تُقطع لتُظهرها وكأنها دعمٌ للجيش. التغطية الإطفائية -إضرابات الأطباء والمعلمين تُختزل في 20 ثانية، بينما يُقدّم الجيش كـ"منقذ الخدمات". نموذج التضليل: "معجزة فك الحصار" نموذجًا عندما أعلنت الجزيرة في أكتوبر 2023: "أنهى الجيش حصار القيادة العامة في عملية نوعية دمرت 70% من قوات المتمردين" ما لم تقله: تقارير هيومن رايتس ووتش عن استخدام أسلحة كيميائية تدمير البنية التحتية المدنية المصادر المذكورة ("مراقبون") مجهولة الهوية الفصل السادس- "المهنية الانتقائية".. حين تتحوّل الحيادية إلى هندسة للرأي العام في أدبيات الإعلام، تُعتبر "المهنية" جملة من القيم مثل التوازن، الموضوعية، وتعدد المصادر. لكن حين تُفصَّل هذه القيم على مقاس طرف واحد، فإنها تفقد مضمونها وتتحول إلى واجهة شكلية تخدم أهدافًا محددة. الحياد المُضلِّل-- الجزيرة لا تلجأ إلى الترويج الفج لرواية طرف على حساب الآخر، بل تمارس ما يُعرف بـ"الحياد الانتقائي"- إيراد وجهتي النظر، لكن مع خلل في التوقيت، واختلاف في العمق، واصطفاف ضمني في اللغة البصرية والنصية. تأثير التكرار والإلحاح: من خلال إعادة بث تقارير بعينها، أو استضافة ضيوف متكررين يدورون في فلك رؤية واحدة، تصنع القناة بيئة إعلامية مغلقة تُهندس وعي المتلقي، وتُعيد تشكيل خريطته الإدراكية تجاه أطراف الصراع.
"الموضوعية المصنوعة": حين يتم تقديم ضابط سابق كـ"خبير عسكري محايد"، أو استخدام "المنظمات الدولية" كمصدر عندما تُدين طرفًا دون آخر، يتحوّل الخبر إلى منتج ذي صبغة واحدة، مهما بدا متوازنًا في ظاهره.
*المهنية كـ"كذبة نبيلة".. ومن يدفع الثمن؟ تقدم الجزيرة نموذجًا خطيرًا لـ "الإعلام الأيدلوجي المُقنّع"
التوازن الوهمي- عرض الطرفين مع اختلالٍ كمي ونوعي.
اللغة كسلاح- تحييد المصطلحات لصالح طرف.
الخبراء الموالون- تحويل العسكريين إلى "مرجعيات مستقلة".
السؤال الأخلاقي- هل تُدرك القناة أنها تساهم في تطبيع نظامٍ وثّقت منظمات حقوقية انتهاكاته؟ أم أن "المهنية" مجرد غطاءٍ لتمرير ما لا يُقال صراحة؟
هذه الآليات لا تشوّه الحقيقة فحسب، بل تُذكي نار الحرب.. والسودانيون يدفعون الثمن.
هذا التحليل ليس اتهامًا للجزيرة، بل دعوة لفك شيفرة "الخبر المحايد". ففي زمن الحروب، قد تكون "المهنية" أفتك الأسلحة حين تُستخدم كقناع.
|
|