حين تطلب النخبة امتنانًا بلا ذاكرة: في سوسيولوجيا التوقعات النرجسية والتضامن المشروط: انحزتم للهامش

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-15-2025, 05:36 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-06-2025, 02:24 AM

خالد كودي
<aخالد كودي
تاريخ التسجيل: 01-01-2022
مجموع المشاركات: 97

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حين تطلب النخبة امتنانًا بلا ذاكرة: في سوسيولوجيا التوقعات النرجسية والتضامن المشروط: انحزتم للهامش

    02:24 AM May, 05 2025

    سودانيز اون لاين
    خالد كودي-USA
    مكتبتى
    رابط مختصر




    حين تطلب النخبة امتنانًا بلا ذاكرة: في سوسيولوجيا التوقعات النرجسية والتضامن المشروط:
    انحزتم للهامش؟ إذًا اسكتوا قليلًا ودعوه يتكلم:

    خالد كودي – بوسطن، 3 مايو 2025

    تمهيد: في مرآة النخبة وحساسية الجرح الرمزي:
    في حوار عابر جمع مجموعة من السودانيين في المهجر، أطلق أحد الرفاق القادمين من الهامش تعبيرًا شائعًا في الذاكرة السياسية السودانية: "جلابة". وهو تعبير، رغم طابعه الإشكالي للبعض، يُستخدم عادةً للإشارة إلى النخب التي هيمنت تاريخيًا على السلطة والثروة والتمثيل السياسي في السودان منذ الاستقلال، والتي تنحدر غالبًا من إثنيات نيلية ومن النطاق الجغرافي لمثلث الخرطوم–الجزيرة–نهر النيل. لم يكن التعبير موجّهًا لشخص بعينه، بل صدر كأثر لغوي لذاكرة جماعية مشبعة بالقهر والعزلة والتهميش.
    لكن ما حدث بعد ذلك، لم يكن ردًا تحليليًا أو نقديًا، بل ردًا دفاعي متوتر. تكرر هذا المشهد في أحد القروبات من إحدى الأخوات السودانيات، وهي قد تكون من ذات الخلفية الإثنية النيلية، التي شعرت أن التعبير يمسّها مباشرة، رغم إعلانها انحيازًا لقضايا الهامش عبر التاريخ. هذا التوتر اللحظي كشف أكثر من مجرد خلاف حول تعبير؛ إنه عبّر عن شرخ رمزي عميق بين من "أعلنوا الانحياز"، وبين من عاشوا التهميش بوصفه واقعًا يوميًا، لا موقفًا سياسياً.
    هذا المشهد، بكل دقته وصغره، يُجسد ما يمكن تسميته بـ"التوقع النرجسي للنخبة":
    إذ يُنتظر من المهمش أن يضبط لغته، أن ينقّح ذاكرته، أن يعيد إنتاج سرده بشكل لا يحرج المتضامن. وكأن التضامن السياسي – حين يأتي من أبناء المركز – يمنح صاحبه امتيازًا مزدوجًا: حق الحديث باسم المهمش، وحق ضبط لغته في الآن ذاته.
    ليست هذه الحادثة استثناءً، بل هي تعبير متكرر عن بنية أعمق، نراها في تجارب ما بعد الاستعمار، وفي الحراك الأفرو–أمريكي، وفي مساحات المقاومة الثقافية والهوياتية، حيث يطلب "المتحالف القوي" من "الضعيف المتحالف معه" أن يُكافئه بالامتنان، لا بالنقد، وبالتهذيب لا بالتمرد.
    تمامًا كما وصف بول جيلروي في كتابه "أطلس الأطراف: عبور الحداثة السوداء"، فإن الذوق الليبرالي حين يتقاطع مع البنية الطبقية والإثنية للمركز، يُنتج ما يشبه "إرهابًا ناعمًا للخطاب"، يقيس شرعية الضحية لا بمدى صدق تجربتها، بل بمستوى امتثالها لذوق المتضامن معها. فكل ما هو فوضوي، غاضب، غير مصقول، يُعتبر تهديدًا لا للخصم، بل للحليف نفسه
    في السياق السوداني، حيث تتراكب الإثنية مع الجغرافيا والطبقة، تصبح اللغة السياسية حقل ألغام، ويُنتظر من الهامش أن "يتعلّم كيف يتكلم"، وأن "يتأدب في حضرة تضامن النخبة". وهنا بالضبط تنقلب المعادلة: لا يعود التضامن خيارًا أخلاقيًا، بل يتحوّل إلى سلطة رمزية تُمارَس على من يُفترض أنهم "أصحاب القضية" أنفسهم.
    إن رد الفعل الغاضب على كلمة "جلابة"، بما تحمله من حمولة تاريخية لا يمكن إنكارها، ليس نتيجة للفظة نفسها، بل لما تُثيره من قلق النخبة حين ترى وجهها القديم في مرآة الهامش. ويصبح المطلوب من المهمش هنا، ليس فقط أن يُحسّن ألفاظه، بل أن يُعيد إنتاج ذاته، حسب توقعات من قرر – يوما ما – أن يصبح "صديقًا للعدالة"، دون أن يتنازل عن موقعه الرمزي أو سلطته في تعريف معايير الكلام المقبول.
    المقال الذي بين أيدينا لا يهدف إلى تأنيب النخبة، بل إلى تفكيك سوسيولوجي دقيق لمنظومة التوقعات التي تصاحب "الانحياز الاختياري" لقضايا العدالة، عندما يُطالب الطرف المُهمَّش، بعد كل ما مر به، أن يتخلى عن ذاكرته، عن غضبه، عن لغته، بل عن نبرة صوته، كي لا يزعج الحليف الحساس.
    وبينما تستعيد الذاكرة السودانية عبارات مثل "الجلابة"، فإن السلوك الذي يُستنكر الكلمة دون فهم سياقها التاريخي، يعيد إنتاج التراتبية الرمزية ذاتها التي تأسس عليها النظام الاجتماعي السوداني منذ ما قبل الاستقلال. فالتحالف، إن كان حقيقيًا، لا يبدأ من إسكات الآخر، بل من الإنصات الجاد له، مهما كانت لغته قاسية، ومهما بدت نبرته "غير لائقة" في قواميس الأدب النخبوي.
    وهكذا نطرح السؤال الحقيقي:
هل انحزتم للهامش فعلًا؟ إذًا اسكتوا قليلًا... ودعوه يتكلم!

    أولًا: كود التوقع النخبوي – امتنان مقابل الانحياز:
    من منظور بيير بورديو، لا تشتغل السلطة الرمزية فقط من خلال فرض المعنى، بل من خلال تحديد من له الحق في المعاناة، ومن له الشرعية في التعبير عنها. ولذلك، حين تنحاز النخبة المركزية إلى قضايا الهامش، فإنها لا تُسقط امتيازاتها الرمزية، بل تعيد توجيهها، مطالبةً – بوعي أو دون وعي – بـ"امتنان رمزي" دائم. الانحياز هنا يتحول إلى رأس مال رمزي، يتطلب من الطرف الآخر سدادًا غير مباشر: عبر الثناء، عبر النغمة المقبولة، عبر الخطاب المنضبط، وربما عبر الصمت
    وهذا ما يسميه تشارلز ميلز في نظريته عن "العقد العنصري" – المبني على نقد العقد الاجتماعي – بـالاعتراف المشروط: أي أن المهمش يُعترف به فقط حين يقبل حدود التمثيل التي يرسمها الآخر، في حالة من الإخضاع الناعم الذي يُشبه الإحسان السياسي أكثر مما يشبه العدالة التاريخية.

    ثانيًا: من عبء الرجل الأبيض إلى عبء "المثقف الحليف:"
    يشبه هذا الخطاب ما كان يُعرف في الحقبة الاستعمارية بـ"عبء الرجل الأبيض"، وهي مقولة وظّفها الإمبرياليون لتبرير استعمارهم باسم "تمدين الشعوب البدائية". اليوم، وفي السياق السوداني، يظهر شكل أكثر مراوغة لهذا العبء: عبء النخبة المركزية التي ترى في نفسها "منقذًا"، أو "جسرًا"، أو "صوتًا عاقلاً" للهامش، وتتوقع بالتالي معاملة خاصة، بل وأحيانًا "حصانة رمزية" من النقد.
    الخطورة في هذا التصور أنه يختزل التاريخ في لحظة التضامن، ويتجاهل المراكمة الطويلة للعنف الرمزي، المادي، والتمثيلي الذي مارسته النخبة – كموقع اجتماعي – بحق الهامش. وكما يقول سعدي علوي، فإن "الخطاب الإصلاحي المتحالف مع النظام، وإن ادّعى المعارضة، يظل ابن نفس البنية التي أنجبت النظام"، وبالتالي فإن الانحياز دون إعادة تفكيك الذات، ليس انحيازًا بل محاولة إعادة تموضع ناعمة داخل لعبة القوة.

    ثالثًا: في علم النفس الاجتماعي – النرجسية السياسية والتوتر مع الاعتراف:
    يشير كريستوفر لاش في كتابه الشهير "ثقافة النرجسية" إلى أن الأنظمة الليبرالية تُنتج أفرادًا يعانون من قلق الاعتراف، أي أنهم يُطالبون بالحب مقابل كل مبادرة. حين نُسقط هذا على خطاب بعض المثقفين "المتحالفين" مع الهامش، نجد أنهم يطالبون المهمشين بالتخلص من غضبهم، من لهجتهم، من شتائمهم، من لغتهم المكسورة، مقابل "التحالف". أي أن ما يُطلب من المهمش ليس فقط الامتنان، بل إعادة تهذيب ذاكرته كي لا تجرح شعور النخبة! ده كلام ده!
    إن غضب المهمش يُصبح تهديدًا لخطاب التضامن، لأنه يُظهر هشاشته. وفي هذه الحالة، يُطلب من أبناء الهامش أن يُجيدوا الأداء، لا أن يعبروا عن ذواتهم. وهنا نعود إلى فرانز فانون في "بشرة سوداء، أقنعة بيضاء" حين يتحدث عن عنف التوقع: كيف يُطلب من الأسود أن يتكلم بلغة السيد، لا فقط نحويًا بل وجدانيًا، كي يُسمح له بالدخول إلى مجال الاعتراف.

    رابعًا: خطاب “الرقي” كنظام ضبط – الذوق بوصفه جهاز سلطة:
    يحدث أن يعبر المهمش عن نفسه بطريقة لا تعجب ذائقة النخبة، وهنا يُطلق حكم جاهز: هذا خطاب غوغائي، شعبوي، غير عقلاني. ولكن من يحدد العقلانية؟ من يرسم حدود "اللغة المقبولة"؟ كما يقول جاك رانسيير في "تقسيم الحسّ"، فإن السياسة تبدأ حين يُزعزع الطرف المهمّش النظام القائم لتوزيع ما يُمكن قوله وسماعه. أي أن النخبة لا تُستفز من الكلمة، بل من كسر قواعد الخطاب التي كانت تعتبر نفسها حارسةً لها.
    والذوق هنا ليس ذوقًا فرديًا، بل جهاز سياسي مضمر، كما شرح بورديو في "التمييز"، لأنه يُعيد إنتاج علاقات الهيمنة الثقافية من خلال تعريف ما هو "راقي"، و"لائق"، و"نخبوي"، مقابل ما هو "همجي"، و"شعبي"، و"رث".

    خامسًا: من المسؤول عن طيّ الذاكرة؟ ومن يطلب النسيان؟
    حين يُطلب من المهمش أن "ينسى"، أن "يفتح صفحة جديدة"، أن "لا يُعمم"، أن "يفصل بين الأشخاص"، فالسؤال ليس فقط عن النية، بل عن السلطة التي تمنح شخصًا الحق في الطلب ذاته. من يحق له أن يطلب من الضحية أن تُعفيه من أثر الجريمة؟ من يقرر أن الذاكرة يجب أن تتطهّر، لأن "زمن الانقسام قد انتهى"؟
    في الدراسات الأفرو–أمريكية، نرى هذا بوضوح. كما تقول سايدي هارتمن في "مشاهد من العبودية"، فإن من يطلب من السود نسيان العبودية، إنما يطلب منهم التخلي عن أنفسهم. لأن الذاكرة ليست جرحًا مفتوحًا، بل دليل على أن العدالة لم تُنجز بعد.
    وفي الحالة السودانية، حين يُطلب من أبناء المعسكرات، ضحايا النهب والقصف والتهميش الطبقي، أن يتخلصوا من كل الغضب، لأن أحد أبناء الخرطوم قال إنه معهم، فإننا لسنا أمام تحالف بل أمام أخلاق استعمارية تتنكر في زي ثوري.

    خاتمة: لا ثورة بدون عدالة في الاعتراف:
    إن النخبة التي تريد من المهمشين أن يتعاملوا معها "بخصوصية" لأنها "انحازت لهم"، دون أن تقبل النقد، أو تسمح بذاكرة مختلفة، أو تعترف بعدم تكافؤ الرمزية والسلطة، لا تساهم في التغيير، بل تُعيد إنتاج شكل جديد من الهيمنة الناعمة
    والحق أن الانحياز لا يمنح حصانة، بل يُحمّل مسؤولية. ومن يريد أن يكون حليفًا حقيقيًا، فعليه أن يصغي لغضب المهمش لا أن يصحّح لغته، أن يقبل عتبه لا أن يشترط صوته، وأن يفهم أن التضامن لا يُكافأ عليه، بل يُختبر عند أول اختلاف
    فالعدالة، في نهاية المطاف، ليست خطبة. بل مشروعٌ يوزّع الألم، الذاكرة، والصوت. وإذا كان في النخبة من يتألّم من جملة قيلت بحدة، فليتذكر أن هناك من مات دون أن يُسمح له بالكلام.

    النضال مستمر والنصر اكيد.
























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de