المحتل الاجنبي كتب في مذكراته انه بعد خروجه من السودان بانه قد ترك ثلاث ركائز هامة في السودان وهي الخدمة المدنية ومشروع الجزيرة والسكة الحديد وذكر ان هذه المشروعات متي انهارت فقد انهار السودان وفي مؤتمر تطوير الخدمة المدنية تحدث السيد رئيس مجلس السيادة الفريق اول عبدالفتاح البرهان عن المحسوبية وتوظيف الاقارب حتي وصلت الي "الحبوبات" اي الجدات وهي جمع جده حيث اشار الي اهمية اصلاح الخدمة المدنية، وعدم استخدام السياسة والتوجهات الحزبية وكذلك تحدث نائبه مالك عقار في نفس السياق انه لامر محزن ان يفوح الفساد في الدولة حتي يزكم انوف كبار المسؤلين وحتي يتحدث عنه راس السلطة اننا وصلنا مستوي الحضيض في الفساد و العجز الذي وصلت له الدولة نتيجة لهذا الفساد حيث ظل الفساد ينخر في جسد المجتمع السوداني قبل ان يصيب الدولة نفسها ويظهر هذا الفساد حين تشكل في شكل شغب مؤلم مزعج حيث اقعد السودان وجعله يتخلف عن ركب التطور والنمو والاستقرار السياسي والامني ودون شك ان اخطر مهددات المجتمعات والدول هو الفساد والمحسوبية والعنصرية والكراهية التي حتما سوف تقود الي الخصومة والتنازع ثم القتال والحروب بسبب ان البعض يري انه مظلوم والاخر يظن نفسه هو الافضل وهو الاكرم وهو الاعز الاصل ومادونه هم السراب والشتات وتصبح حالة الفوضي والارتباك والهرج والمرج والظلم والفوضي هي السائدة، لهذا تطل علينا بوجهها القبيح الكالح شغب الهوية "القبلية" في مقابل الهوية "الوطنية" وهذا يتضح ويظهر جليا بين ذلك المدى البعد حيث "الأنا" وذلك الآخر "نحن" ولأن فكرة الوطن يتعذر فهمها في وضعية المجتمعات التي مازالت تفكر بمستوى الشرنقة الأولى وهي تعيش في محيط، رخوي آثن يطفو علي سطحه المايكروبات والجراثيم والبكتريا وحتما هذه المجتمعات التي مازالت تعيش في طور الشرنقة مرهونة في أصغر وحدة من التجمع البدائي المتخلف المتناحر المتقاتل علي "لا شيء" ، والذي يصيب الانسان بالدهشة هو عدم قدرة المجتمع علي التعايش حتي مع دينه وعقيدته الاسلامية حيث ظل الاسلام هو رمز وشعار شكلي باهت في النفوس وظلت شعائر الاسلام تؤدي تمثيلا اكثر مما هو تعبد ويظهر ذلك في عدم الصدق والامانة والتكافل والرحمة والانسانية بل نجد التضاد يظهر في افعال نواب الشعب المنتخبين الجالسين تحت "قبة" البرلمان حين يصوتون ضد دينهم وعقيدتهم ويرفضون شريعة السماء معلنين رفضهم لمنهج الله وحكمه، والاشد عجبا تجد هذا النائب واتباع ذاك الحزب وتلك الجموع يخرجون من قبة البرلمان وهم نفسهم الذين اعلنوا فيه محاربة الله ورسوله وتجدهم يقصدون المساجد حتي يؤدون شعيرة الصلاة الركن الثاني من اركان الاسلام وهم يرفضون شرع الله وينغضون الركن الاول من اركان الاسلام، ولهذا نجد انفسنا نعيش في حالة من التناغض الديني والفكري والاخلاقي والتربوي والمجتمعي ولهذا لانستغرب انه انتج لنا المجتمع سياسي اناني لايعرف سوي نفسه ومصالحة ويعين اقاربه في الوظائف "الشاغرة" واذا لم تكن هنالك وظائف شاغرة يخلق وظائف جديدة من العدم من اجل مصالحه واقاربه واهم شي "حبوبته" في حين نجد انه قد جاء الإسلام ونقل البشرية نقلة بعيدة من سفح (الأنا) المنخفضة السافلة المنحطة إلى قمة (نحن) المرتفعة الشامخة العالية الاسلام ارتقي باهل الجاهلية بعد ان كانوا يقتتلون علي ناقة او فرس أغبر نحو أربعين عاما ، ولكن الاسلام سما بهم إلى قمة الحضارات الإنسانية والبشرية حضارة تجعل المرء يتنازل عن كل ما يملك حتى يقدم علي ان يتنازل عن زوجته ويطلق إحدى زوجاته ليتزوجها أخوه المسلم "إيثارا" اننا نجد في ذلك الجو من المواطنة الشريفة النظيفة والتلاحم المجتمعي والتدين الحقيقي وليس التدين الكذوب الباطل فإن تلك المواطنة لقد بنت واثمرت الفكرة الحضارية المدهشة التي ابهرت العالم حيث الفكرة الشفيفة الوريفة التي تلاشت في ظلالها كل غواية "الأنا" المنغلقة المتحجرة اليابسة العابسة الغشوم ، واستروحت في ظلالها الطمأنينة على هدهدات دار الإسلام الوطن الأم الرؤوم، داخل سياج عقيدة التوحيد الراسخة ولهذا اثمر الاسلام اخلاق رفيعة ومنها العفاف والعدل والصدق والامانة والاخوة الحقيقية الصادقة التي جعلت المجتمع قوي البنيان متماسك قوي صلب وهنا يكمن الفارق الكبير بين "الانا" القبيحة وبين "نحن" العالية الشامخة وهيهات لنموذج المهاجرين والأنصار ان يتكرر وفق معطيات واقع مجتمعنا الرخو في مستنقعاته الراكدة الآثنة، لقد علمونا الأنصار رضي الله عنهم وهم الذين" حبهم من الإيمان وبغضهم من النفاق" بأنهم كانوا وطنيين بحق ، تجمعهم دار الإسلام حضاريون وحضر يحبون من هاجر إليهم ، فهو يشبههم جمالا وحالا ، وهم يشبهونه جمالا وحالا ، يزيدهم ويزيدوه ولاينقصهم وهكذا اجتمعت سادة بيت العبادة من أهل مكة المؤمنة اهل السقاية والرفادة، مع سادة بيت الضيافة من أهل المدينة المنورة وكل هؤلاء واؤلئك هم أضياف عند الله الكريم الرحيم ، في دار النعيم المقيم أليس الجزاء من جنس العمل ؟ اننا اكثر الشعوب التي تدعي انها اكثر حبا للنبي صلى الله عليه وسلم ولكن افعالنا واخلاقنا وسلوكنا لا تشبه ماجاء به النبي صلى الله عليه وسلم وما اسس عليه دولته العظيمة التي قال فيها والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمدا يدها، كيف يستقيم حالنا وحياتنا ينهش فيها الفساد والمحسوبية مما رسخ الظلم والغبن في كثير من النفوس حتي تقوقع المجتمع بكل اطيافة واولهم السياسي السوداني في خانة" الانا" وغابت عن مجتمعنا "نحن" وحتما فإن البون شاسع بينها ومازال غبار الحرب يغطي المكان ولولا سمو قيم الاسلام التي ارتقت بالاخلاق لما خمد غبار داحس والغبراء، فمتي تخمد نيران الحروب القبيحة في بلادنا ومجتمعاتنا ويتطور السياسي السوداني ويخرج من طور الشرنقة؟اقول جازما السر يكمن في فهم وتطبيق الركن الاول من اركان الاسلام والعمل بمقتضاه لان هذا الركن الاسلامي الاول يحوي اصل العبادة والعدل ويحارب كل انواع الظلم والفساد بمختلف اشكاله سواء كان ضرر لازم او ضرر متعدي
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة