Post: #1
Title: حِكَايَةُ عُتْمَانَ وَالمَسْعُولِينَ وَ"سِتَّاتُ الشَّايِ" راجع ثانى!!! كتبه الأمين مصطفى
Author: الأمين مصطفى
Date: 04-24-2025, 07:50 PM
07:50 PM April, 24 2025 سودانيز اون لاين الأمين مصطفى-السودان مكتبتى رابط مختصر
"رَاقِبُوا مَعِي بِدِقَّةٍ شَارِعَ النِّيلِ الْمُبَارَكَ! إِنْ عَادَتْ "سِتُّ شَايٍ" وَاحِدَةٌ بِفِنْجَانِهَا الْمُتَوَاضِعِ، أَوْ عَادَ شَخْصٌ وَاحِدٌ لِيَجْلِسَ فِي تِلْكَ الْأَمَاكِنِ الْمُظْلِمَةِ الْبَائِسَةِ، فَاعْلَمُوا يَقِينًا أَنَّ حَرْبَ خَمْسَةَ عَشَرَ أَبْرِيلَ لَمْ تُغَيِّرْ شَيْئًا فِي مَنْهَجِ التَّفْكِيرِ الرَّسْمِيِّ الْعَتِيقِ." وَالشَّعْبُ الْمِسْكِينُ يَهْمِسُ بِلِسَانِ الْحَالِ: "أَنَا مَظْلُومٌ مَرَّتَيْنِ!" مَرَّةً مِنَ الْحَرْبِ وَمَرَّةً مِنْ هَذَا الْفِكْرِ الْمُتَحَجِّر أَمَّا التَّغْيِيرُ فِي ذِهْنِ عُتْمَانَ الْبَائِسِ، فَهُوَ مُنْصَبٌّ بِشَكْلٍ غَرِيبٍ وَمُسْتَمِيتٍ عَلَى "سِتِّ الشَّايِ" فِي شَارِعِ النِّيلِ! وَهَذِهِ عُصَارَةُ جُهْدِهِ وَخَيَالِهِ فِي الْيَوْمِ التَّالِي لِلْحَرْبِ الْمُدَمِّرَةِ! يَتَخَيَّلُ عُتْمَانُ نَفْسَهُ رَقِيبًا مُهِمًّا يُعَلِّمُ الْكُتَّابَ حُدُودَ الْكِتَابَةِ، بَعِيدًا كُلَّ الْبُعْدِ عَنْ قَانُونِيَّةِ وَدُسْتُورِيَّةِ سُلْطَةِ الْأَمْرِ الْوَاقِعِ الَّتِي هى بَاطِلَةً، وَمَعَ ذَلِكَ يَطْلُبُ مِنْهَا حَقًّا! يَا لَلْعَجَبِ! الظُّلَامُ لَيْسَ ظُلَامَ شَارِعِ النِّيلِ الْبَائِسِ الَّذِي جَعَلَهُ "الْمُؤْتَمَرُ اللَّاوَطَنِيُّ" حِكْرًا لِمَسْعُولٍ مِنْهُ لا يسع غيره ، يَزْعُمُ أَنَّ مَلْكَهُ أُمِّيَّةُ الْكَهْرَبَاءِ فِي هَذَا الشَّارِعِ بِطُولِهِ وَعَرْضِهِ فى سابقة جنائزية! الظُّلَامُ الْحَقِيقِيُّ هُوَ غِيَابُ الْقَانُونِ وَالدُّسْتُورِ بِفِعْلِ انْقِلَابٍ أَخْرَقَ بِبَيَانٍ صِفْرِيٍّ يَعُودُ بِالْبِلَادِ إِلَى مَا قَبْلَ الْعَصْرِ الْحَجَرِيِّ وَالْكُهُوفِ الْمُظْلِمَةِ! يَحْلُمُ عُتْمَانُ بِشَارِعٍ مُضَاءٍ خَالٍ مِنْ "سِتَّاتِ الشَّايِ" فِي الْيَوْمِ التَّالِي لِلْحَرْبِ! هَذَا كُلُّ مَا يَجُولُ فِي فِكْرِهِ الْفَقِيرِ الَّذِي نَشَأَ وَتَرَبَّى عَلَى ثَقَافَةِ "الْكَشَّاتِ الدَّوَّارَةِ" الَّتِي تُمَثِّلُ مَصْدَرَ دَخْلٍ لِحُكُومَةِ الْجِبَايَاتِ، وَثَبَاتًا وَظِيفِيًّا لِكَادِرِهَا عَبْرَ التَّحْصِيلِ الْإِضَافِيِّ الَّذِي يُفْضِي إِلَى الرِّضَا الْوَظِيفِيِّ عَبْرَ مَوَارِدِ التَّجْنِيبِ وَالرُّشَى! يَا لَهَا مِنْ مُفَارَقَةٍ سَاخِرَةٍ! إِنَّ "سِتَّاتِ الشَّايِ" الْمُتَرَامِيَاتِ مِنْ أَمَامِ الْمُتْحَفِ الْقَوْمِيِّ إِلَى الْمُنْشِيَّةِ، يَقِفُ خَلْفَهُنَّ مُتَنَفِّذُونَ مِنْ أَجْهِزَةِ "اللَّادَوْلَةِ" وَعُضْوِيَّةِ "الْمُؤْتَمَرِ اللَّاوَطَنِيِّ"! أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ الْأَرْضَ تُؤْخَذُ كِفَاحًا مِنْ أَمْثَالِ هَؤُلَاءِ النَّاسِ الْبُسَطَاءِ؟ بَلْ إِنَّ "الْمُؤْتَمَرَ اللَّاوَطَنِيَّ" تَوَصَّلَ فِي قِمَّتِهِ الفاسدة إِلَى أَنَّ بَقَاءَ شَارِعِ النِّيلِ عَلَى حَالِهِ الْفَوْضَوِيِّ يُقَلِّلُ مِنْ احْتِقَانِ الشَّارِعِ! يَا لَهُ مِنْ تَفْكِيرٍ عَمِيقٍ وَحَكِيمٍ! إِنَّ الْفِكْرَ السَّلِيمَ يَبْدَأُ فِي دَوْلَةِ الْقَانُونِ حِينَ تَكُونُ هُنَاكَ بَلَدِيَّاتٌ مُنْتَخَبَةٌ مِنَ الشَّعْبِ، وَلَيْسَ مَسْعُولٌ مُكَبَّلٌ بِجَنْزِيرِ دَبَّابَةٍ! ذَلِكَ الْمَسْؤولُ المدنى الَّذِي يُرَاعِي كُلَّ طَبَقَاتِ الشَّعْبِ فِي التَّخْطِيطِ الْحَضَرِيِّ وَالرِّيفِيِّ بِأَنْ يُخَصِّصَ الْأَمَاكِنَ لِكُلِّ الطَّبَقَاتِ فِي مَظْهَرٍ يَحْفَظُ كَرَامَاتِ الْإِنْسَانِ وَلَا يُؤَدِّي إِلَى تَلَوُّثٍ بَصَرِيٍّ! يَا لَهُ مِنْ حُلْمٍ بَعِيدِ الْمَنَالِ عن خيال عتمان المربوط على مجنزرة! إِنَّ الْمُدُنَ فِي عَهْدِ "الْمَخْلُوعِ" وَ"الْمَشْرُوعِ الِاحْتِضَارِيِّ" عَادَتْ إِلَى مَا قَبْلَ الْمَهْدِيَّةِ! وَتَحَوَّلَتِ الْأَسْوَاقُ الَّتِي كَانَتْ تُسَمَّى بِـ "الزِّنْكِيِّ" إِلَى رَوَاكِيبَ مغطاة بالخيش القديم المهترئ مُتَنَاثِرَةٍ فِي كُلِّ الْمُدُنِ وَالْأَحْيَاءِ! وَصَارَتِ النُّفَايَاتُ عَلَى قَارِعَةِ وَجُزُرِ الطُّرُقِ تُمَثِّلُ الْأَزْهَارَ وَالنَّوَافِيرَ فِي الْمَدِينَةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ عُهْدِهِ المخلوع جَمِيلَةً وَنَظِيفَةً بازهارها! إِنَّ الْمَسْعُولَ الْمُتَّسِخَ بِالْجِبَايَاتِ وَالتَّجْنِيبِ وَالرُّشْوَةِ لَا يُرْجَى مِنْهُ مَظْهَرٌ حَضَارِيٌّ أَوْ نَظَافَةٌ! فَهُوَ حَامِلٌ وَمُوَزِّعٌ لِكُلِّ الْأَدْرَانِ وَالْأَوْسَاخِ! إِنَّ "سِتَّ الشَّايِ" يُمْكِنُ أَنْ تَعُودَ إِلَى كُورْنِيشِ النِّيلِ، وَلَكِنْ عَبْرَ تَخْطِيطِ مَسْؤولٍ فِي دَوْلَةٍ مُنْتَخَبَةٍ يَعْرِفُ أَهَمِّيَّةَ أَنْ يُقَدِّمَ الْخِدْمَاتِ وَالتَّطْوِيرَ لِلشَّعْبِ! فَهُوَ مُحَاسَبٌ بِصُنْدُوقٍ انْتِخَابِيٍّ، وَلَيْسَ مَسْعُولًا فِي "لَا دَوْلَةِ" الْجِبَايَةِ وَالتَّجْنِيبِ وَالرُّشْوَةِ الَّتِي شِعَارُهَا الْفَوْضَى الْخَلَّاقَةُ لِلْبَقَاءِ وَالسَّرِقَةِ وَالتَّحَلُّلِ، تَحْمِيهَا دَبَّابَةٌ مُجَنْزَرَةٌ إِلَى انْتِفَاضَةِ الشَّعْبِ بَعْدَ عُقُودٍ! يَا لَهَا مِنْ نِهَايَةٍ مُرَّةٍ وَسَاخِرَةٍ!
|
|