Post: #1
Title: مستقبل الاقتصاد الأميركي في ظل سياسات ترامب الجمركية: الأسواق تتهاوى والدول الفقيرة تدفع الثمن
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 04-05-2025, 08:45 PM
08:45 PM April, 05 2025 سودانيز اون لاين زهير ابو الزهراء-السودان مكتبتى رابط مختصر
تحليل خاص – استنادًا إلى رصد آراء مجموعة من المستشارين الاقتصاديين الدوليين
في عالمٍ تشابكت خيوطه الاقتصادية حتى صارت الأزمات المحلية شرارة لأعاصير عالمية، تقف الولايات المتحدة اليوم على حافة عاصفة تجارية ذات تداعيات غير مسبوقة. فمع عودة السياسات الجمركية التي أطلقها الرئيس السابق دونالد ترامب، والتي وُصفت بـ"الجدار الاقتصادي" الجديد، يتشكّل مشهدٌ معقّد يُهدد الاستقرار المالي العالمي، بينما تتحوّل الدول الفقيرة إلى وقودٍ في هذه المواجهة الشرسة.
الذعر يضرب وول ستريت: خسائر تاريخية تلوح في الأفق لم تكن الأسواق المالية الأميركية بمنأى عن صدمة الرسوم الجمركية الواسعة. فخلال أسبوع واحد، شهدت المؤشرات الرئيسية انهيارات قياسية: مؤشر "داو جونز" هبط بأكثر من 3000 نقطة، و"ناسداك" فقد 10% من قيمته ليغرق في "منطقة الهبوط" بينما تراجع مؤشر SandP 500 بنسبة 9.1%، وسط تنامي مخاوف الركود.
وفقًا لـ وول ستريت جورنال، بلغت الخسائر المالية العالمية نحو 6.6 تريليون دولار خلال يومين فقط، ما يعكس حالة الذعر التي تجتاح المستثمرين، خاصة بعد الرد الصيني العنيف بفرض رسوم بنسبة 34% على الواردات الأميركية.
تقول كالي كوكس، الخبيرة المالية: "الأسواق تعيش حالة قيء ذاتي، حيث تُغذي المخاوف مزيداً من التدهور". هذا الواقع يطرح تساؤلاً ملحًّا: هل تتحمل الشركات الأميركية تكاليف هذه الرسوم على المدى الطويل؟ أم أن سياسات الحماية ستنقلب إلى كابوس يهدد النمو؟
الضحية الخفية: اقتصاديات الجنوب بين المطرقة والسندان وراء صخب وول ستريت، تُدفع الفاتورة الأثقل في العواصم الأفريقية والآسيوية. فالدول الفقيرة التي تعتمد على صادرات أحادية تواجه خطر الانهيار تحت وطأة الرسوم الأميركية المرتفعة:
ليسوتو التي يشكّل النسيج نحو 50% من صادراتها، تواجه رسوماً بنسبة 50%، ما يهدد بفقدان آلاف الوظائف.
في جنوب شرق آسيا، ارتفعت الرسوم على صادرات فيتنام إلى 46%، وكمبوديا إلى 49%.
بنغلاديش، التي تعتمد على الملابس الجاهزة في 80% من دخلها القومي، أصبحت على حافة الخسارة التنافسية مع رسوم تصل إلى 37%.
دول مثل مدغشقر، أنغولا، وبوتسوانا تواجه رسومًا تتراوح بين 32% و47%.
هذه الأرقام ليست مجرد بيانات؛ إنها إشارات واضحة إلى موت بطيء لاقتصادات هشة تُجبر على القبول بشروط تفاوض غير عادلة أو الانخراط في مواجهة غير متكافئة.
سلاسل التوريد العالمية: حلقة مفرغة من الاضطراب لم تكن الشركات متعددة الجنسيات في منأى عن هذه الأزمة. فبعد محاولات دامت سنوات لفك الارتباط بالصين، أصبح الاعتماد على مراكز صناعية بديلة في آسيا وأفريقيا الآن مكلفًا، بل وربما أكثر هشاشة. الرسوم الأميركية الجديدة أعادت رسم خريطة التجارة العالمية، لكنها أثبتت أن التنويع لا يُعني الحصانة، وأن "الاستقلال التجاري" لا يُبنى بالقرارات المنفردة.
مفاوضات صعبة ومستقبل غامض تبدو خيارات الدول النامية محدودة. فرض رسوم انتقامية سيزيد عزلتها، والتفاوض مع واشنطن محفوف بالألغام السياسية والاقتصادية. أما في الداخل الأميركي، فإن ارتفاع أسعار الواردات يهدد بموجة تضخم جديدة، قد تُقوّض ما تبقى من ثقة في الدولار، وتُسرّع تحوّل مركز الثقل الاقتصادي نحو قوى ناشئة كالصين وتحالف "بريكس".
أشهر حاسمة ومصير مشترك تبقى الأشهر القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كانت الولايات المتحدة ستنجح في تحويل سياساتها الجمركية إلى ورقة ضغط رابحة، أم أنها ستتكبد ثمن العزلة الاقتصادية. في المقابل، على المجتمع الدولي أن يُدرك أن انهيار اقتصادات الدول الفقيرة ليس شأناً محلياً بل ضربة لنظام التجارة العالمي بأكمله.
ويبقى السؤال: هل نتعلّم من التاريخ أن الحمائية جدارٌ ينهار في نهاية المطاف على رؤوس من يبنونه؟
|
|