Post: #1
Title: رد فعل غير عادي لفعل عادي يعذب ضمير محجوب شريف النبيل كتبه عمر الحويج
Author: عمر الحويج
Date: 04-04-2025, 11:28 AM
11:28 AM April, 04 2025 سودانيز اون لاين عمر الحويج-الخرطوم-السودان مكتبتى رابط مختصر
في تعليق لي في صفحة الصديق د/حسن الجزولي في الفيس بوك ، وكتابته العميقة في الذكرى الأولى لرحيل شاعر الشعب والإنسانية حبيبنا محجوب شريف ، رأيت بإعادة هذه المشاركة في ذكرى رحيله الحادي عشر ، مع قليل تصرف . الراحل محجوب شريف إنسان منذ مولده إنسان طيلة حياته إنسان بعد رحيله مجسداً في شعره ومساره ، كان هو الإنسان الخالد في ضمير الشعب أبداً ، مجد إسم ورسم مخلداً . حكاية قديمة في حوالي منتصف السبعينات ، جعلتني أفكر حينها ودائماً ، أن الراحل بحساسيته الانسانية المفرطة والمتدفقة ، دائماً ما يحس أنه شخصياً ( أكيد وليس قد يكون ) ، مسؤولاً وبشكل مباشر عن اﻵلام واﻷحزان التي يعانيها اﻷخرون مهما صغرت في نظرنا نحن . جاءني صباح جمعة هو والصديق د/عبد القادر الرفاعي والشاعر الراحل عمر الدوش وطلبوا مفتاح سيارتي الفيات ، العتيقة ، منتهية الصلاحية ، آكلة عمرها الإفتراضي بلا حياء ، (كما الكيزان في زماننا هذا ، بلا حياء انتهى بهم العمر الإفتراضي ، يريدون كعربتي الكركوبة يصرون معها على السير في الطرق المسلفتة دون تدبير أو تدبر في العواقب التي جلبوها للوطن والمواطن ، وعذراً لعربتي التي أخلصت دونهم الذين خانوا ) . قالوا لديهم مشوار مهم ، وكان هذا شيئاً عادياً بين الأصدقاء ، وعند الغروب عادوا ، وقبل وصولنا ديوان المنزل لبعض ضيافة ، اعتذر لي د/عبدالقادر الرفاعي بوصفه السائق ، أن مساعد الياي الأمامي للعربة قد إنكسر وبما أن عربتي قابلة لتلقى اﻷعطال في أي لحظة وكل وقت ، ومتى شاءت ، وانا اعرف خطاياها ومقالب خطاها ، فهي معي يوماً بكامله ، ويومين مع المكانيكي بأكمله . فأخذت الموضوع برد فعل عادي ، ومتجاوز ، خاصة وأن الميكانيكي جاري ، وسعر اصلاحه للعطل عيني وليس نقدي ، إلا أني لاحظت أن الراحل محجوب شريف ، طيلة مدة جلوسنا للضيافة ، وهو ظل في حالة أعتذار متكرر لي ، بتأثر شديد ، وفي كل مرة بكلمات أكثر تأثرا من سابقتها ، وحين أبديت تعحبي من هذه اﻹعتذارات الغير عادية ، في أمر لا يستحق اﻹعتذار أصلاً ، حينها فاجأتني ضحكات عبد القادر الرفاعي والراحل عمر الدوش ، وعرفت منهما السبب أن هذا المشوار المهم كان يخص الراحل محجوب ، وحكيا لي ، أنه ظل يكرر ، مع كل صوت "طقطقة" تصدره العربة ، تطقطق حينها نبضات ضميره الحي ، ويردد لهم "هسي حنعتذر لى عمر كيف ، ونقول ليه شنو" .. وضحكت معهم لهذا السبب الذي لا يشبه غير محجوب شريف . رحمك الله أيها البطل الاسطوري في إنسانيتك في حساسيتك في أدبك وفي ضميرك ، وبعده وقبله في شعرك الذي سيخلده شعبنا والوطن والتاريخ . وستظل فينا ، وفي ذكرياتنا وذواكرنا نحن الذين جايلناك وعايشناك ما حيينا . وسيظل شعرك مستودع أحزان وأتراح وآلام شعبنا ومن ثم في أفراح شعبنا القادمات . ورحم الله الفرسان الثلاثة محجوب شريف وعمر الدوش ، "وقد دونت هذه الذكرى قبل رحيل د/عبدالقادر الرفاعي" ولهم المغفرة بقدر ما قدموا من فكر وثقافة وأدب وشعر .. وتمثلت حياتهم بحق ، المثقف العضوي الملتزم في أنقي تجليه . ومحجوب شريف هو القائل عند الموت عن ضميره : [ أموت لا أخاف كيفما يشاء لي مصيري قدر ما أخاف أن يموت لحظة ضميري ] .
[ لا للحرب .. لا "لموت الضمير" .. نعم للسلام .. والدولة مدنية ]
|
|