الازدواجية الأمريكية:بين التنديد المتأخِّر والتغاضي المُتعمَّد عن جرائم البرهان في السودان كتبه م.

الازدواجية الأمريكية:بين التنديد المتأخِّر والتغاضي المُتعمَّد عن جرائم البرهان في السودان كتبه م.


04-03-2025, 07:11 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1743703909&rn=0


Post: #1
Title: الازدواجية الأمريكية:بين التنديد المتأخِّر والتغاضي المُتعمَّد عن جرائم البرهان في السودان كتبه م.
Author: نادر عمر
Date: 04-03-2025, 07:11 PM

07:11 PM April, 03 2025

سودانيز اون لاين
نادر عمر-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر



الازدواجية الأمريكية: بين التنديد المتأخِّر والتغاضي المُتعمَّد عن جرائم البرهان في السودان
بقلم: [م. نادر عمر ]

---

مقدمة: من "الشركاء" إلى قائمة العقوبات
عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش ، لم يكن مجرد لاعب عسكري في المشهد السوداني، بل تحوَّل إلى رمز للعنف الممنهج والإفلات من العقاب. رغم سجلّ جرائمه الواضح منذ اندلاع الحرب الأهلية في أبريل 2023، ظلَّ الموقف الأمريكي مترددًا في محاسبته، حتى جاءت عقوبات يناير 2025 لتكشف عن تناقض صارخ: إدانة متأخرة تزامنت مع سنوات من الصمت المشبوه.

---

1. سنوات من التغاضي: البرهان "شريك" في مرحلة ما قبل العقوبات
قبل فرض العقوبات، تعاملت الإدارة الأمريكية مع البرهان كشريك في "الانتقال الديمقراطي"، رغم الأدلة المتزايدة على ارتكاب قواته جرائم حرب منهجية، مثل:
- استهداف المدنيين عمدًا: شنّت القوات المسلحة غارات جوية على مدارس ومستشفيات وأسواق مدنية، مستخدمةً التجويع كسلاح حرب، وهو ما اعترف به البيان الأمريكي لاحقًا .

- عرقلة المساعدات الإنسانية: منع الجيش وصول الغذاء والدواء إلى 25 مليون سوداني، مما ساهم في تفاقم أسوأ أزمة إنسانية عالمية .

- رفض المشاركة في مفاوضات السلام: امتنع البرهان عن حضور محادثات وقف إطلاق النار في سويسرا (أغسطس 2024)، وهو ما اعتُبر استهتارًا بالجهود الدولية .

لكن واشنطن، بدلًا من التحرك الفوري، استمرت في التعامل معه كطرف في المعادلة السياسية، حتى بعد انقلاب 2021 الذي قاده للإطاحة بالحكومة المدنية .

---

2. "عقوبات يناير 2025": خطوة أمريكية لـ"إنقاذ الوجه"
لم تفرض الولايات المتحدة العقوبات على البرهان إلا في يناير 2025، بعد 21 شهرًا من الحرب التي أودت بحياة عشرات الآلاف، ووصولًا إلى إعلان المجاعة في مناطق سودانية متعددة . جاءت هذه الخطوة متأخرة، ووُصفت من قبل محللين بأنها محاولة لـ"حفظ ماء الوجه" بعد فشل سياساتها في تحقيق الاستقرار .

أوجه القصور في العقوبات:
- عقوبات انتقائية: شملت تجميد أصول البرهان في الولايات المتحدة، لكنها استثنت حظر سفره، على عكس العقوبات المفروضة على الفريق أول حميدتي .

- تجاهل اتهامات أشد خطورة: مثل استخدام الأسلحة الكيميائية ضد قوات الدعم السريع، وفق تقارير نيويورك تايمز (يناير 2025)، والتي لم تُدرجها الإدارة الأمريكية في مبررات العقوبات .

- غياب الضغط الدولي الموازي: اكتفت واشنطن بإجراءات أحادية، دون حشد دعم دولي لمحاكمة البرهان أمام المحكمة الجنائية الدولية.

---

3. البرهان في الخطاب الأمريكي: من "الشرعية الثورية" إلى "اللاعب غير الشرعي"
رغم تصنيف البرهان الآن كـ"غير مؤهل لحكم السودان" ، فإن الخطاب الأمريكي السابق كان يُظهر تفاوتًا في التعامل

- دعم ضمني خلال المرحلة الانتقالية: تعاونت واشنطن مع البرهان بعد الإطاحة بالبشير (2019)، رغم تحذيرات منظمات حقوقية عن استمرار انتهاكات الجيش.
- التركيز على "التوازن" بين الطرفين: حاولت الإدارة الأمريكية إظهار حيادها بفرض عقوبات متزامنة على البرهان والفريق أول حميدتي، لكن هذا تجاهل حقيقة أن الجيش يحظى بهيمنة مؤسسية أعمق، مما يجعله شريكًا أصعب في الاستبعاد .

---

4. تداعيات التغاضي: تفكيك الدولة وتعطيل المساءلة

أدَّى الصمت الأمريكي المبكر إلى:
- كريس ثقافة الإفلات من العقاب: استمرت القوات المسلحة في ارتكاب الانتهاكات، وصولًا إلى استخدام الأسلحة الكيميائية، دون رادع دولي فاعل .

- تضاؤل مصداقية الديمقراطية: رأى كثير من السودانيين في التحرك الأمريكي المتأخِّر دليلًا على أن الضحايا المدنيين مجرد أرقام في حسابات جيوسياسية.

- تعقيد الأزمة الإنسانية: تأخر العقوبات سمح باستمرار عرقلة المساعدات، مما زاد من معاناة الملايين .

---

الخاتمة: هل تكفي العقوبات لطي صفحة الدم؟
التجربة السودانية تكشف ازدواجية السياسة الأمريكية: إدانة الجرائم عندما تُصبح تكلفة الصمت أعلى من ثمن التحالف.

اليوم، يحتاج السودان إلى أكثر من عقوبات فردية؛ يحتاج إلى ضغط دولي منسق لتفكيك بنية الجيش الأمنية، ومحاكمة القادة، وإعادة بناء الدولة على أسس العدالة. فالتاريخ لن يُغفر لأمريكا تأخيرها، ولن يكافئها إلا إذا تحوَّلت العقوبات من أداة علاقات عامة إلى استراتيجية حقيقية لإنهاء الإفلات من العقاب.

---
هوامش العقوبات الأمريكية على البرهان شملت تجميد أصوله وشركات مرتبطة به، لكنها لم تمنعه من السفر .
- تقارير نيويورك تايمز عن الأسلحة الكيميائية لم تُؤكَّد رسميًا من قبل الإدارة الأمريكية، مما أثار تساؤلات عن دوافع التعتيم .
- تصريحات بلينكن عن "الأسف" لفشل واشنطن في إنهاء الحرب تعكس اعترافًا غير مباشر بفشل السياسات السابقة .