Post: #1
Title: الساسة العرب والجامعة العربية بين الوهم والواقع في أزمة السودان#
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 03-18-2025, 12:30 PM
12:30 PM March, 18 2025 سودانيز اون لاين زهير ابو الزهراء-السودان مكتبتى رابط مختصر
عندما يخرج وزير الخارجية المصري ليعلن أن تقسيم السودان "خط أحمر"، نجد أنفسنا أمام مشهد مألوف من الخطابات الدبلوماسية العربية التي تفتقر إلى الفعل الحقيقي، مكتفيةً بالكلمات الإنشائية التي لا تتجاوز أروقة المؤتمرات الإعلامية. هذا التصريح، الذي يبدو محاولة لاستعادة دورٍ مفقود، يطرح تساؤلات جوهرية حول مدى قدرة الدول العربية، ومؤسساتها مثل الجامعة العربية، على التأثير في الأزمات الإقليمية، لا سيما في ظل أزمة السودان التي كشفت بوضوح عمق التشرذم العربي وغياب الرؤية الاستراتيجية. السودان ساحة مفتوحة للصراع والتدخلات الخارجية يعيش السودان منذ أكثر من عامين حالة من الانهيار الشامل، في ظل صراع دموي بين الجيش وقوات الدعم السريع. لكن ما يجري هناك ليس مجرد حرب أهلية، بل هو صراع على السلطة والموارد، تديره قوى محلية مدعومة بأجندات إقليمية ودولية. ورغم خطورة الموقف، تبدو الجامعة العربية عاجزة عن استيعاب تعقيدات المشهد، ناهيك عن تقديم حلول عملية تساهم في احتواء الأزمة. تعامل الجامعة العربية مع السودان لا يزال أسيرَ رؤى تقليدية قاصرة، تنظر إلى الصراع من منظورٍ ثنائي ومحدود، بينما تتجاهل الأبعاد الجيوسياسية والتدخلات الخارجية التي تؤجج النزاع. هذا الفشل في الفهم يجعل مواقف الجامعة مجرد بيانات جوفاء لا تملك أي أثر على أرض الواقع. ازدواجية الخطوط الحمراء: بين التصريحات والواقع إعلان وزير الخارجية المصري أن تقسيم السودان "خط أحمر" يثير تساؤلاتٍ حول جدية هذه التصريحات. فأين كانت هذه الخطوط الحمراء عندما انفصل جنوب السودان عام 2011؟ وأين كانت عندما انزلقت ليبيا وسوريا واليمن في أتون التفكك؟ الواقع يكشف أن "الخطوط الحمراء" العربية لم تكن سوى عبارات دبلوماسية تخبو أمام المصالح الإقليمية والدولية. ومصر، التي تتحدث اليوم عن وحدة السودان، تبدو عاجزة عن التأثير الفعلي في المشهد، بعد أن فقدت الكثير من نفوذها الإقليمي الذي كانت تتمتع به في السابق.
الجامعة العربية: مؤسسة بلا تأثير الجامعة العربية، التي يفترض أن تكون مظلةً جامعةً للمصالح العربية، تحولت إلى مؤسسة هامشية لا تمتلك رؤية أو إرادة سياسية حقيقية. فبينما يواجه السودان أزمة إنسانية وسياسية غير مسبوقة، لا تقدم الجامعة سوى بيانات إنشائية لا تسمن ولا تغني من جوع. هذا العجز ليس وليد اللحظة، بل هو نتيجة طبيعية لتبعية العديد من الدول العربية لقوى إقليمية ودولية تتحكم في قراراتها وسياساتها. وفي ظل غياب أي تحرك جاد لعقد اجتماع طارئ أو مبادرة ملموسة لحل الأزمة، تظل الجامعة العربية مجرد كيانٍ رمزي لا يمتلك أي قدرة على التأثير في مسار الأحداث.
ما العمل؟ إذا كانت الدول العربية جادة في رفض تقسيم السودان، فإن عليها تجاوز التصريحات الإعلامية إلى خطواتٍ عملية، تشمل مبادرات دبلوماسية واقتصادية لدعم استقرار البلاد. لكن الواقع يُظهر أن السودان لم يعد أولوية عربية، بل تحول إلى مأساة إنسانية تتجنب الأنظمة العربية التورط فيها.
أزمة السودان ليست مجرد صراع داخلي، بل انعكاس لأزمة أعمق في النظام السياسي العربي، حيث تغيب الرؤية الاستراتيجية والإرادة الفعلية لمواجهة التحديات. وحتى تتحول "الخطوط الحمراء" من مجرد شعارات إلى سياسات مؤثرة، لا بد من إعادة النظر في أولويات السياسات العربية، والسعي لبناء مؤسسات إقليمية قادرة على إدارة الأزمات بفاعلية. وإلا، فإن السودان لن يكون سوى حلقة أخرى في مسلسل التفكك العربي، وسط عجزٍ عربي متواصل.
|
|