Post: #1
Title: ملاحظات في المسيحية كتبه د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 02-22-2025, 10:57 PM
09:57 PM February, 22 2025 سودانيز اون لاين أمل الكردفاني-القاهرة-مصر مكتبتى رابط مختصر
انتهيت البارحة من قراءة سفر أعمال الرسل، بعد أن انتهيت من قراءة انجيل مرقس والأناجيل الثلاثة الأخرى ورسالة او رسالتين من رسائل بولس الرسول، وكنت انتهيت قبل زمن طويل من قراءة العهد القديم وبعض تفاسيرَ موجودة بموقع كنيسة الأنبا تكلا هيمانوت.. وانتهت قراءاتي بعدة ملاحظات أهمها: ١- لا يوجد للمسيحية هدف واضح.. فأغلب الرسل كان لرسالتهم هدف واضح من تحميلهم بعبء تبليغ أقوامهم، مثل منعهم من التطفيف في الكيل والميزان، أو منعهم من ارتكاب الفواحش أو عبادة الأوثان..الخ غير أن هدف المسيحية لم يكن واضحاً، ربما كان الهدف هو التبشير بالروح القدس وعلاج الأمراض، والكثير من حكمة يسوع المسيح، لكن لا يوجد هدف استراتيجي يحقق قيمة مضافة. فالمسيحية لم تكن ديانة تبشيرية عالمية، بل منغلقة (كانت موجهة لليهود) فقط، أما تحولها لدين تبشيري عالمي فلم يكن في عهد المسيح بل بتصرف خاص من تلميذه سمعان أو بطرس وشخص آخر غير يهودي. ولذلك كانت المسيحية -وفقاً للأسفار- مجرد حِكم أخلاقية موجهة لليهود. واليهود لديهم دينهم وكتابهم ورسلهم وهم موحدون. لذلك افتقرت المسيحية للهدف الواضح. ٢- الأناجيل ليست أناجيل: ما يسمى بالأناجيل هي في الواقع ليست أناجيل، بل لا يوجد انجيل في المسيحية. لقد استمرت دعوة المسيح لثلاث سنوات فقط، والمسيح لم يتلقَّ -بحسب ما يطلق عليه أناجيل- أي كتاب مقدس من الله تعالى؛ ولم يضع أي واجبات إجرائية تكليفية بل كان موقف المسيح مضاداً للتعبد الإجرائي (الطقوس) ويرى فيه نفاقاً وتملقاً انتقده عند الفريسيين (وهم نصوصيون، متشددون)؛ ونبذه الصدوقيون (وهم ليبراليون يمثلون ذراع الامبراطورية الرومانية وعينها) داخل الغيتو اليهودي. ٣- لم تكن الاتهامات الموجهة للسيد المسيح ولا محاكماته واضحة، فاتهاماته بالهرطقة والتجديف على شريعة موسى كانت ضعيفة خاصة مع وجود مذاهب عديدة مختلفة ما كان ليشكل معها طرح السيد المسيح خطورة تذكر على بقية الطوائف اليهودية، فضلاً عن أن حكم الرومان على المسيح لم يتفق أبداً مع كون المسيح لم يشكل تهديداً سياسياً للامبراطورية الرومانية -لأن المسيحية لم تكن تبشيرية عالمية في عهده- وحين حاول اليهود استدراجه وسألوه عن موقفه من الحكم الروماني الوثني طلب منهم ديناراً فلما أخرجوا له الدينار سألهم ماذا يوجد فيه فقالوا: صورة قيصر، فقال: اعطوا ما لله لله وما لقيصر لقيصر. وهكذا انتفى أي تهديد سياسي على الحكم الروماني، لذلك لم تكن المحاكمة واضحة بل على العكس كانت شديدة الغموض فبدت كقصة مفتعلة وليست حقيقية. ٤- لم يتنزل أي كتاب مقدس على السيد المسيح؛ فما هو الانجيل؟ الانجيل كلمة تعني "البشارة" أو التبشير بعهد جديد للدين اليهودي، ولكنها لا تعني كتاباً، فليست كالقرآن، ولذلك فالأناجيل الأربعة لم تكن كتاباً منزلاً بل تحكي السيرة الذاتية لتلك "البشارة" أي سيرة دعوة المسيح للروح القدس. ولم يهتم السيد المسيح بوضع أحكام شرعية تكليفية كالصلاة والزكاة والصيام..الخ بل أنه في الكثير من الأحيان رفض تطبيق بعض الأحكام، فعلى سبيل المثال عندما كان تلاميذه جائعون فأكلوا من بعض الحقول يوم السبت "حيث لا يجوز فعل أي شيء فيه" ؛ استنكر اليهود على تلاميذه فعل ذلك يوم "السبت" فرد عليهم السيد المسيح: إنما جُعل السبت من أجل الإنسان ولم يُجعل الإنسان من أجل السبت. كذلك عندما استنكر اليهود على تلاميذه عدم غسل أيديهم عند الأكل قال: ليس ما يدخل إلى جسم الإنسان ينجسه إنما ما يخرج منه هو ما ينجسه (أو فيما معناه).. كذلك استنكر المسيح أفعال الكتبة والفريسيين الذين يطيلون الصلاة لأغراض الرياء والتباهي المزيف، ولأنهم كانوا يقولون ما لا يفعلون. وكل ما سبق يوضح أن المسيح لم يتلقَّ كتاباً مقدساً بل ولم ينشغل بالقراءة أو الكتابة طيلة ثلاث سنوات هي عمر دعوته، ولم ينشغل بالطقوس التعبدية بل بالروحانيات فقط. ٥- لم تكن دعوة السيد المسيح واسعة الانتشار حتى في الامبراطورية الرومانية، لأن أغلب قيادات الرومان لم يعرفوا بها إلا عندما لجأت إليهم بعض طوائف اليهود، ذلك أن الرومان لم يهتموا كثيراً بما يحدث في مناطق اليهود واعتبروه شأناً داخلياً رغم ما قيل عن وجود ثورات يهودية ضدهم. لقد عاش اليهود دائماً في غيتوهات مغلقة عليهم، وذلك لأنهم يعتبرون أنفسهم شعب الله المختار. فكيف انتشرت المسيحية؟ انتشرت المسيحية بفضل شاول الطرسوسي أو ما دعي لاحقاً ببولس الرسول، ذلك أن المسيح لم ينشئ أي كنائس، لأنه لم يعتبر دعوته منفصلة عن الدين اليهودي، إنما كان بولس وبرنابا هما من ارتحلا وجابا أنحاء الامبراطورية ليبشرا بالمسيحية وينشئا الكنائس، بعد أن تخلصت المسيحية من انغلاقها على الشعب اليهودي بفضل بطرس وكرنيليوس بسبب رؤيا رآهما سوياً. وهكذا كانت طقوس المسيحية من كنائس وقوانين كنسية وخلافه مسألة لاحقة بعد ارتفاع المسيح عن الأرض بحسب الإسلام أو صلبه بحسب الرواية المسيحية.
(يتبع بحسب المزاج)
|
|