Post: #1
Title: رسالة إلى السيد مني أركو مناوي كتبه د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 02-20-2025, 03:17 AM
02:17 AM February, 19 2025 سودانيز اون لاين أمل الكردفاني-القاهرة-مصر مكتبتى رابط مختصر
كان السيد مني أركو مناوي من الذين ناضلوا ضد نظام الأبرتهايد، وهو النظام الذي نشأ منذ نشوء دولة السودان عبر ما يسمى بالاستقلال (في الواقع، لم تكن هناك دولة اسمها السودان ليكون هناك استقلال بل نشأت الدولة -كدولة- عام ١٩٥٥-١٩٥٦) هذا النظام العنصري نشأ عبر مكونين (مدني+عسكري). أما المكون المدني فكان بدوره يتشكل من مكونين (رئيسي وفرعي): المكون المدني الرئيسي هي الدوائر الاقتصادية الثلاث: ١- دائرة عائلة المهدي الاقتصادية. ٢- دائرة عائلة الميرغني الاقتصادية. ٣- دائرة عائلة الهندي الاقتصادية.
أما المكون المدني الفرعي؛ فهي عائلات شمالية تحالفت عبر مزاج مشترك لتجد لها فرصة من خلال أحزاب عقائدية (الحزب الشيوعي، تنظيم الأخوان المسلمين.. بعثيين.. ناصريين. جمهوريين..الخ). إذا فالمكون المدني كان مكوناً شمالياً بامتياز، وقد حاول الترابي كزعيم لتنظيم الإخوان المسلمين الاستعانة بغير الشماليين وهذا ما جلب سخط الباقين عليه فانقلبوا ضده. ولو ذهبنا إلى اليوتيوب سنجد آخر مؤتمر لتنظيم الإخوان جناح الترابي (المؤتمر الشعبي) والذي تناول فيه أعضاؤه رسالة من علي كرتي (تنظيم الإخوان - جناح المؤتمر الوطني) وهي رسالة أرسلها لهم علي كرتي ليتخلصوا فيها من الأعضاء غير الشماليين وأولهم (علي الحاج). أما المكون الثاني للدولة السودانية فهو المكون العسكري (الجيش)؛ وهذا المكون بدوره كان يتكون من طبقتين: طبقة (البراهما) من الشماليين: (على مستوى القيادة من الضباط). طبقة (الشودرا) من القبائل المهمشة سياسياً وثقافياً واقتصادياً وتعليمياً وصحياً: (على مستوى الجنود المقاتلين). فكانت الطبقة العليا في الجيش وحدها التي لديها الحق في القيام بانقلابات عسكرية. فمثلاً يجوز للبرهان أو أبنعوف أو ود إبراهيم أو البشير القيام بانقلابات عسكرية، لكن الكباشي لا يجوز له ذلك، ولو فكر الكباشي بالقيام بانقلاب عسكري فلن يقبل منه بل سيتعرض لهجوم عسكري وإعلامي وسساسي كاسح. على ما سبق: تبادل الشماليون الحكم إما عبر المكونات المدنية المدعومة عسكرياً أو عبر العسكر المدعومين مدنياً. ومنذ انطلاق صافرة بداية نشوء الدولة، حاول المهمشون في جنوب السودان المطالبة بحقوقهم فجردت لهم الحكومات في الشمال كل اسلحتها: (العسكرية، الإعلامية، الاقتصادية، الثقافية، السياسية، إحداث انقسامات داخلية من باب فرق تسد، تكفير..الخ) لهزيمة المشروع النضالي الجنوبي، ومع ذلك لم ينتصر الشماليون (لا أحزاب ولا جيش) على ذلك المشروع بل انتهى بهزيمتهم هزيمة نكراء وانتصر المشروع الجنوبي نصراً مؤزراً (وهذا هو المتوقع إذ لا ضاع حق من ورائه مطالب) فحصل الجنوبيون على حريتهم واستقلالهم. تلقى الجيش هزائم متتالية فأنشأ مليشيات الدفاع الشعبي والدبابين..الخ. مع ذلك استمرت الهزائم وانتصر الجنوبيون. وبانتصار الجنوبيين، شعرت الإثنيات المهمشة الأخرى في السودان بالتفاؤل والأمل وبدأت نضالها بدورها، ومرة أخرى انهزم الجيش في النيل الأزرق وجنوب كردفان وجبال النوبة ودارفور) لكنه انتصر على أهل الشرق، ولذلك هربت حكومة البرهان إلى الشرق (بورتسودان) لكي تضمن أن الشرق سيظل تحت سيطرتها، فالشرق يتكون من أهم منطقتين (بورتسودان وهي المطل والمنفذ البحري الوحيد للسودان بالإضافة إلى الثروات المعدنية كالذهب)؛ ومنطقة القضارف (وهي منطقة لا تقل عن أوكرانيا من ناحية الزراعة) وهناك كسلا التي هل أقل شأناً من الآخرين لكنها تمثل حلقة وصل بينهما. انهزم الجيش في كل معاركه تقريباً في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وجبال النوبة، وتشكلت مناطق محررة من سيطرة دولة ١٩٥٦، ولم يخض الجيش أي حروب لحماية الدولة ضد جيوش حقيقية لدول أخرى، ففي أول تجربة تتعلق بحلايب وشلاتين انسحب الجيش من مواجهة الجيش المصري، وبدأت مصر مشروعاً تعميرياً واسعاً في حلايب وشلاتين، فأنشأت أكبر محطة طاقة شمسية في أفريقيا ومحطات كهربائية وشبكة مياه، وطرق ومستشفيات (للبشر والحوانات) ومئات الآلاف من الوحدات السكنية للمواطنين والدعم الغذائي، وأنشأت مدارس وشرطة، وقواعد عسكرية، وعلى بعد مائة وثمانين كيلو متر من حلايب وشلاتين أنشأت أكبر قاعدة عسكرية في أفريقيا. لقد كا أهالي حلايب قبلها يعانون من التهميش الكامل من حكومات السودان المتعاقبة، وبعد سيطرة المصريين عليها سيطرة كاملة أصبح إنسان حلايب يعيش في رفاهية في حين ظل أهالي السودان في جنوب حلايب وشلاتين ومن ضمنهم أهل بورتسودان وباقي الشرق يعانون -حتى الآن- من الفقر والبؤس. نعم لم يخض الجيش سوى حروب داخلية ضد الشعوب السودانية الأخرى المسكينة بدلاً عن انفاق تلك المليارات في تعمير تلك المناطق وبالتالي تؤدي تلك التنمية إلى تخفيف الصراعات، وظل الجيش -كلما انهزم في منطقة- يبث الفتن بين القبائل وينشئ المليشيات، ومن ضمنها مليشيات الدعم السريع هذه نفسها، التي يعرف السيد مني أركو مناوي أنها هي وحدها وليس الجيش -هي التي استطاعت- أن تعرقل قوات حركات النضال المسلح في دارفور، ولما صححت قوات الدعم السريع موقفها ورفضت أن تكون أداة في يد حكومات دولة ٥٦، ماذا فعل الجيش؟ لقد استخدم بعض قوات حركات النضال المسلح لتقف ضد الدعم. السيد مني أركو مناوي هو أول من يعرف صحة كل ما ذكرته سابقاً. ففي عهد البشير جرى اتفاق مع مناوي ليكون جزءً من الحكم، لكن البشير خان الاتفاق، فعاد السيد مناوي إلى نضاله ضد الجيش. وبعد الثورة، تم الاتفاق مع الجيش على أن يكون مناوي حاكماً لدارفور، فما الذي حدث: - لم يتم وضع دستور أو قوانين لدعم حكم السيد مناوي لدارفور، فظل السيد مناوي حاكماً بلا أي سلطات. فالسيد مناوي لا يستطيع حتى جلب مستثمر أجنبي واحد للقيام بالاستثمار في دارفور. - لم يكن السيد مناوي قادراً حتى على الموافقة على إنشاء طرق أو شبكات اتصالات بدون موافقة المركز. - قام الجيش بشيطنة مناوي وزعموا بأنه لم يخدم أهل دارفور بالرغم من أنهم كانوا يعرفون جيداً أنه حاكم بدون سلطات. - لم يتم حتى توفير مرتبات للموظفين في دارفور. - لم يتم توفير تمويل ليقوم مناوي بإنشاء مؤتمر جامع لأهل دارفور رغم أنه قدم مشروعه للمركز. - قام الجيش بفبركة فديوهات إباحية مزيفة ضد مناوي. - تمت شيطنة مناوي وأسموه بالسكران. - تمت محاصرة مناوي حصاراً شديداً من قبل حكومات المركز. - واليوم عندما بدأ الجيش يكرر هزائمه التاريخية عاد لأسلوبه القديم ليستعين بقوات مناوي ضد قوات الدعم السريع. كل قيادات الهامش تم شيطنتها من قبل وحتى الآن، فحتى جبريل إبراهيم وهو شقيق خليل إبراهيم (وهما من أبناء تنظيم الإخوان المسلمين الأوفياء) حتى جبريل لم يسلم من الشيطنة. لقد هاج إعلامهم وماج وهم يظهرون قيام جبريل باستثناء ابن شقيقه الشهيد خليل من إدخال سيارة إلى السودان كما لو أنه كارثة كونية، رغم أن حكومات دولة ٥٦ تأسست ليس فقط على ادخال سيارة بل على نهب الموارد كلها وتشكيل مافيات (مافيات أراضي، ومافيات بترول، ومافيات أدوية، ومافيات دولار، ومافيات دقيق، ومافيات سيارات، ومافيات عطاءات حكومية، ومافيات تمويلات بنوك، ومافيات تجارة السلاح..الخ). وتمت شيطنة جبريل إبراهيم واسموه الفكي جبرين، كما تمت شيطنة الشهيد جون قرنق ديمابيور من قبل، وكما لا زالت شيطنة مناوي تحدث حتى اليوم، وكما تتم شيطنة القائد حميدتي اليوم.. والسيد مني أركو مناوي يعرف صحة كل ما قلته سابقاً. ويعرف أن الجيش لن ينتصر أبداً لأنه لم ينتصر من قبل، ولكنه سيظل يقاوم عبر تشكيل مليشيات ككتائب البراء وغيرها وعبر سياسة فرق تسد وعبر ضرب قوى النضال ببعضها البعض. أما تحقيق نصر عبر مواجهات منفردة ومباشرة فهذا ما أثبت كل تاريخ الجيش أنه لم يحدث ولن يحدث. لذلك؛ ولكل ما سبق، فإنني لا زلت أدعو السيد مناوي، والسيد عبد الرحيم دقلو قائد ثان قوات الدعم السريع، إلى تفويت الفرصة، حتى لا يؤكلوا يوم أن أُكل الثور الأبيض (كما يقول المثل)، أدعو كلا من القائدين المناضلين إلى الجلوس إلى طاولة التفاوض لأن القواسم المشتركة بينهما أكثر من عناصر الاختلاف مع تقديم الطرفين للقليل من التنازلات، وبالتالي فإن بالإمكان وبكل سهولة الوصول إلى اتفاق يعزز من قوة النضال المشترك لنسف دولة ٥٦ البغيضة التي أجبرتنا وأجبرت كل قوى الهامش على الخضوع لها والتزلف إليها للحصول على ما يتساقط من فُتات موائد اللئام لكي نبقى على الحياة برمق واحد ضعيف وأخير. آمل أن تصل رسالتي إلى كل من القائدين السيد مني أركو مناوي والسيد عبد الرحيم دقلو لينخرط الجميع في النضال من أجل الحق ضد الباطل. مع خالص الشكر والتقدير
|
|