آن لهذا السُودان أن "يستعدَّل" (٢) كتبه نضال عبدالوهاب

آن لهذا السُودان أن "يستعدَّل" (٢) كتبه نضال عبدالوهاب


02-09-2025, 02:31 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1739107891&rn=0


Post: #1
Title: آن لهذا السُودان أن "يستعدَّل" (٢) كتبه نضال عبدالوهاب
Author: نضال عبدالوهاب
Date: 02-09-2025, 02:31 PM

01:31 PM February, 09 2025

سودانيز اون لاين
نضال عبدالوهاب-USA
مكتبتى
رابط مختصر




في المقال السابق والجزء الأول منه تحدثت علي أن بلادنا ومُنذ أن ولدنا ثم وعيّنا وشبيّنا فيها رأينا العديد من الإختلالات بها ، سياسياً وإجتماعياً وإقتصادياً وتنموياً وفي نظام الحُكم وكيفيته ، ورأينا عدم العدالة فيها والظُلم الإجتماعي ، ورأينا كيف أنها ظلت تُدار وتُحكم بطريقة لاتتماشي مع كُل التنوع والثراء فيها ، وأن السمة الأغلب للحُكم والطاغية عليه كانت هي نظام الحُكم العسكري الديكتاتوري الإقصائي ، و كتبنا عن أنه كيف ساهمت الأحزاب السياسِية في الإنقلابات العسكرية بدلاً علي أن تكون حامية وداعمة للديمُقراطية ، ورأينا الإقصاء السياسي والإستبداد بالرأي وغياب الحريات ، والبطش والتنكيل بالشعب السُوداني ، ورأينا كيف تفجرت الصراعات المُسلحة مُنذ بدايات إستقلال البلاد في العصر الحديث ، حتي عمّت مُعظم البلاد خاصة في إطرافها ونشوء حركات الكفاح المُسلح نتيجة لتلك الإختلالات والظُلم والتهميش وللقضايا العادلة التي طرحتها وكانت ولاتزال تحتاج إلي الحلول السياسِية الصحيحة وتعالج كُل أزماتها وما أدي إليها من أساسها ، و بدأت بحرب جنوب السُودان ، و العُنف والدموية التي مارسها الجيش السُوداني وقواته المُسلحة خلالها ، وتواصلت هذه الحرب علي فترات ، حتي بلغت حربها الثانية أكثر من ٢٠ عاماً ومات وقُتل وتشرّد بسببها الملايين من السُودانين.
نواصل اليوم في هذا الجزء ، ونقول أن حرب الجنوب كانت دون ادني شك تحتاج إلي حل سياسِي وليس عسكري ، وأن عدالة قضية الجنوب لم تتتعامل معها الأنظمة التي تعاقبت في الحُكم العسكرية والمدنية بالشكل الصحيح ، فشلت جميعها في ذلك ، حتي كانت النتيجة المؤسفة هي إنفصال الجنوب نفسه في ٢٠١١ ، وفقدت بذلك البلاد جزءاً عزيزاً وهاماً نتيجة لقصر ضيق أُفق من تعاقبوا عليها في موضع القرار السياسِي ، فمشكلة الجنوب عندما بدأت ، رغم وجود بعض الأصوات الإنفصالية من الجنوبيون ، إلا انها كانت أصوات معزولة ولا تُمثل رغبة غالبية أهل الجنوب نخبة و شعب ، ولم يكن حق تقرير المصير الإنفصالي هو الطاغي ، هذا غض النظر عن إشكالياته القانونية المرتبطة بحق السيادة الذي يمنحه القانون الدولي للدول لمجابهة صراعاتها الداخلية والقوي الإنفصالية للأقليات داخلها وحتي لاتتفتت الدول ويؤثر هذا علي السلم العالمي ، فبعيد عن هذا فقد كان أقصي ماطالب به الجنوبيون هو الحكم الذاتي ضمن حدود الدولة الأم "السُودان" وليس الإنفصال ، وذلك نسبةً لخصوصية الجنوب وشعب الجنوب غير المنتمي للعربية ولا للثقافة العربية الإسلامية ، بعد الإصرار الغريب ممن آل إليهم حكم البلاد بعد الإستقلال من إعلاننا دولة وجمهورية "عربية" ، ثم لاحقاً عربية وإسلامية في عهد الإسلاميين من الكيزان والإخوان المُسلمين وحركتهم الإسلامية ، والتي كانت قد بدأت في أواخر عهد مايو بإيعاز ودعم منهم وتحولت لجمهورية عربية إسلامية ، لدرجة تسمية رئيس البلاد نفسه بأمير أو إمام المُسلمين ؟؟ ، وكل ذلك بعد تطبيق القوانين والشريعة الإسلامية وما عُرف بقوانين سبتمبر في ١٩٨٣ ، وكانت تحول كبير في الصراع ما بين الجنوب والشمال ، وإندلاع الحرب أكثر إمتداداً ، وبداية التدخلات الأجنبية المُباشرة خاصة لليمين المسيحي المُتطرف في الغرب ، والذي دعم إنفصال وقيام دولة في جنوب السُودان ، وإستغل كُل هذا لاحقاً اليمين المتطرف كذلك الأسلامي في السُودان مُتمثل في الجبهة الإسلامية القومية "الحاكمة"بإعطاء الجنوبيون حق تقرير المصير الأنفصالي والتمهيد لفصل الجنوب ، مع دفع ومُساندة لدوائر عُنصرية داخل تنظيمهم الإسلامي دعمت هذا الإتجاه ، حتي إنتهي بصفقة مع البشير لأعفائه من المُحاكمات الجنائية الدولية وبعض رموز نظامه وعدم ملاحقتهم في مقابل التخلي عن جنوب السُودان و إنفصاله ، وللأسف قد بصمت غالبية القوي السياسِية وبقصر نظر منها و"قلة أفق" أراه علي تمرير حق تقرير المصير الإنفصالي هذا بدعاوي فطيرة وغير سليمة ، بدلاً عن الذهاب للحلول السياسِية الواضحة والتي كانت سبباً في جذر المُشكلة وأساسها!! ، فاختارت الحل الأسهل والذي خدم الفئية العُنصرية والمُتطرفة والأصوات الإنفصالية الغالبة داخل الحركة الإسلامية لتعضيد حكمهم بعد التخلص من "صُداع" الجنوب في رايهم والإنفراد بحكم ماتبقي منه في الشمال والشرق والغرب بإعتبار الأغلبية المُسلمة فيه بحسب تقديرهم ، وكانت هذه قمة العبث والأنانية والتطرف وتغليب المصلحة الخاصة علي مصالح كُل السُودانين ، وكانت من أهمّ العوامل التي أفقدت ثقة السُودانين في الحركة الإسلامية والإنتباه التام لأجندتها الخفية وغير الوطنية ، إضافة لهز الثقة كذلك في بقية القوي الحزبية السياسِية التي إنهزمت في إمتحان الجنوب وفشلت في وضع الحلول التي تحافظ علي وحدة السُودان وتقويته بدلاً عن فصله وإضعافه!....
ونواصل...