التعاطي "اليومي" مع السِياسة وتقلباتها وصراعاتها وكدرها ، والعمل العام لأجل الحلول والتغيير في بلادنا مسألة شاقة و "مُرهقة" جداً ، وبعملية جرد حساب ولفترة إمتدت لسنوات طويلة منذ المدارس الثانوية والجامعات مروراً بمرحلة مابعد التخرج والعمل ثم الهجرة واللجوء ، تجد أن هذه الرحلة تحمل "همّ" "يومي" لايُفارقك ، هو معك كبصمة اليد لايتغير ، كثيراً ما تُحدثني نفسي ماذا لو كنا نعيش حياةً هادئة طبيعية وبسيطة ، مع الأسرة والعائلة والأصدقاء ، أحلامنا فيها لاتتعدي سُبل كسب العيش "الحلال" في بلادنا ، "نركب المواصلات" ونتجول في الأسواق الشعبية ، نتصفح الجرائد ونقرأ الكتب وندخل السينما ومباريات "المريخ" ، ولا بأس من مُتابعة "السنتر ليق" بدار الرياضة أمدرمان ، لا نحمّل هموم التغيير "الثقيلة" في بلادنا ، لأننا حينها كنا سنتمتّع بحكم ديمُقراطي فدرالي رشيد ، وتداول سِلمي للسُلطة ، لا حروب ، ولا صراعات ، بلاد تتمع بقسمة عادلة في الثروة والسُلطة ، وحريات ، لن يوقفك "عسكري" للتفتيش مع مدخل كل كُبري ، ولن يسرقك موظفوا الدولة ويرهقونك "بالجبايات" التي لاتذهب لخزينة الدولة ، لا تحدد لك السُلطات مواعيدك ويعتقلك أو يطاردك "الأمن" إن قلت رأيك السياسِي أو فيمن يحكمون البلاد ، أو حتي كتبت تغريدة أو"بوستاً" تنتقد فيه سياسِة الدولة أو تُمازح وتضحك علي بعض "الوزراء" وتسخر من "ادائهم" ، تذهب لصلاة الجُمعة مطمئناً أن اداء الشعائر هو لله وفي هدوء ، وأن إمام المسجد الخطيب ليس تكفيري أو "كوز" مُطبل للسلطة أو يُطالب باعتقال "الكفار الملاحدِة الشيوعييون والديمُقراطيون واليسارين" اعداء الله والوطن في نظره ، تفتح الراديو لتستمع لاغنية بلهجة الرطانة المحلية للهدندوة أو النوبة أو الفلاتة ولكنها من اذاعة امدرمان ، تعقبها أغنية "قلنا ما ممكن تسافر" لود الأمين ، تتابع انتخابات البرلمان السوداني لتجد أن حزب التحالف الديمقراطي فاز بالأكثرية وأن تية ماتيب فاز بمقعد الرئاسة لبرنامجه الطموح وأن أكثر أصواته اتت من الخرطوم ومدني وشندي وعطبرة وسنار والقضارف رغم انه من أبناء كاودا وتربي في جنوب كردفان ، وعندها ساكون سعيداً جداً لان من انتخبته وهو "تية ماتيب" قد فاز علي منافسه الرئيسي "أحمد التوم" من حزب العدالة "الاسلامي" في صِراع الرئاسة ، وأن احمد التوم قد سارع بتهنئة تية ماتيب وتمني له دورة رئاسية ناجحة ولكنهم في حزبهم سيدرسُون أسباب الإخفاق لكي يعاودوا الكرة في الإنتخابات الديمقراطية الرئاسية القادمة بعد ٤ سنوات وهم أكثر ترتيباً. تلك هي الحياة الطبيعية والبسيطة التي أُحب كنت أن أحياها في بلادنا ، حيث لا ظُلم لا مظالم لا درادر لا عساكر لا حروب وصراعات ، لا عُنصرية ولا إستبداد وقوانين ودساتير تفرق بين بنات وأبناء الوطن الواحد وإنقسام في الوجدان والهوية و تشوهات الإنتماء لقدر كبير من شعبه فُرض عليهم بسبب سياسات الدولة المُستبدة الظالمة الإقصائية وفئية قليلة تحكرّت علي السُلطة ورقاب العباد فيها... لكنه قدرنا أن نحمل كل هذا الألم ، و أن نعيش هكذا للتغيير في بلادنا والركض المتواصل وحمّل الهموم الثقال ومقاومة الظُلم والإستبداد ،،، ونتمني أن يأتي اليوم الذي تتحول فيه بلادنا لما نحبه لأجلها وما ظلّلنا نعمل ونحلم به لها ، وأن نعود إلي الحياة الهادئة الطبيعية البسيطة المُستقرة في وطن يسعنا جميعاً ويشبه تطلعاتنا ونفخر به..... ٢٥ يناير ٢٠٢٥
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة