في المقال السابق تناولنا ما خطه يراع الدبلوماسية عائشة محمد الرميحي الحائزة علي درجة الماجستير الدستوري من جامعة لورين بفرنسا عن دور دولة قطر وجهودها " لترسيخ ثقافة الوساطة في العالم "
حيث نجحت في تحقيق انجازات متتالية في فض المنازعات ورأب الصدع علي الصعيد الإقليمية والدولية. وذلك عبر "دبلوماسية الوساطة" بين الفرقاء سواء كانوا داخل دولة واحدة او بين الدول المتجاورة والتي تعيش حالة من الصراعات و الخلافات.
لقد اعتمدت الدوحة نهج يستهدف حل النزاعات وإحلال السلام والعدل عبر تسوية المنازعات بطريقة سلمية ورصينة وتبنت سياسة "الوساطة" كأداة دبلوماسية " بما يتفق مع السياسة الخارجية ، والتي تستند على مبدأ توطيد السلم والأمن الدوليين، عن طريق تشجيع فض المنازعات الدولية بالطرق السلمية . وظل الحوار في المنهج القطري تجاه حل المنازعات والأزمات على المستويين الاقليمي والدولي ، هو الآلية والطريقة المثلى للوصول إلي الأهداف المرجوة في أي قضية مهما بدت عسيرة على الحل . وجسدت قطر عبر رحلتها خلال نحو عقدين من الزمان، في فض المنازعات مبدأ الحفاظ علي علاقات متوازنة مع جميع الأطراف، إلى جانب دعم حق الشعوب في تقرير مصيرها، فضلاً عن عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والتعاون مع الأمم المحبة للسلام.
لقد نجحت الدوحة أن تطوي العديد من ملفات المنازعات والصراعات في الكثير من الدول،كما سترد الإشارة في الحلقة القادمة، وكان آخر تلك الملفات ملف الوساطة بين حماس وإسرائيل، والذي نجحت فيه من خلال دورها في نثر الفرح في فضاء فلسطين، بإدخال السعادة على الأمهات المكلومات في غزة، وعلى الأفراد والأسر الفلسطينية عموما .
عندما اختارت الكثير من دول العالم موقف المتفرج على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر 2023، ظلت دولة قطر، التزاماً بالواجب الإنساني والأخلاقي ووفاءً لقيم السلام، تقوم بالاتصالات الدولية والإقليمية، حتى تبلورت الوساطة بين إسرائيل حماس، لتكون بالشراكة بين دولة قطر ومصر والولايات المتحدة الأميركية. واستمرت الجهود عبر الاجتماعات والاتصالات على مدى (15) شهراً، حتى جاء يوم 15 يناير ٢٠٢٤م لتعلن دولة قطر وجمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية، عن توصل طرفي النزاع في غزة إلى اتفاق لتبادل المحتجزين والأسري والعودة للهدوء المستدام بما يحقق في النهاية وقف دائم لإطلاق النار . ومن المتوقع أن يبدأ سريان الاتفاق اعتباراً من يوم الأحد 19 يناير 2025. فانطلقت تعابير الاستبشار والأمل، وتدافعت بشريات الفرح في قطاع غزة، وحيثما كان الانتماء للقيم الإنسانية والرفض للعنف، في مختلف انحاءالعالم. لقد هان عناء وسهر (15) شهراً من المفاوضات والاتصالات المكوكية ، أمام فرح أهل غزة، فقد أوضح معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، في حواره وقناة الجزيرة (17 يناير 2025)، إن حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني امير البلادالمفدى حينما رأى الفرحة في شوارع غزة قال محت رهق 15 شهراً من المفاوضات". هنا، وأمام تعبير سموه، فإننا نقف عند أبلغ المعاني وانصعها وأدلها على الالتزام الإنساني والأخلاقي تجاه حياة الإنسان وكرامته. وأضاف معالي رئيس الوزراء وزيرالخارجية موجهاً حديثه لأهل غزة ومستحضرا شراكة الشعب القطري، وبتعبير نابع من القلب، وموشحا بالقيم الإنسانية، تحدث، قائلاً "اقول لاهل غزة سامحونا إن كنا قصرنا في حقكم كل هذه الشهور الماضية، وكافة الشعب القطري فرح بالاتفاق مثل فرحة أهل غزة التي رأيناها بالشوارع".
تضمن الاتفاق ثلاثة مراحل، تشتمل الأولى ومدتها 42 يوماً وقف لإطلاق النار، وانسحاب. وإعادة تموضع القوات الإسرائيلية خارج المناطق المكتظة بالسكان، وتبادل المحتجزين والأسرى، ورفاة المتوفين، وعودة النازحين داخلياً لأماكن سكناهم في قطاع غزة، وتسهيل مغادرة المرضى والجرحى لتلقي العلاج..
وأكد الوسطاء بانهم سيعملون بشكل مشترك لضمان تنفيذ الأطراف لالتزاماتهم والاستمرار الكامل لبنود الاتفاق الثلاث . كما أنهم سيعملون وبالتنسيق مع الامم المتحدة والدول المانحة والشركاء من أنحاء العالم لدعم الزيادة السريعة والمستدامة للمساعدات الإنسانية إلى غزة وفق الاتفاق.
وتختم عايشة مقالها " أجدد افتخاري بكوني قطرية، وأعبر عن اعتزازي لدولة قطر ولقائدنا الملهم، ولحادي ركب الدبلوماسية معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، ولفريق عمله، كما أزف التهاني القلبية الصادقة لاهل غزة الصمود ... وللحديث بقية .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة