في سماء الخرطوم المُلبّدة بغيوم الحرب، كان الجنرال برهان يجلس في مكتبه، يُدقّق في الخرائط والتقارير. لم يكن الوضع مُرضيًا. "البصيرة" التي طالما تغنّوا بها، والتي يُطلق عليها البعض تهكمًا اسم "أم حمد"، كانت غائبة تمامًا. لا رؤية واضحة، ولا استراتيجية مُحكمة، فقط فوضى وصراعات جانبية. كان برهان يعلم جيدًا مطالب الإقليم، تلك القوى الخفية التي تُحرّك الخيوط من وراء الستار. كانت مطالبهم أوامر واجبة التنفيذ، وإلا... أدرك برهان أن الاعتماد على "كتائب البصيرة" كان خطأً فادحًا. هؤلاء المُقاتلون الذين يدّعون الولاء له، لم يكونوا سوى بقايا مُنتفعة من نظام المؤتمر الوطني البائد، يُحرّكهم الحقد والرغبة في الانتقام، لا الولاء الحقيقي. كانوا يُردّدون شعارات جوفاء، "اليوم خمر وغدًا أمر"، لكنهم في الحقيقة كانوا عبئًا عليه. في هذه الأثناء، كان حمدان يُراقب الوضع عن كثب، يُدرك أن "الحساب مُؤجل"، وأن هذه الحرب ليست سوى فصل من فصول صراع أطول. كانت "الدولة العميقة" تُطاردهم جميعًا، تُحاول عرقلة أي مُحاولة للاستقرار أو التغيير. قرر برهان أن يُغيّر المسار. لم يعد بإمكانه الاعتماد على حُلفاء الماضي. بدأ في تشكيل "حاضنة" جديدة، تحالف ظاهري يجمع شخصيات عسكرية ومدنية، يُقدّم نفسه كبديل مُعتدل، زورًا في عين العدو. كان هذا التحالف يضم شخصيات مثل مناوي، زعيم دارفور، وقادة من "الأورطة الشرقية"، بالإضافة إلى بعض الشخصيات المُثيرة للجدل مثل "كيكل" وعبدالرحمن دفعة حمدان. كان الهدف من هذا التحالف واضحًا: توفير غطاء سياسي وعسكري لبرهان، بعيدًا عن تُهم الانتماء للمؤتمر الوطني أو الحركات الإسلاموية. أراد برهان أن يُثبت للإقليم وللعالم أنه يُمثّل قوة جديدة، قادرة على تحقيق الاستقرار في السودان. لكن هذا التحالف لم يكن مُتجانسًا. كانت المصالح مُتباينة، والطموحات مُتعارضة. كان كل طرف يُحاول استغلال الآخر لتحقيق أهدافه الخاصة. كان برهان يُدرك ذلك، لكنه لم يكن يهتم. كان هدفه الأساسي هو البقاء في السلطة، وتحقيق "آمال الإقليم"، مهما كان الثمن. مع تشكيل هذا التحالف الجديد، انتهى عهد "الذباب"، تلك الكتائب الإلكترونية التي كانت تُروّج لشعارات النظام السابق. لم يعد هناك مكان للشعارات الجوفاء والكلام الفارغ. المرحلة الجديدة تتطلّب تحالفات جديدة، واستراتيجيات جديدة، وصراعات جديدة.!!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
الأمين مصطفى
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست