ذكورية الأدب كتبه د.أمل الكردفاني

ذكورية الأدب كتبه د.أمل الكردفاني


12-28-2024, 05:44 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1735361066&rn=0


Post: #1
Title: ذكورية الأدب كتبه د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 12-28-2024, 05:44 AM

04:44 AM December, 27 2024

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر




تبحث المرأة عن الحب ويبحث الرجل عن الوعي، وهذا ما يجعل المرأة أكثر التصاقاً بالحدس، باللعب، بالحياة، ويبدو الرجل أكثر التصاقاً بالخيال والموت. ولذلك فنادراً ما يتمكن الرجل من كتابة رواية بلسان الأنثى، وحتى حين يفعل ذلك فهو يفشل في العبور إلى عالم الأنثى، عالمها الذي لا علاقة له بعالمه. وهذا بالتأكيد ليس على إطلاقه، لكنه الغالب، وعليه فإن عبور كل منهما إلى منطقة الآخر صعب جداً. تحاول المرأة ملاحقة الوعي الذكوري في الكتابة، وهذا ليس خطأً، لكنه ينزعها من عالمها المضطهد، فتمارس بدورها انكاراً له، رغم أنه عالم يجدر احترامه، إذ ليس بالضرورة أن تكون معايير الرجال هي الأفضل. إننا جميعاً نبني فقاعات ونعيش فيها، ذلك أننا نؤسسها على معيار التوافق مع الذات والتصالح مع محيطنا، وعلى هذا فالتنوع والاختلاف مسألتان يجدر الإقرار بوجودهما وحقهما في الوجود، أما تقييمهما فليس من شأننا. يجب أن تكتب المرأة عن عالمها، وتوثق له، لأن الرجال وثقوا لعالمهم جيداً حتى صار هناك تشبع أفضى إلى الرتابة.
واليوم، وعبر الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، بدأت المرأة تقترب من توثيق عالمها، عبر الفديوهات القصيرة، عالم الحب واللعب والنكد وغير ذلك، مما مثل دواء لتحسين الفهم بين الجنسين، أي فهم كل منهما لاختلافات الآخر. في حين أن الأدوات القديمة لا زالت على حالها، القصة والرواية والمسرح، لا زالوا ذكوريين وهذا ما يحاصر المرأة في عالم ليس عالمها. على سبيل المثال، لا تفرق المسابقات الأدبية بين الأديب والأديية، وهذا الخلط هو في الواقع يستبعد المرأة إلا إذا اعتمدت المعايير الذكورية، لأن المُحكّمات في لجان التحكيم هن أنفسهن خاضعات لمعايير ذكورية لقياس جودة العمل الأدبي. لذلك يجب الفصل بين الجنسين أدبيا، وأن تنقسم المسابقات الأدبية لمسابقات خاصة بالرجال وأخرى بالنساء.
على سبيل المثال، سنجد أن الرجال نادراً ما يميلون إلى وصف ملابس الشخصيات إلا لتخدم النص، كوصف ملابس رجل فقير أو امرأة غنية، ويكون ذلك باقتضاب، في حين تميل المرأة إلى وصف ملابس النساء بتفاصيل دقيقة، حتى أجاثا كريستي كانت تفعل ذلك في رواياتها البوليسية. وكنت وأنا في الصبا أندهش من الاهتمام بوصف تفاصيل الملابس النسائية (شفون ازرق مطرز بالذهبي، بأكمام طويلة وعلى عنقها عقد من الخرز الأبيض..الخ). هذه مسألة لا يفهمها إلا النساء.. لذلك ستكون منتقدة من قبل لجنة تحكيم ذكورية أو بمعايير ذكورية. حيث ينكب الرجل على عالم الخيال أكثر من عالم الواقع، إن ما يهمه هو جسد المرأة لا ما يغطيه. وحيث ان الجسد مغطى فهو يظل في حالة خفاء تحتاج لخيال يقتحم ستره، أما ما ترتديه المرأة فلا أهمية له في الواقع إلا عند صانعي الموضة، وهم أغلبهم رجال، ويحركون الموضة من خلال خيالاتهم تجاه جسد المرأة. ولذلك فالمرأة ذات الجسد غير المتناسق تستبعد من إمكانية أن تكون عارضة أزياء إلا حينما يرى الرجل الاستفادة من هذا الاستبعاد بخلق عروض أزياء هزلية للنساء ذات الوزن الثقيل، وهو حين يفعل ذلك يستدعي أيضاً خيال الجسد. لذلك يكون اغلب مصممي الأزياء من الذكور، ونادراً ما تثق امرأة في ذوق امرأة أخرى بقدر ثقتها في ذوق الرجل. كما أن هذه المسألة أفضت إلى ضعف قراءة المرأة لما يتناسب مع جسدها من ملابس، فخضعت تماماً -كما يحدث في الأدب- لسطوة الخيال الذكوري.