البصيرة أم حمد: صعود وهبوط وانتهازية مستمرة!!!! كتبه الأمين مصطفى

البصيرة أم حمد: صعود وهبوط وانتهازية مستمرة!!!! كتبه الأمين مصطفى


12-23-2024, 03:36 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1734921393&rn=0


Post: #1
Title: البصيرة أم حمد: صعود وهبوط وانتهازية مستمرة!!!! كتبه الأمين مصطفى
Author: الأمين مصطفى
Date: 12-23-2024, 03:36 AM

02:36 AM December, 22 2024

سودانيز اون لاين
الأمين مصطفى-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




تخرجت أم حمد من الجامعة، تحمل طموحًا جامحًا ورغبة عارمة في السلطة. لم تكن تبحث عن وظيفة، بل عن منصب. وجدت ضالتها في مركز إعلامي تابع لحزب شمولي يحكم البلاد بقبضة حديدية. كان الحزب، الذي تخلى عن عراب أفكاره وتركه لحزب آخر وحركات مسلحة جهوية، يبحث عن وجوه شابة لتلميع صورته القاتمة. كانت أم حمد هي الفرصة الذهبية.
بذكاء انتهازي، قررت أم حمد أن تبدأ حياتها العملية كمديرة للمركز، كأنها على ثقة بأنها ستقفز مباشرة إلى منصب وزاري. قرأت نفسية، الرئيس،، جيدًا، الذي كان تواقًا لركوب موجة الشباب. أصبحت أم حمد "الظاهرة الصوتية"، رغم أن المركز الإعلامي تحت إدارتها لم ينتج برنامجًا مميزًا واحدًا، ولا صحيفة ناجحة، ولا مجلة مؤثرة. اقتصرت إنجازات المركز على استقبال الوزارات وتوزيع المنشورات على الشرطة والجيش، مع اقتطاع جزء من مرتبات الجنود لتمويل هذه الأنشطة الدعائية الباهتة.
سرعان ما وجدت أم حمد نفسها في التشكيل الوزاري ما قبل سقوط الرئيس، الذي ظن واهمًا أنه بتعيين بعض الشباب من أصحاب الولاء والمحسوبية سيخدع الثوار والثورة. دخلت أم حمد الوزارة كصف ثان، وهي المعروفة بكرهها الشديد للرقم اثنين، حتى لو كان في الطابق. دخلت في صراعات حادة مع الوزير لحماية موظف حامت حوله شبهات فساد، مدعية أن تعيينها جاء بأمر مباشر من الرئيس. عندما شعر الوزير بالحرج من هذه التصرفات، أطاح بهما معًا.
لم تستسلم أم حمد. عادت في تشكيل وزاري آخر لتصبح ممثلة في الخارج، بنفس الخبرات المتواضعة التي اكتسبتها في المركز الإعلامي الذي أغلق لاحقًا وحول إلى توسعة للوزارة التي تضجرت من التجمعات والتلوث الذي خلفه المركز.
سقط الرئيس المخلوع، وسقطت معه تلك التشكيلات الوزارية الوهمية. انزوت أم حمد في صدمة السقوط الفجائي، بل بدأت بكتابة مقالات عن ضرورة الحرية والتغيير، متناسية تاريخها القريب والبعيد. لكن سرعان ما عادت إلى مساندة الجنرالات الذين أطاحوا برئيسها. لم يدم الوئام بين الجنرالين، فاختارت أم حمد الوقوف مع أحدهما من باب "الجهة"، وعادت إلى الواجهة مرة أخرى، على أمل اللحاق بأي تشكيل وزاري قادم.
بعد فترة من الاختفاء، ظهرت أم حمد فجأة في منصب استشاري مرموق في مؤسسة جديدة براقة تحمل اسمًا جذابًا وشعارات رنانة عن "التنمية المستدامة" و"بناء القدرات". ظهرت في مقابلات تلفزيونية تتحدث بطلاقة عن "أهمية الحوار الوطني" و"ضرورة الإصلاح الشامل"، متناسية تمامًا تاريخها السابق. ارتدت ثوبًا جديدًا من البراغماتية، وأصبحت خبيرة في "إدارة التغيير" و"القيادة الرشيدة".
استغلت التغيرات السياسية والاجتماعية ببراعة، وأعادت تقديم نفسها كشخصية وطنية ملتزمة بقضايا المجتمع. نجحت في خداع شريحة من الجمهور مرة أخرى، بفضل خطابها المعسول وقدرتها على التكيف مع أي وضع. حتى أن البعض بدأ يتداول اسمها كمرشحة محتملة لمنصب رفيع في المستقبل.
في إحدى الندوات، سُئلت أم حمد عن رأيها في فترة حكم الرئيس المخلوع، فأجابت بدبلوماسية زائفة: "كل مرحلة لها تحدياتها وظروفها. المهم أن نتعلم من الماضي ونتطلع إلى المستقبل بروح إيجابية". لم يجرؤ أحد على تذكيرها بماضيها، فقد أتقنت أم حمد فن النسيان الانتقائي وإعادة اختراع الذات. وهكذا، استمرت أم حمد في الصعود، مستغلة كل فرصة سانحة، متجاهلة كل المبادئ والقيم، رمزًا صارخًا للانتهازية السياسية وقدرتها على البقاء والاستمرار مهما تغيرت الظروف.
بهذا الشكل، تكون القصة قد انتهت بنهاية ساخرة، تُظهر قدرة بعض الشخصيات على التكيف مع أي وضع واستغلال أي فرصة، حتى لو كان ذلك على حساب المبادئ والقيم.