الثورة السودانية- بين مجد الذكرى ومعاناة الواقع

الثورة السودانية- بين مجد الذكرى ومعاناة الواقع


12-16-2024, 12:58 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1734350280&rn=0


Post: #1
Title: الثورة السودانية- بين مجد الذكرى ومعاناة الواقع
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 12-16-2024, 12:58 PM

11:58 AM December, 16 2024

سودانيز اون لاين
زهير ابو الزهراء-السودان
مكتبتى
رابط مختصر





خلال أيام قليلة، يرفع السودانيون الذكرى الخامسة لانتصار ثورتهم المجيدة، الثورة التي أشرقت شمسها في 19 ديسمبر 2018 وأطاحت بنظام استبدادي جثم على صدر البلاد لعقود طويلة. هذه الذكرى لا تُجسد فقط انتصار إرادة الشعب، بل هي محطة للتأمل في شطر أيام حراك الثورة التي جسدت معاني التحدي والصمود في مواجهة القمع والطغيان.
أيام الثورة السودانية لم تكن مجرد تواريخ، بل لحظات محفورة في ذاكرة الوطن. بدأ الحراك بشجاعة لا نظير لها، عندما قرر السودانيون، رجالًا ونساءً، الخروج إلى الشوارع رغم المخاطر، حاملين شعارات الحرية والسلام والعدالة. من عطبرة التي كانت شرارة الثورة، إلى الخرطوم التي احتضنت الاعتصام التاريخي أمام القيادة العامة، كتب السودانيون ملحمة من التلاحم الشعبي لن تُمحى من ذاكرة الأجيال.
الواقع بين الحرب والمعاناة
لكن اليوم، ونحن على أعتاب هذه الذكرى العظيمة، يقف السودان في واقع مختلف تمامًا، تغطيه غيوم الحرب ومعاناة شعبنا المتفاقمة. مدننا أصبحت ساحات للدمار، وأبناؤنا الذين هتفوا للحرية أصبحوا ضحايا صراعات لا تنتهي. وبدل أن يحتفل السودانيون بثمار الثورة، باتوا يكافحون من أجل البقاء.
الجوع يطارد الملايين، والأدوية منعدمة في معظم المستشفيات. حمى الضنك والكوليرا تعصف بجسد الوطن المنهك، بينما النزوح بات مأساة يومية تعيشها آلاف العائلات. في ظل هذا الواقع المأساوي، تُطلق أطراف النزاع أكاذيب "الانتصار" التي تزيد من معاناة الشعب وتفاقم مآسيه، دون أي اعتبار لحقيقة ما يحدث على الأرض.
القوانين الجائرة واستهداف الثوار
وسط هذه الفوضى، يظهر قانون "الوجوه الغريبة"، الذي يُستخدم كذريعة لاعتقال وقتل الثوار بحجة أنهم متعاونون مع أطراف النزاع. هؤلاء الثوار الذين خدموا أهلهم في التكايا ووقفوا إلى جانب الفقراء، يجدون أنفسهم اليوم مستهدفين باسم قوانين ظالمة.
وفي الوقت ذاته، تظهر أسماء مثل "كيكل"، صاحب الجرائم والانتهاكات، والذي بدلاً من أن يُحاسب على جرائمه، يُكافأ بلقاء القائد العام للجيش، ومنح رتبة عسكرية وعفو عام. كيف يمكن للشعب السوداني أن يتقبل هذه الازدواجية؟ وكيف يمكن أن يُمنح العفو لمن انتهك حياة الأبرياء؟
روح الثورة: الطريق إلى الأمام
في هذه اللحظة العصيبة، تظل روح الثورة هي الأمل الوحيد. الثورة التي جمعت السودانيين حول حلم الحرية والعدالة لا تزال حية في قلوبهم. مهما تكاثرت التحديات، يبقى الالتزام بصف الثورة هو السبيل لتحقيق النصر الحقيقي.
ونحن على مشارف الذكرى الخامسة لانتصار ثورتنا، يجب أن نتذكر أن الثورة لم تكن مجرد انتصار سياسي، بل كانت انتصارًا للقيم الإنسانية العليا. الحرية، والسلام، والعدالة ليست شعارات نرددها فقط، بل هي مبادئ نسعى لتحقيقها مهما كان الثمن.
لنتأمل في أيام الثورة، ونستمد منها العزم لمواجهة التحديات الحالية. الثورة مستمرة، والنصر الحقيقي سيكون يومًا لكل السودانيين، يومًا يعم فيه السلام ويُعاد بناء الوطن على أسس الحرية والعدالة والمساواة.