إدارة بايدن والسودان- عقوبات متأخرة وسلام بعيد المنال#

إدارة بايدن والسودان- عقوبات متأخرة وسلام بعيد المنال#


12-13-2024, 11:26 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1734085607&rn=0


Post: #1
Title: إدارة بايدن والسودان- عقوبات متأخرة وسلام بعيد المنال#
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 12-13-2024, 11:26 AM

10:26 AM December, 13 2024

سودانيز اون لاين
زهير ابو الزهراء-السودان
مكتبتى
رابط مختصر






في ظل استمرار الحرب السودانية التي اندلعت في أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، تسعى القوى الدولية إلى تكثيف جهودها لاحتواء الصراع وفرض مسارات للسلام عبر أدوات مختلفة. تأتي العقوبات التي تدرسها الولايات المتحدة على الأطراف المتحاربة كجزء من نهج جديد يهدف إلى تجفيف مصادر تمويل الحرب وإجبار المتحاربين على العودة إلى طاولة المفاوضات. هذه الخطوة تعكس تحولا ملحوظا في السياسات الدولية تجاه السودان، الذي ظل لعقود طويلة مسرحا لصراعات داخلية عميقة وتدخلات خارجية متباينة.

يُعتبر مشروع العقوبات الأمريكية المرتقب تطورا نوعيا في التعاطي مع الأزمة السودانية، إذ يهدف إلى تقويض قدرة الأطراف المتنازعة على استمرار القتال من خلال استهداف بنيتها المالية واللوجستية. تشمل هذه العقوبات المحتملة فرض قيود صارمة على التحويلات المالية الدولية، واستهداف الشركات والأفراد الذين يقدمون دعما مباشرا أو غير مباشر للأطراف المتحاربة. كما يتضمن المشروع إجراءات أخرى مثل حظر السفر على قيادات عسكرية بارزة وملاحقتهم قانونيا في حال توافر أدلة على تورطهم في جرائم حرب أو انتهاكات لحقوق الإنسان. ورغم الطابع الصارم لهذه العقوبات، فإنها تُصمم بعناية لتجنب التأثير السلبي على المدنيين، لا سيما في ما يتعلق بوصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة.

أما الأمم المتحدة، فإنها تنظر إلى النزاع السوداني بوصفه أزمة متعددة الأبعاد تتطلب استجابة شاملة تعالج الجوانب السياسية والإنسانية والأمنية. وقد أطلقت المنظمة الدولية دعوات متكررة لوقف إطلاق النار واستئناف الحوار السياسي تحت رعايتها أو رعاية أطراف إقليمية ودولية. كما تسعى الأمم المتحدة إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية عبر برامج طوارئ تديرها وكالاتها المختلفة، بالإضافة إلى تهيئة الظروف المناسبة لمساءلة الأطراف المتورطة في الجرائم والانتهاكات الجسيمة.

من جهته، يتبنى الاتحاد الأوروبي موقفا متقدما يدعم التوجه الأمريكي لكنه يضع أولويات خاصة تتماشى مع رؤيته للأمن الإقليمي واستقرار القارة الأفريقية. يركز الاتحاد على تعزيز دور الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد كأطراف إقليمية رئيسية في حل النزاع، كما يسعى إلى استهداف صادرات السودان من الذهب، التي تُعد مصدرا أساسيا لتمويل الصراع. وفي ذات الوقت، يعمل الاتحاد الأوروبي على منع تداعيات الحرب من الانتقال إلى دول الجوار، خصوصا تشاد وجنوب السودان، حيث يمكن أن يؤدي امتداد الصراع إلى زعزعة الاستقرار في منطقة الساحل والصحراء.

في ظل هذه التحركات الدولية، يمكن استشراف السيناريوهات المستقبلية مع بداية عام 2025. من المتوقع أن تؤدي العقوبات الدولية إلى تقليص قدرات الأطراف المتحاربة على تمويل واستمرار الحرب، لكنها قد لا تنجح في إنهاء النزاع تماما إذا لم تُرفق بمبادرات سياسية جادة وذات مصداقية. وعلى الرغم من تصميم العقوبات لتجنب التأثير المباشر على المدنيين، فإنها قد تسهم في تعميق الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها السودان بالفعل. وقد يكون الدور الأفريقي عاملا حاسما في المرحلة المقبلة، حيث يُرجح أن يتعزز حضور الاتحاد الأفريقي بدعم من المجتمع الدولي في جهود الوساطة.

يتوقع أيضا أن يشهد العام المقبل خطوات أكثر حزما في إطار المساءلة الدولية، حيث قد تُحال أسماء من قيادات الطرفين المتحاربين إلى المحكمة الجنائية الدولية، مما سيزيد الضغط على هذه القيادات لتقديم تنازلات في سبيل حل سياسي. ومع ذلك، يبقى نجاح هذه الجهود مرهونا بمدى استعداد القوى الإقليمية والدولية للعمل مع السودانيين أنفسهم على صياغة حلول مستدامة تأخذ في الاعتبار جذور الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

أري من خلال هذا التحليل، يبدو أن مشروع العقوبات الأمريكية على المتحاربين في السودان يمثل أداة ضغط فعالة، لكنه يظل غير كافٍ بمفرده لإنهاء النزاع. تحقيق السلام في السودان يتطلب جهدا متكاملا يشمل العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية، إلى جانب تعزيز مسارات الحوار السياسي الشامل الذي يشرك جميع القوى الفاعلة، بما فيها القوى المدنية والمجتمعات المحلية، لضمان بناء مستقبل يتجاوز حالة الحرب والاحتراب.