Post: #1
Title: ديسمبريون .. نعم كتبه عبد المنعم هلال
Author: عبد المنعم هلال
Date: 12-04-2024, 11:54 PM
10:54 PM December, 04 2024 سودانيز اون لاين عبد المنعم هلال-الخرطوم-السودان مكتبتى رابط مختصر
هلال وظلال
ـ في تاريخ الأمم تأتي لحظات قليلة تتجاوز أبعادها حدود المكان والزمان لحظات يقرر فيها الشعب النهوض في وجه الظلم والاستبداد لتكتب الأقدار فصلاً جديداً من الحرية والكرامة وفي السودان جاءت تلك اللحظة في ديسمبر 2018 حيث انتفض الشعب السوداني من جديد ليرسم ملامح مستقبل أكثر إشراقاً هؤلاء هم (الديسمبريون) الذين قالوا نعم للتغيير نعم للوطن الذي يليق بأبنائه. منذ بداية الثورة كان الشارع السوداني يتحدث لغة جديدة لغة تفيض بالعزم والتحدي أجيال مختلفة وقفت صفاً واحداً متجاوزة الفوارق العمرية والاجتماعية لتقول كلمتها في وجه الطغيان. لم تكن ثورة ديسمبر مجرد احتجاجات تطالب بالخبز أو الوقود بل كانت صرخة من أجل الحرية والسلام والعدالة. الديسمبريون لم يكونوا مجرد مشاة في مسيرات بل كانوا رموزاً للتضحية ولا يمكن أن ننسى شهداء الثورة الذين قدموا أرواحهم وهم يرفعون أعلام السودان عالياً مطالبين بحياة أفضل للأجيال القادمة وبالحرية والسلام والعدالة وسطروا بدمائهم صفحات من الشجاعة والصمود لتظل ذكراهم خالدة في قلوب السودانيين. من أبرز مشاهد ثورة ديسمبر كان الدور الريادي للمرأة السودانية كانت النساء في طليعة المواكب يهتفن بأعلى الأصوات مطالبات بحقوقهن وحقوق مجتمعهن وأصبحت صورة (الكنداكة) رمزاً عالمياً للنضال النسائي في السودان وحملت المرأة السودانية مشعل الحرية جنباً إلى جنب مع الرجل وكانت جزءاً لا يتجزأ من الانتصار. بعد نجاح الثورة في الإطاحة بالنظام الكيزاني البغيض ظلت الآمال كبيرة في تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ولكن وكما هو الحال في أي ثورة ظهرت التحديات والصعوبات والانتقال من الثورة إلى بناء دولة مدنية قوية يحتاج إلى جهد وصبر والديسمبريون يعلمون جيداً أن الطريق لن يكون سهلاً . مع هذه الحرب يواجه السودان تحديات اقتصادية وسياسية واجتماعية قد تكون كبيرة جداً لكنها ليست أكبر من إرادة الشعب الذي أسقط أحد أعتى الأنظمة في المنطقة والثقة في قدرة شباب ديسمبر الملهم على مواصلة البناء والإصلاح هي مفتاح النجاح. (ديسمبريون) هو عنوان لمرحلة تاريخية في السودان لكنه أيضًا عنوان للمستقبل الذين قالوا نعم للثورة يقولون اليوم نعم لبناء سودان جديد يتسع للجميع سودان يسوده العدل والمساواة والديسمبريون ليسوا فقط أولئك الذين خرجوا في شوارع الخرطوم وبقية المدن بل هم أيضاً كل من يؤمن بمبادئ الثورة ويسعى لتطبيقها على أرض الواقع. حققت ثورة ديسمبر المجيدة نجاحاً كبيراً في الإطاحة بنظام استبدادي دام لسنوات طويلة وفتحت الطريق أمام أحلام الشباب الطامح لبناء وطن تسوده الحرية والسلام والعدالة لكن منذ بدايتها واجهت الثورة مؤامرات عديدة من قوى العسكر وأعوان الظلام الذين سعوا لإجهاض التحول المدني الديمقراطي. أبرز تلك المؤامرات حدثت عند اقتراب موعد تسليم رئاسة مجلس السيادة لمدني وفق الوثيقة الدستورية حيث نفذ العسكر انقلاباً على الحكومة المدنية في 25 أكتوبر 2021 معلنين بذلك عداءهم الصريح للمدنية. ومنذ ذلك الحين استمرت العراقيل والمحاربة في وجه كل محاولة لإعادة بناء الدولة على أسس مدنية وديمقراطية مما يؤكد أن معركة السودانيين من أجل التحول الديمقراطي ما زالت مستمرة. ومهما كان حجم المؤامرات ومهما أعاقت مسيرة الثورة الحروب والانقلابات فإن جذوة الثورة لن تنطفئ وستظل تنير أرض السودان أرض الخير والمحبة والثورة ليست حدثاً ينتهي بل هي شعلة متقدة تواصل الإضاءة ولن تتوقف حتى يتحقق الحلم الذي ضحى من أجله الشهداء سودان حر وعادل ومتسامح. والكيزان إلى مزبلة التاريخ والعسكر للثكنات والجنجويد ينحل.
|
|