في زاوية رقمية بعيدة، حيث تلتقي الأصوات السودانية على تطبيق الكلوب هاوس، برزت مجموعة تحمل طابعًا دراميًا هزليًا جعلها حديث المجالس الإلكترونية. مجموعة تُعرّف نفسها - ويا للعجب - بأنها "خلية أمنية"، ولكنها ليست كأي خلية أمنية تقليدية؛ بل مزيجٌ فريد من سوداني يحمل الجنسية الأمريكية، وآخر مقيم في الخليج، وثالث يتنقل بين الدول الأفريقية كأنه في مهمة سرية للبحث عن خريطة كنز، ومعهم رابعة تحمل لواء الإسلام السياسي، تخوض المعارك وكأنها تُدافع عن بوابة السماء الأخيرة.
هذه النخبة "الأمنية" قررت أن دورها الوطني - على ما يبدو - هو استجواب كل سوداني يجرؤ على الحديث عن قضايا السودان السياسية. استجواباتهم تبدأ بالأسئلة الاستكشافية: "من أين أنت؟ ماذا تعمل؟ ولماذا تتحدث؟"، وتنتهي بالتهديدات الخطيرة: "سنسقط جنسيتك، سنحاسبك، سنطردك من جنة الوطن!". كأن السودان تحول إلى محكمة صغيرة في غرفة إلكترونية، وهم قضاتها غير المنتخبين.
ولكن، هل تُبنى الوطنية على التهديد؟ هل يُخلق الانتماء بالخوف؟ بالطبع لا! الوطنية الحقة تقوم على القناعة العميقة، والإيمان الراسخ بأن الوطن يستحق العمل من أجله والدفاع عن حقوقه ومبادئه. الوطنية ليست مطرقة ترفعها فوق رؤوس الناس لترهبهم، بل هي جسر يمد بالحب والتفاهم، والأساس الأهم فيها هو الاقتناع النابع من الحرية الفكرية، لا الانقياد الأعمى تحت وطأة الوعيد.
أيها السادة في "خلية الكلوب هاوس"، دعونا نوضح شيئًا بسيطًا: نحن لا نخاف إلا الله، ونؤمن أن خدمة الوطن لا تحتاج إلى استعراضات مسرحية أو تهديدات متكررة. إن كان بيننا خائن أو عميل، فمرحبًا بالمحاسبة، ولكنها محاسبة مبنية على الحقائق، لا الأوهام.
نحن نخدم أهلنا بصمت وإخلاص، ونؤمن أن النقاش السياسي يجب أن يكون منصة لتبادل الأفكار، لا منبرًا للصراخ والوعيد. إن الوطنية الحقيقية تُبنى بالحوار العقلاني، بالإقناع والإيمان المشترك، لا بالترهيب.
يا من ترفعون شعارات الاستجواب، نقول لكم: قاربوا الحجة بالحجة، واجعلوا أدلتكم صلبة وطرحكم محترمًا. فالناس لا تُقنعها الأصوات العالية، بل الأفكار القوية. وخطابنا واضح: السودان يستحق نقاشًا يرتقي بعقولنا، لا كوميديا تُشبه حلقات العبث الإلكتروني.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة