Post: #1
Title: إضاءة في الواقع السياسي السوداني كتبه عبدالسلام نورين
Author: عبدالسلام نورين عبدالسلام
Date: 11-26-2024, 12:00 PM
11:00 AM November, 26 2024 سودانيز اون لاين عبدالسلام نورين عبدالسلام-نانت - فرنسا مكتبتى رابط مختصر
الهدف من الدولة هو الانتقال من حالة الافتراس والشعور بانعدام الأمن الذي يعيش فيه الأفراد والجماعات إلى حالة الشعور بالأمن والطمأنينة، التي تتوفر عند المواطنين في ظل الدولة "دولة القانون" التي تحتكر العنف الشرعي. يتم ذلك بتنازل الأفراد عن جزء من حرياتهم للدولة في مقابل أن تحافظ الدولة على حياتهم وحريتهم وتوفر لهم مناخاً يشعرون فيه بالأمان والاستقرار والطمأنينة. تكون للدولة آليات واضحة عبر جهازها البيروقراطي تساعد فيه المواطنين على التقدم والازدهار. بالنظر إلى واقعنا السياسي السوداني، نجد أن هنالك غياب للشعور بالأمان لدى السودانيين وفشل زريع وتخلف واضح على الاصعدة السياسية، التنموية والثقافية … الخ هذا الفشل أدخل بلادنا الحبيبة في حرب أهلية مدمرةً بدأت منذ أغسطس 1955 بين الحكومة المركزية وجنوب السودان جراء مطالبة الأخيرةً بالفيدرالية وحكم نفسها بنفسها ولم تجد الاستجابة في وقتها ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد. وأستمرت هذه الاحتجاجات السياسية عبر وسائل نائمة وعنيفة ولاسيما في الغرب والشرق إلى أن تفجر الحرب بشكل أعنف في جنوب السودان في 1983 وغرب السودان في 2003 و من ثم في ولاية جنوب كردفان والنيل الازرق في العام 2011 و وصل الحال بالسودان إلى حرب 15 أبريل 2023 الذي أندلع في ولاية الخرطوم عاصمة السودان ودمر البلاد بشكل كامل والحرب الأخيرة هي تجلي للفشل السياسي السوداني الذي لم يتوقف بالرغم من تحذيرات القوى السياسية والاكاديمين، بل تراكم عبر العقود الماضية وأدى إلى انفصال جنوب السودان. أثناء هذه الحروب ارتكبت فيه حكومات الخرطوم والمليشيات العربية الموالية لها جرائم بشعة - ابرزها جريمة الإبادة الجماعية وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية في منطقة دارفور غرب السودان. هذه الحرب دمرت البنية التحية للسودان والذاكرة الثقافية وخلقت ودماراً واحتقانًا اجتماعاً غير مسبوق. بلادنا لا تتحمل مزيدًا من الحروب ويجب أن نوقف هذه الحرب بطريقة تجعلها لا تتكرر مرةً أخرى وأن يستقر السودان ويتقدم ويلعب دوره الطليعي في القارة الافريقية وغرب آسيا. وقف الحرب هي واحدةً من أكثر مطالب السودانيين الحاحاً، ولذلك يجب عليهم الايفاء بمستحقاته وهذا يتطلب انفتاحًا في العقل السياسي والعمل على أحداث قطيعة كلية مع المسببات الجذرية للحرب الاهلية. لإنهاء الحرب بشكلٍ نهائي - يتطلب علينا كقوى سياسية ومجتمع مدني وزعماء القوميات والإتفاق بالعمل على إنهاء الحرب بالنقطة نقطة أو بالضربة القاضية ويتم ذلك وفق الأتي: أولاً : الإتفاق على وثيقة التأسيس التي تحدد الملامح العامةً للدستور الدائم وتكون مرجعية لأي تشريعات مستقبلية وفي هذه الحالة يجب علينا الا نفوت الفرصة ونكرر أخطاء الماضي. التوافق على الهوية الوطنية هي أم القضايا ولأبد أن تستند بالأساس وبشكل صريح على التعدد الإثني والثقافي أي الهوية السودانوية Sudanism والاعتراف بكافة اللغات السودانية واعتبارها لغات وطنية على أن تظل العربية والانجليزية لغات رسمية وبهذا نكون قد حسماً واحد من أكثر القضايا الخلافية في تاريخ السودان المعاصر والقضاء على مسألة أحتكار السلطة الذي دائمًا ما يغذي عبر وريد الامتياز العرقي والاثني. ثانيًا : لإنهاء ظاهرةً الصراع السياسي المسلح بين الخرطوم والأطراف يتطلب تبني النظام الفيدرالي الذي يستطيع أن يزيل ظاهرةً احتكار السلطة، الثروةً والتنمية ويفتح آفاقًا جديدةً للشعب السوداني في ادارةً شؤونه ابتداءاً من القرية، الفريق، الحي إلى المقاطعة والولاية. في بلد مثل السودان لا تستطيع الدولة أن تحكم عبر تفويض جزء من صلاحياتها للأطراف، بل لأبد للأطراف من صلاحيات اصيلة تنبع من قواعدها وليست تفويضًا. ثالثاً: الحلول يجب الا تفرض من أي طرف مهما كانت شرعيته أو قوته، بل يستند على التعاقد الاجتماعي Social contract بين القوى السياسية والمجتمع المدني وزعماء القوميات والقبائل والجماعات الدينية وأن ترسي هذه الخطوة إلى تغيير في الثقافة السياسية بتبني نظام ديمقراطي توافقي Concordance democracy بدلًا من الديمقراطية التنافسية القائمة على الاغلبية البسيطة التي تعتبر واحدةً أسباب عدم الاستقرار السياسي الذي ساعد على الانقلابات العسكرية. الولايات الفيدرالية هي المخرج الوحيد للحفاظ على دولة موحدة يثق فيها السودانيين والسودانيات والفدرالية تمنح فرصة لسن تشريعات لمعالجة تعالج قضايا الأقليات الدينية. رابعاً: لإعطاء مستقبل مستقر لبلادنا لأبد من الاعتراف بالاخطاء التاريخية المدمرةً والمصالحة الوطنية. تكون المصالحة الوطنية بعد إعادة توطين اللاجئين والنازحين في مناطقهم الأصلية ومساعدتهم في بدايةً حياةً جديدة، ليس بالتعويضات الفردية، بل بتوطين التنمية في شكل مدارس، مراكز صحية، ماء، كهرباء، طرق ومراكز تدريب منهني.
نوفمبر 2024
|
|