ورقة من أوراق أبي كتبه سلمى محمد دَاوُدَ الخليفه

ورقة من أوراق أبي كتبه سلمى محمد دَاوُدَ الخليفه


11-25-2024, 06:16 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1732554978&rn=0


Post: #1
Title: ورقة من أوراق أبي كتبه سلمى محمد دَاوُدَ الخليفه
Author: مقالات سودانيزاونلاين
Date: 11-25-2024, 06:16 PM

05:16 PM November, 25 2024

سودانيز اون لاين
مقالات سودانيزاونلاين-USA
مكتبتى
رابط مختصر




بسم الله الرحمن الرحيم


أم دبيكرات ( أخر معارك المهدية)
24 / 11 /1899

سأتوقف قليلاً قبل أن أبدأ بكلمة عن هذه المعركة التاريخية إجلالاً وتقديراً لكل شهيدٍ ضحى بروحه الطاهرة في أرض الوطن أم مات في مرارة الغربة حُرقة على الوطن . ولكل عزيز و حبيب وقريب رحل عن ديارنا إلى دار الخلد . وكما ان الموت حق علينا جميعاً وإننا نعلم أن حكم الله هو خير حتى و إن قصرت عقولنا عن إدراك حكمته .فلا إعتراض على حكم الله و قدره . والحمدلله على ما أراد الله .
وداعاً…كلمة قاسية وخاصة عندما تاتي بغير سابق إنذار .. كلمة لم أكن أتوقع أن تأتي في وقت لم أكن مستعده فيه للفراق .فهذا العام 2024 ومنذ بدايته كان شاهداً على فقدي لأحبتي من الأهل والأصدقاء. فهو كذلك عام الفقد والألم للوطن الجريح .
ففي ومنذ بداية هذا العام الحزين 2024
رحل عنا زوجي و أبو أولادي السيد هاشم حسن مالك ( رحمه الله) . كان رحيله صدمة فاجعة تركتني مكسورة القلب والجناحين . فقد كان أباً رائعاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى. كان حريصاً أن يصنع معهم ذكريات جميلة و يعلمهم وأصدقائهم حب الرياضة وخاصة كرة السله . كان يعاملهم و كأنهم جزء من عائلته ويشعرهم بالراحه في حضوره . وفي أيام العزاء رأيت في أعينهم الباكية الحزينة صدق مشاعرهم وعمق ذلك الأثر الذي تركه في نفوسهم . لقد وقفوا بجانبي وبجانب أولادي وقفة رجال . كانوا السند والدعم والمساعدة في تخفيف الألم والجرح. فمنهم من ترك أعماله وأشغاله وجاء من بلادٍ بعيدة لكي يكون موجوداً من أول ساعة الدفن وأخرين من جلسوا إلى أواخر الليل يستقبلون العزاء مع الاولاد . دعائي لهم من القلب بكل الخير والبركة في عافيتهم وتوفيق من الله .وأغتنم هذة الفرصة لكي أشكرهم جميعاً على وقفة لا تُنسى. حقاً وقفة
"الصديق وقت الضيق ."
كان هاشم (الله يرحمه) مثالاً للعطاء الصامت. ذلك العطاء الذي لا يبحث عن تقدير ولا ينتظر مقابلاً . و يساعد بلطف دون أن يشعر أحداً و كأنه يقول إن فعل الخير لا يحتاج إلى إعلان. فكل أفعاله كانت تتحدث بصمت. الحمدلله قد ترك أثراً جميلاً لكل من كان يعرفه حقاً.
ومن أجمل صفاته .. بِره بوالديه . كان الابن البار حباً واحتراماً منذ الصغر وشاب على هذا البر. كان اليد اليمنى التي يعتمد عليها الأب في أعماله وفي المواقف الصعبة. والأبن الحنون لأمّه . وقبل وفاته كرّس نفسه و قلبه لرعاية والِده تماماً. وهكذا ضمن هاشم مالك ( رحمه الله) منزلته في الجنه ان شاءالله. هنيئاً له ولكل من كان باراً بوالديه. رحمه الله رحمه واسعة وجعله في منزلة خيراً من منزلته في الدنيا.

وداعاً ورغم ثقل الكلمة على القلب إلى أولئك الأشخاص الذين كانوا جزءاً جميلاً من حياتي. وداعاً لكل من ترك بصمة لا تُمحى. أفتقدهم وافتقد مواقف تحتاج حكمتهم . ولا أنسى أن أترحم على روحاً عرفناها من أجمل وأطهر و أطيب وأصدق الأرواح الذي جمعنا الله بها في هذه الدنيا. روحاً لا تعرف غير الله ومحبته. أميناً في معاملته، صادقاً في قوله، بريئاً كالطفل في تصرفاته، مُحباً للخير. حبشي الجنسية سوداني الكرم و العزة. أحبه الله وجعل كل من يعرفه يُحبه. رحم الله روحاً تعلمنا منها معنى الإنسانية والأخلاق العالية. رحم الله السائق الطيب
" كسحون والدو" الذي كان ملاكاً يمشي في الأرض.

لم يكن هذا العام مقتصراً عليّ وحدي .. بل كان عاماً قاسياً مليئاً بالصدمات والمآسي. فكثير من اعرفهم معرفة شخصية وآلمني جرحهم من الصديقات والأخوات فقدوا أزواجهم، وأولادهم و بناتهم في عمر الزهور وعز شبابهم .
و بيوت خلت من عطف الأم وسند الأب وبهجة الأطفال .
اللهم اجعل هذا العام شاهداً على صبرنا وأيماننا بقضائك. اللهم أرحم كل حبيب وعزيز فقدناه داخل وخارج السودان يارب العالمين.

و لا بد أن أبدإ بالإعتذار لأبي ( رحمه الله عليه) في إغتنام هذة السانحة اليوم ودمج موضوع المعركة القديره وموضوع "وداعاً 2024" . كان الوالد ( رحمه الله عليه) حريصاً على الكتابه في جميع المناسبات التاريخية الوطنية إحتراماً لارض أجداده الذي كان يفتخر ويتفاخر بها ويحترم تاريخها. رحم الله قلباً علمني أجمل معاني الحب والعزة و الكرامة في "حب الوطن ".
معركة أم دبيكرات 24/11/1899
( نُبذة قصيرة عنها)
تقع أم دبيكرات (معركة الشهداء) في جنوب غرب كوستي على النيل الأبيض بالسودان. وهي آخر معارك المهدية. وهنا تقابل الخليفة عبدالله وإسود جيشه مع المستعمر الحاقد.وإستشهد في تلك الارض الطاهرة ألف شهيد وإثنان الف جريح وأكثر من تسعين الف أسير بما فيهم من النساء و الأطفال. وتم نفي الأسرى جميعاً إلى مصر وسجون مصر.
ومن الذين إستشهدوا منهم مقبلين لا مدبرين،:
    الخليفه عبدالله بن السيد محمد، الخليفة علي ود حلو، الأمير أحمد فضيل، الأمير خاطر حمدان، الأمير بشير عجب الفيه،الأمير عبد الباري الوكيل، الأمير حامد أبوعلي،  الأمير أبو دكة الأمير صديق ابن الأمام المهدي الأمير هارون بن السيد محمد ( شقيق الخليفة عبدالله)، الأمير صديق ابن الإمام المهدي، الأمير علي الجلة.    
وغيرهم من الأجداد العظماء. رحمة الله عليهم اجمعين . فهم كالنجوم تضيئنا فخراً واعتزازاً .
اللهم أرحم كل روح صعدت اليك ولم يعد بيننا وبينهم إلا الدعاء.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.

سلمى محمد دَاوُد
ولنا لقاء أخر مع
"ورقة من أوراق أبي"
( إن شاءالله)
24/11/2024