هل هناك إنحطاط أكثر من أن يدافع المقموع عن قامعيه؟ هذا السؤال يطرح نفسه بقوة في ظل الأحداث الراهنة، حيث نجد أحمد هارون، المطلوب لدى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، يقود تنظيما يُعرف باسم المؤتمر الوطني، الذي يمثل رمزا للفساد والاستبداد الذي ثأر عليه الشعب السوداني في ٢٠١٨م في ثورة عظيمة رفعت شعارات واعدة بالحرية والعدالة الاجتماعية والسلام، في الوقت نفسه، نجد حركات الإرتزاق، التي ملأت الفضاء ضجيجاً لسنوات طويلة بأسم الهامش والمهمشين، تقاتل اليوم في صفه للحيلولة دون تحقيق تطلعات الشعب في بناء دولة مدنية ديمقراطية فدرالية خالية من الإستبداد والفساد والظلم وتضع حدا للمظالم التاريخية وبناء دولة المواطنة المعبرة عن إرادة الشعب السوداني في الديمقراطية والحرية والعدالة الإجتماعية والسلام. كيف لنا أن نفهم هذا التناقض الصارخ؟ كيف يمكن لتلك الحركات، التي كانت تُظهر نفسها كمناصرة للحقوق والحريات، أن تُركّز جهودها في دعم تنظيم يقوده شخص مثل أحمد هارون، الذي يُعتبر رمزا للقمع والإجرام؟ إن هذا الموقف يعكس انحدارا أخلاقيا وسياسيا لا يمكن تجاهله. فعندما يتحول المقموعون إلى أدوات في يد الطغاة، فإن ذلك يُظهر عدم وضوح الرؤية وفقدان البوصلة في مسار الثورة. إن حركات الإرتزاق، التي كانت تتبنى شعارات نبيلة، تُظهر الآن وجهًا آخر يتناقض تماماً مع ما ناضل من أجله الشعب. إن الفساد الذي ينخر في جسد هذه الحركات يُظهر أن مصالحها الشخصية قد طغت على المبادئي التي ادعت الدفاع عنها. اليوم ظهرت على حقيقتها مجرد مجموعة من الساقطين إنها تدافع عن أحمد هارون وعلي كرتي وأسامة عبدالله مجرمي الحرب الذين خططوا لهذه الحرب اللعينة، هذا السلوك يعكس انحطاطاً لا يُمكن تصوره، حيث أصبح المقموعون يقاتلون في صفوف من قاموا بقمعهم. إن هذا التناقض يُظهر الحاجة الملحة لإعادة التفكير في الأهداف الحقيقية التي تسعى لها هذه الحركات. يجب أن تكون هناك مراجعة حقيقية للرؤية السياسية، بعيداً عن الإنتماءات الضيقة والمصالح الشخصية. فالعودة إلى جادة الصواب تتطلب من الجميع أن يضعوا مصلحة الوطن فوق أي اعتبارات أخرى. في النهاية، إن هذا الإنحطاط الذي نشهده يعكس حالة من الإرتباك في المشهد السياسي، ويُظهر أن الطريق نحو الديمقراطية والحرية والعدالة الإجتماعية والسلام لا يزال طويلًا ومعقداً. يجب أن نُدرك أن الدفاع عن القامعين ليس مجرد تناقض، بل هو خيانة للقضية التي ناضل من أجلها الشعب. من المهم أن تتوحد الجهود نحو بناء دولة مدنية ديمقراطية حقيقية، تكون فيها الكلمة العليا للشعب، وليس للمافيا أو المرتزقة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة