شاهدتُ كل السودان في مستشفى الوالدين بأمدرمان! كتبه عثمان محمد حسن

شاهدتُ كل السودان في مستشفى الوالدين بأمدرمان! كتبه عثمان محمد حسن


11-18-2024, 05:48 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1731948502&rn=0


Post: #1
Title: شاهدتُ كل السودان في مستشفى الوالدين بأمدرمان! كتبه عثمان محمد حسن
Author: عثمان محمد حسن
Date: 11-18-2024, 05:48 PM

04:48 PM November, 18 2024

سودانيز اون لاين
عثمان محمد حسن-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




* نزحتُ إلى كرري/الحتانة قبل عام ونيف.. وكان كل شيئ في هذا الحي ينبض بالحياة والطمأنينة التي وقَرت في نفسي، واستكانت.. لكن فجأةً داهمتني سنوات العمر، وبدأت أفاعيل الكِبَر تلعب بالحياة - حياتي أنا.. فظللتً طريح الفراش لأسابيع.. أقعدُ إذْ أقوم، والنفَس طالع نازل.. إعياءٌ و ضيق نفَس! وإذا قُدّر لي أن أخطو عدة خطوات، ضاق النفَس لدرجة بوادر إغماءة قادمة.. غير أن الإيمان بالله يجعلني أتماسك..
* ومن خمسة إلى ستة مرات في اليوم، تعتورني هذه الحالة..
* وفي يوم السبت ،١٦ نوفمبر ٢٠٢٤.. تقرر نقلي إلى مستوصف (العمران).. حيث قام الطبيب بإجراء الفحوصات اللازمة بالأدوات التي في مكتبه، ثم نصحنا، عن طيب خاطر، بالذهاب إلى مستشفى الوالدين، حيث يوجد إختصاصيون في مجال ما أعانيه..
* و ركبنا الشارع، كانت المركبات، بجميع أنواعها، تمضي في حركة منتظمة لم أعهدها منذ زمن.. وكان المارة، المقيمون والنازحون من مدن العاصمة المثلثة والولايات الأخرى، يتعاملون مع الشارع بحنوٍ كبير، وكأنهم متفقون على تخفيف وطء أرجلهم على أرض كرري التاريخ.. (خفِّف الوطء ما أظنُ أديمَ هذه الأرض إلا من هذه الأجسادِ.. وقبيحٌ بنا وإن قدم العهدُ هوان الآباء والأجدادِ..)

* لم أرَ شرطة مرور ينظمون حركة السير، ربما هم مطمئنون، ومن بعيد، يراقبون الحركة المنسابة إنسياباً ذي إيقاع مهدئ للنفوس..
* لم تكن إلا (فركة كعب) و وصلنا مستشفى الوالدين، دحرجني مرافقي، بالكرسي المتحرك، إلى الداخل.. شاهدتُ اكتظاظاً، مرضى ومرافقيهم من كل جبِلّة في السودان، لكنه اكتظاظ سيماهُ الهدوء وعدم العجلة وعدم التدافع لنيل الخدمات الطبية استباقاً، حاجة عجيبة!حاجة عجيبة!
والله العظيم!
* الكادر الطبي، في مستشفى الوالدين، من قمة الهرم إلى القاعدة، في حراك دؤوب.. والمرضى يدخلون للقاء الطبيب/ة المعالج/ة ثم يخرجون وفي سيماهم الرضا والقناعة..
* وفي صبرٍ، اكتسبته من إفرازات هذه البيئة الصامدة الصابرة، وجدتني جالساً على الكرسي المتحرك حتى جاء دوري، و دخلتُ فالتقيتُ طبيبتين تبثان فيك الإحساس بالاطمئنان على السودان، و ترى فيهما نوع جديد من الكادر الطبي الذي سوف يخدم السودان.. و إن شئت الحقيقة، فإن المستشفى كله، بل وعلاوة عليه، فإن كل ما شاهدته في الشارع يتحدث عن صيرورة الحياة في السودان.. إنها صيرورة جديدة أفرزتها حربُ ظلّت مصفاةً تميِّز الطيب من الخبيث..
* كان يوماً طويلاً.. وانتقالاً، بالكرسي المتحرك، من طبيبة إلى طبيب ومن فحوصات إلى فحوصات.. وقد ألجم صبر الكادر الطبي في هذا المستشفى صبري وقلّل من طول اليوم..

* بعد الفحوصات والتحليلات، ظهر أني مصاب بما يسمى ب(وذمة الرئة) Pulmonary، أي ماء في الرئة..

حاشية...حاشية...حاشية...
حاشية...

* أعلم، عن يقين، أن ما يحدث في السودان الآن من تغييرات جذرية (صامتة) لا يراها إلا القليلون.. لأنها أحداث تجري بثقة و دون ضوضاء Slowly but surely! والله على ما أقول شهيد!
* و من شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر.. لكن هذا ما يحدث الآن!