Post: #1
Title: مفارقات: كيف يتحول المقموع إلى مدافع عن القامع* ؟ كتبه الطيب الزين
Author: الطيب الزين
Date: 10-27-2024, 01:10 PM
01:10 PM October, 27 2024 سودانيز اون لاين الطيب الزين-السويد مكتبتى رابط مختصر
إن ما نعيشه في السودان اليوم يعكس مفارقات عجيبة، حيث يتحول الضحايا إلى مدافعين عن الجناة، وتحل الفوضى مكان العدالة والأكاذيب محل الحقيقة! تُجسد هذه التراجيديا السودانية الظواهر التي نراها على الساحة، حيث يتبنى بعض المقموعين خطاب القامع، في مشهد يثير الاستغراب والدهشة والإشمئزاز. ما يمارسه الكيزان القتلة الأشرار، الذين أشعلوا نار الحرب اللعينة من فبركات ومسرحيات، هو مثال صارخ على تضليل الرأي العام. إنهم يستخدمون دهاءاً ومكراً غير عاديين لإجبار المقموعين على تبني خطابهم، بل وتحويلهم إلى أدوات للدفاع عن نظام القمع نفسه. كيف يمكن لشخص عاش أهله تحت وطأة الظلم والاضطهاد والتهميش أن يصبح مدافعاً عن أولئك الذين سلبوه حريته وكرامته؟ ظهور مجموعة محمد عبدالله الملقب "بولد أبوك" في بوركيزان، هو خير دليل على هذه المأساة. هل هناك إنحطاط أكثر من أن يدافع المقموع عن قامعيه؟ إن هذه المفارقة تعكس حالة الإغتراب التي يعيشها الكثير من السودانيين، حيث باتوا في حالة من فقدان الثقة في الذات والهوية والإنتماء، وأصبحوا يعتقدون أن الدفاع عن الظالم هو السبيل الوحيد لبقاءهم. لقد أدت سنوات من القمع إلى خلق بيئة من الخوف والترهيب، حيث أصبح المقموعون يشعرون بأن عدم الإنصياع لخطاب القامع يعني تهديداً لوجودهم. هذا يفسر كيف أن بعض الأفراد، الذين عانوا من ظلم النظام، قد ينخرطون بين عشية وضحاها في دعم نفس النظام الذي سلبهم حقوقهم لعقود! هذا النوع من البشر هم أناس مضطربون يعيشون في حالة من الصراع الداخلي، بين الرغبة في التحرر والخوف من العواقب. هذه الحالة تطرح تساؤلات عميقة حول الهوية والإنتماء. كيف يمكن للناس أن يجدوا صوتهم في عالم يفرض عليهم خطاباً مضاداً؟ كيف يمكن للمقموع أن يحرر نفسه من قيود القامع عندما يصبح هذا الأخير جزءًا من هويته؟ إننا بحاجة إلى فهم أعمق لهذه الديناميات النفسية والإجتماعية التي تساهم في إستمرار هذه المفارقات العجيبة. ما رأيناه يعمق إيماننا بضرورة القضاء على مؤسسات الإستبداد والفساد والظلم التي تجبر الضعفاء والضحايا على تبني خطاب القتلة الأشرار، وبناء دولة المواطنة المعبرة عن إرادة الشعب السوداني الطامحة في الحرية والعدالة والسلام، لوضع حد لنهج القمع والقهر والعنف وتعزيز الحوار والتفاهم بين جميع مكونات المجتمع في إطار دولة مدنية ديمقراطية فدرالية.
الطيب الزين
|
|