Post: #1
Title: لماذا قبل البرهان أن يكون عبداً مطيعاً لعبد الفتاح السيسي* كتبه الطيب الزين
Author: الطيب الزين
Date: 10-11-2024, 07:07 PM
07:07 PM October, 11 2024 سودانيز اون لاين الطيب الزين-السويد مكتبتى رابط مختصر
* ؟
يعتبر خطاب قائد قوات الدعم السريع الأخير، الفريق محمد حمدان دقلو، من أشجع الخطابات التي ألقاها قائد سوداني منذ الاستقلال وحتى الآن. يعد هذا الخطاب تاريخياً، وسيكون بوصلة فكرية وأخلاقية عميقة للأجيال الحالية والقادمة. وقد كان تعبيراً حقيقياً عن قصيدة الراحل محمد إبراهيم المكي التي تقول:
جيل العطاء من غيرنا يعطي لهذا الشعب معنى أن يعيش وينتصر... من غيرنا ليقرر التاريخ... والقيم الجديدة والسير... من غيرنا لصياغة الدنيا وتركيب الحياة القادمة... جيل العطاء المستجيش... ضراوة ومصادمة... المستميت على المبادئ مؤمناً... المشرئب إلى النجوم... لينتقي صدر السماء لشعبنا... جيلي أنا... هدم المحالات العتيقة... وانقضى سيف الوثوق مطاعاً... ومشى لباحات الخلود... عيونه مفتوحة... وصدوره مكشوفة... بجراحها متزينة... متخيراً وعر الدروب وسائراً... فوق الرصاص منافحاً.
لقد وضع الخطاب النقاط فوق الحروف، وسما الأشياء بمسمياتها في سياق الصراع السياسي والاجتماعي الذي تعيشه الدولة السودانية منذ الاستقلال وحتى الآن. ما قدمه قائد قوات الدعم السريع، الفريق محمد حمدان دقلو، يعد فضحا للدور القذر الذي قامت به مصر لدعم عودة فلول النظام السابق إلى الحكم. يستحق هذا الموقف الشجاع التحية والتقدير، حيث أظهر شجاعة كبيرة في فضح مشاركة مصر في الحرب اللعينة التي أشعل فتيلها الكيزان.
ما قاله القائد في هذه المرحلة المفصلية يفرض علينا الوقوف عنده للتأمل والتحليل، لكشف الدور القذر الذي يضطلع به البرهان لخدمة مخططات نظام السيسي. فقد عمل نظام السيسي بكل ما لديه من مكر ودهاء لإجهاض ثورة ديسمبر المجيدة، من خلال تشجيعه للبرهان على فض اعتصام الثوار والثائرات أمام القيادة العامة، وتنفيذ انقلاب 25 أكتوبر 2021 على حكومة الثورة بقيادة الدكتور عبدالله حمدوك، وإشعال حرب 15 أبريل 2023 للقضاء على قوات الدعم السريع ومن ثم التخلص من ما تبقى من قوى الثورة. إذا كان خطاب قائد قوات الدعم السريع جاء عفوياً كما عهدناه بصدقه وعفويته، فإن دور التحليل وتفكيك الخطاب سيكون مضاعفًا لتسليط الضوء على عمق الأزمة الوطنية السودانية.
الحرب والصراع الطبقي:
الحرب الدائرة الآن في السودان توضح طبيعة الدور الذي تضطلع به ما يسمى بالمؤسسة العسكرية. هذه المؤسسة، التي كانت تاريخياً تمثل أحد أركان السلطة، أصبحت اليوم جزءاً من الصراع الطبقي الذي يشهده السودان. لاسيما بعد إنقلاب الجبهة القومية الإسلامية في ١٩٨٩م، تحول دور المؤسسة العسكرية من حماية الوطن إلى حماية حزب المؤتمر اللا وطني بقيادة الطاغية الضلالي عمر البشير وأصبح كبار قادة الجيش المختطف جزء من حاشيته الفاسدة التي تعيش حياة الدعة والراحة حيث العمارات والفلل والسيارات الفارهة والحسابات في البنوك والمخصصات والإمتيازات والنثريات المفتوحة، على حساب معاناة الشعب، لاسيما الأغلبية المهمشة من العمال والكادحين من المزارعين والرعاة الذين يشكلون 80% من القوى المنتجة التي يستغل حاصل إنتاجها وتعبها المركز الطفيلي ويوظف عوائد الثروات الوطنية من بترول وغاز وثروة حيوانية وصمغ عربي وفول وسمسم وكركدية، لإستمرار نهج نهب الموارد التي ظلت تمارسه الدولة الغنائمية، الدولة الزبائنية القائمة على المحاباة وتعيين الأقارب والموالين في المناصب العامة والخاصة وتفضيلهم على غيرهم من منافسيهم في التعاقدات المختلفة من غير حق، وإستخدام الصلات والعلاقات الخاصة والشخصية بدلاً من إحترام الأنظمة والقوانين. الدولة الزبائنية التي أقامها نظام الإنقاذ المجرم هي إحدى وسائل تعميم الفساد التي إنتجت الحروب والأزمات ! إن الصراع الحالي ليس مجرد مواجهة عسكرية بين الجيش المختطف، وقوات الدعم السريع، بل هو تجسيد لأزمة أعمق تتعلق بالهوية الوطنية، والحقوق الإقتصادية والإجتماعية. هناك شعور متزايد بين الشعب السوداني بأن ثروات البلاد تُنهب من قبل قلة من النخب العسكرية والسياسية الفاسدة، بينما يعاني غالبية الشعب من الفقر والحرمان. تتجلى هذه الهوة من خلال مشاهد الحرب التي تسببت في نزوح الملايين وتدمير البنية التحتية، مما أفرز واقعاً مأساوياً يتطلب إستجابة عاجلة. إن تجارب الشعب السوداني عبر السنوات الماضية، من حروب أهلية وفقر ومجاعات، تشير إلى أن الحلول العسكرية لم تكن يوماً ناجعة. وفي هذا السياق، يتعين على قوى الثورة بعد أن رفض عبيد مصر الإستجابة لنداء السلام، نتيجة تعويلهم على دعم أعداء السودان في كلا من تركيا وطهران وقطر والنظام المصري بقيادة عبد الفتاح السيسي، الذي يشارك طيرانه الحربي في ضرب المدنيين السودانيين من أجل ترجيح كفة فلول النظام السابق بقيادة العميل البرهان الذي قبل أن يكون عبداً مطيعا لعبد الفتاح السيسي من أجل البقاء في السلطة يقتل ويسرق بلا حسيب أو رقيب! هذه المعطيات تفرض على جميع مكونات الشعب السوداني أن تتوحد وتضع خطة إستراتيجية شاملة يشارك فيها ملايين السودانيين والسودانيات من ضحايا الإستبداد والفساد والظلم لتكون حرب تحرير للدولة السودانية من قبضة العبيد الاذلاء الذين حولوا السودان إلى حديقة خلفية لمصر! الطيب الزين
|
|