Post: #1
Title: من الذي حرك وتد السودان ..؟! كتبه عبد المنعم هلال
Author: عبد المنعم هلال
Date: 10-10-2024, 11:59 PM
11:59 PM October, 10 2024 سودانيز اون لاين عبد المنعم هلال-الخرطوم-السودان مكتبتى رابط مختصر
هلال وظلال
تروى قصة قديمة عن إبليس وأبنائه حينما أرادوا الرحيل من مكان كانوا يسكنونه فقبل أن يغادر رأى إبليس خيمة مربوطة بوتد وفيها بقرة وامرأة تحلبها فحرك إبليس الوتد قليلاً مما أفزع البقرة التي هاجت وأسقطت الحليب ودهست الطفل الجالس بجوار أمه فمات الطفل غضبت المرأة فطعنت البقرة حتى ماتت جاء زوجها ليجد طفله والبقرة ميتين فغضب وطلق زوجته وضربها فجاء أهل المرأة ليضربوه ثم جاء أهل الزوج ليشتبكوا معهم وهكذا تحولت حركة بسيطة إلى كارثة. هذا المثال يجسد حقيقة ما يحدث في السودان اليوم فتلك الأفعال الصغيرة التي قد تبدو غير مؤذية في البداية سرعان ما تتحول إلى كوارث عندما تتفاعل مع الأوضاع المتوترة في البلد تماماً مثلما حرك إبليس وتد الخيمة وأشعل الفتنة فقد حرك أخوان الشيطان وتد السودان فجر يوم 30 يونيو 1989 لتتحرك أوتاد الوطن تباعاً تحت تأثير تصريحات غير محسوبة وتطرف ديني وخلافات سياسية وعداوات دولية وصراعات قبلية ليجد السودان نفسه على شفا الانهيار. السودان ذلك البلد الذي يتميز بتنوعه الثقافي والعرقي شهد في تاريخه القريب العديد من الصراعات لم تبدأ تلك الصراعات بأحداث كبيرة بل غالباً ما كانت شرارتها الأولى كلمة أو موقف أو تصرف يستهان به في لحظته. لكن في الحقيقة تلك الشرارات الصغيرة كانت كافية لإشعال حرائق لا تطفأ بسهولة. لقد تحولت الكلمات إلى أسلحة تفرق بين الناس وأصبحت الصراعات القبلية والسياسية والدينية تغذي الفتن التي لا تنتهي وما حدث في قصة الوتد والبقرة يتكرر اليوم في واقع السودان عندما تتحرك الأوتاد التي تربط نسيج المجتمع فإن العواقب تكون مؤلمة ومكلفة. في السودان كما في كل مكان الكلمة تحمل ثقلًا وكلمة واحدة قادرة على بناء أو تدمير. تلك الكلمات التي تتفوه بها النخب السياسية والإعلاميون وحتى الأفراد في حياتهم اليومية قد تكون مثل حركة الوتد التي تؤدي إلى انهيار النظام الاجتماعي بأكمله. قد يظن البعض أن ما يقولونه أو يفعلونه غير مؤثر ولكن النتائج تثبت أن الفتن لا تحتاج إلى أكثر من حركة بسيطة لتندلع. لهذا السبب يجب أن نكون جميعاً أكثر وعياً ومسؤولية. علينا أن ندرك أن كل كلمة وكل تصرف وكل قرار يمكن أن يكون له تأثير بعيد المدى على استقرار السودان ومستقبله. لا تحركوا الوتد .. كما في قصة إبليس والوتد حركته البسيطة تسببت في مأساة كبيرة كذلك في السودان تحريك أي "وتد" من الأوتاد التي تحافظ على وحدة البلاد وسلامتها يمكن أن يؤدي إلى نتائج كارثية. يجب أن نتوقف عن تحريك الأوتاد التي تفكك الروابط بين القبائل والمناطق والطوائف. الوحدة الوطنية ليست مجرد شعار بل هي حصن يحمي البلاد من التفكك والانهيار وأي محاولة لزعزعة هذه الوحدة سواء بالكلمة أو الفعل يمكن أن تجر السودان إلى دوامات من العنف والفوضى. السودان بحاجة إلى الحكمة .. اليوم السودان يحتاج إلى أصوات الحكمة التي تسعى للتهدئة بدلاً من التصعيد وإلى القادة الذين يدركون أهمية الحفاظ على الاستقرار. لا يمكننا أن نسمح للفتنة أن تجد طريقها إلى المجتمع السوداني من خلال أفعال غير محسوبة. علينا جميعاً أن نكون حراساً على الأوتاد التي تربط هذا الوطن بعد أن إنزلقنا بعد الحرب إلى ما لا يحمد عقباه. السودان يمر بمرحلة حرجة والتحديات التي تواجهه كثيرة لكن الحل لا يكمن في تحريك الأوتاد بل في تثبيتها بقوة. علينا جميعاً أن نكون أكثر وعياً بما نقول ونعمل حتى نمنع الفتنة من الانتشار ونعمل على إيقاف هذه الحرب العبثية اللعينة ونحافظ على السودان متماسكاً وقوياً. لا تحركوا وتد السودان فإنه وطن يحتاج إلى السلام والاستقرار ليبقى قوياً. وسط المعاناة والدمار الذي تعيشه بلادنا بعد ان حرك الكيزان أخوان الشيطان وتد السودان يبقى الأمل في أن يعود السودان كما كان وطناً للحرية والعدالة والسلام لقد حاول أعداء الوطن تمزيق نسيجه الاجتماعي وضرب وحدته لكن روح السودانيين التي لا تنكسر تظل أقوى من كل محاولاتهم. إن هذه الحرب اللعينة اللئيمة التي أشعلها الخونة لإرضاء مصالحهم الضيقة ستتوقف بإذن الله وسينهض السودان من جديد كما عرفناه دائماً بوحدة شعبه وإرادته الصلبة سيستعيد الأمن والأمان وستعود راية الوطن خفاقة لتظل رمزاً للحرية والسلام والعدالة.
|
|