رؤى لسودان ما بعد الحرب بقلم المهندس أحمد نورين دينق

رؤى لسودان ما بعد الحرب بقلم المهندس أحمد نورين دينق


10-03-2024, 11:32 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1727951569&rn=0


Post: #1
Title: رؤى لسودان ما بعد الحرب بقلم المهندس أحمد نورين دينق
Author: أحمد نورين دينق
Date: 10-03-2024, 11:32 AM

11:32 AM October, 03 2024

سودانيز اون لاين
أحمد نورين دينق-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



المستقبل يشكله العقلاء وفقاً للدروس و العبر المأخوذة من التجارب ، و تجربة الحرب من التجارب المريرة ، و لكنها تسهم في صقل الأمم ؛ فالحرب مثل تخصص الجراحة في المجال الطبي ، تعالج بعض أمراض المجتمعات ؛ فالحرب الأهلية الفرنسية ، بعد نهايتها ، دخلت الأمة الفرنسية في مرحلة تشبه حالة إنعدام الوزن في مجال الفيزياء ، فانتشرت الفوضى في كل أرجاء فرنسا بسبب تعطل القانون بفعل الحرب ، و لكن بعدها ، دخلت الأمة في حظيرة القانون ، و إستفادت أمم أوروبا قاطبة بعد ذلك من الثورة الفرنسية ؛ و ما ذلك إلا بسبب ترك صياغة مستقبل الأمة للعقلاء و أهل الفكر . ينبغي للسودانيين أن يجعلوا هذه الحرب الأخيرة في مسيرة الأمة ، و أن يتخلصوا من أهم أسبابها ، فما هو أهم أسباب الحرب الحالية في السودان ؟ سؤال مفتوح لكل السودانيين.. لمن تابع مسيرة السودان بعد إستقلاله بعناية ، يدرك أن دخول العسكر في معترك السياسة و تركهم مهامهم الأساسية في حماية الدستور و الحدود هي التي أفضت بالسودان في دوامة الأزمات ، و أن هذا الحرب هي المحصلة النهائية و الطبيعية لدخول العسكر في معترك السياسة ، و لن تكون الأخيرة ما لم تضع الأمة السودانية حدا نهائياً لهذا الخلط لأمر الحكم في الدولة السودانية.. إن التعليم في السودان قد رفد الأمة السودانية بعد الاستقلال بكوادر مؤهلة في كافة ربوعه ، الشمال، الجنوب، الشرق ، الغرب، الوسط ، و ينبغي أن يكون معيار مشاعر السودانيين في إعتصام القيادة العامة السلمي هو معيار المواطنة المنشود من قبل المفكرين في السودان لرسم سودان ما بعد الحرب ، و أن تشكل حكومات من الكفاءات الوطنية تزين بالعدالة التي تعالج المظالم التأريخية ، لأن الحرب يطلقها الخالق عز و جل أحياناً لتعجيل حساب بعض المجرمين و تعجيل ثواب بعض المصلحين بالشهادة في سبيل تحقيق قيم الخير و الجمال في المجتمعات البشرية عموماً ، فالعدالة تتحقق في الحرب طوعاً أو كرهاً ، من كان يعتقد أن طيران الجيش السوداني سيعمل في يوم من الايام لصالح قوات حركات دارفور المسلحة على حساب قوات الجنجويد ؟ إنه تدبير العدالة الربانية قد أعاد ترتيب أولويات الجيش السوداني بفضله و رحمته ، ليقتص للأبرياء في دارفور و كردفان .. يحكي أن موسى عليه السلام سأل ربه : كيف يأخذ الضعيف حقه من القوي ؟ فدله ربه أن يذهب لموضع معين قرب النهر و يراقب الوضع هنالك : فذهب سيدنا موسى الموضع المعين ، و كمن هنالك ينتظر ، فأتي فارس قوي ، و إستحم في النهر ، و بعد ذلك أخذ أغراضه و ذهب ، و لكنه نسي كيس فيه نقود و جواهر ثمينة في الموضع ، أتى بعده غلام صغير ، رأي ذلك الكيس و عندما تفحصه وجده ممتليء بالنقود و الجواهر ، و لم يجد أثر لأحد ، فأخذه و ذهب ، و بعد ذلك أتى رجل كبير في السن ، و إستحم في النهر ، و عندما لبس ملابسه و أراد الذهاب ، فإذا بالفارس يأتي مسرعاً ، و سأل الرجل الكبير عن كيسه المفقود ، و عندما لم يجد إجابة شافية منه ، قطع الفارس رأس الرجل الكبير بسيفه و ذهب .. و بعد ذلك قال الرب عز وجل لنبيه موسى عليه السلام في تفسير الأحداث : أن أبا الغلام قد خدم أبا الفارس أربعين سنة ، و لم يأخذ حقه على هذه الخدمة الطويلة ، فالكيس هو في مقام الخدمة الطويلة ، و أن الرجل الكبير ، هو قاتل أبا الفارس ، فكان في قتل الفارس له قصاص لأبيه المقتول .. فليس صدفة أن يكون هلاك معظم قادة الجنجويد على أبواب الفاشر ، إنما ذلك تدبير العدالة الانتقالية الرباني ، و دعاء الأبرياء في دارفور منذ عقود من الظلم و القهر و الذل .. و يمكرون ، و يمكر الله و الله خير الماكرين ، فحتى تكون هذه الحرب الأخيرة ، ينبغي أن نضع حد لمسيرة العسكر مع السلطة السياسية ، فبعد الحرب ، من أراد السلطة ، فيترك بزته العسكرية و ينخرط في التنظيمات المدنية ، إن إردنا مستقبل مشرق ، و أن يكون الهم المقبل هو تأهيل التنظيمات المدنية لكي تحكم سودان ما بعد الحرب بمشاعر المواطنة التي ظهرت سابقاً في إعتصام القيادة العامة و التي كانت تمثل نموذج مشرق لسودان المستقبل الذي نرجوه .