Post: #1
Title: العقد الاجتماعي The social contract كتبه عبدالغفار جمعة ادم
Author: عبدالغفار جمعة ادم
Date: 09-24-2024, 11:59 AM
11:59 AM September, 24 2024 سودانيز اون لاين عبدالغفار جمعة ادم-السودان مكتبتى رابط مختصر
بقلم / العقد الاجتماعي هو مفهوم فلسفي وسياسي يتناول العلاقة بين الفرد والدولة وهو يشير الي الاتفاق الضمني او الصريح بين الأفراد في المجتمع والحكومة التي تحكمهم ، يشمل هذا العقد مجموعة من الالتزامات والحقوق التي يتفق عليها الطرفان من اجل تحقيق الاستقرار والأمان والتنمية هذا المفهوم لعب دورا في تشكيل الفكر السياسي الحديث ، وكان اساساً لتطوير العديد من النظريات الديمقراطية والمفاهيم المتعلقة بالحقوق والحريات . تطور مفهوم العقد الاجتماعي من خلال فلاسفة مختلفين مثل توماس هوبز ، وجون لوك ، وجان جاك روسو الذين قدموا روي مختلفة حول كيفية تشكيل الدولة وواجبات الأفراد تجاها . ١/ توماس هوبز يعتبر توماس هوبز من اوائل الفلاسفة الذين طرحو مفهوم العقد الاجتماعي بشكل متكامل في كتابه الليفياثان Leviathan ، يجادل هوبز بان الحياة في الحالة الطبيعية ستكون منعزلة ، فقيرة ، وحشية ، وقصيرة. يري هوبز ان الناس في الحالة الطبيعية سيكونون في حالة من الحرب الدائمة كل شخص ضد الآخر لتجنب هذا الفوضي يتفق الأفراد علي تشكيل مجتمع يتنازل فيه الجميع عن بعض حقوقهم الطبيعية لصالح سلطة حاكمة تضمن الأمن والنظام ، في هذا السياق الدولة هي نتيجة عقد اجتماعي يهدف الي تحقيق الاستقرار لكن هذه الدولة تتمتع بسلطة شبه مطلقة علي الأفراد . ٢- جون لوك كان جون لوك اكثر تفاؤلا بشان الحالة الطبيعية للبشر في كتابه رسالتان عن الحكومة tow treatise of gouvernent , يجادل لوك بان الأفراد في الحالة الطبيعية لديهم حقوق طبيعية غير قابلة للتصرف مثل الحياة والحرية والملكية . يري لوك ان العقد الاجتماعي هو اتفاق بين الأفراد لتشكيل حكومة لحماية هذه الحقوق ، لكن علي عكس هوبز يري لوك ان السلطة يجب ان تكون محدودة وان الأفراد لهم الحق في الثورة إذا أنتهكت الحكومة حقوقهم .كان لفكر لوك تاثير كبير علي تطوير المفاهيم الديمقراطية الحديثة خاصة فيما يتعلق بفصل السلطات والحقوق المدنية . ٣- جان جاك روسو جان جاك روسو قدم مفهوما مختلفا قليلا عن العقد الاجتماعي في كتابه العقد الاجتماعي The social contract يسعي الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو الي تقديم فلسفة سياسية جديدة تعتمد علي الحرية والمساواة كاساس للعلاقة الاجتماعية والسياسية . يعرض روسو من خلال هذا الكتاب نقدا لاذعا للحكومات الاستبدادية والنظم الاجتماعية التي كانت السائدة في عصره ويروج لفكرة ان المجتمعات يجب ان تقوم علي عقد اجتماعي يتفق فيه الأفراد علي شكل الحكم الذي يحافظ علي حقوقهم وحرياتهم . ابرز أفكار روسو التي طرحها في هذا العمل : الطبيعة البشرية والحالة الطبيعية يبداً روسو بتحليل طبيعة الإنسان في حالته الطبيعية قبل ظهور المجتمعات المنظمة والدول ، بالنسبة لروسو كان الإنسان في الحالة الطبيعية حرا ومستقلا يعيش وفقا لدوافعه الغريزية ، في هذه الحالة البدائية كان البشر متساوين لانهم لم يكونو بحاجة الي التنافس علي الموارد. يقول روسو : " الإنسان يولد حرا ولكنه في كل مكان مكبل بالأغلال ." هذه العبارة الشهيرة تشير الي التناقض بين الحرية الفطرية التي يتمتع بها الانسان والقيود التي يفرضها المجتمع عليه بعد التنظيم السياسي والاجتماعي . الحالة الطبيعية عند روسو هي حالة من الحرية والمساواة النسبية لكن مع تزايد السكان وتطور المجتمعات ظهرت الملكية الخاصة والصراع بين الأفراد . ظهور المجتمعات والعقد الاجتماعي روسو يري ان الملكية الخاصة كان نقطة تحول سلبية في تاريخ البشرية لانه قاد الي اللامساواة بين الأفراد وتسبب في ظهور الصراعات الاجتماعية ، من اجل تنظيم هذه العلاقات الجديدة والحد من النزاعات نشأت المجتمعات والدول ، لكن هذه الدول في شكلها الأولي كانت تهدف الي خدمة مصالح القلة علي حساب الأغلبية هنا يقدم روسو نظريته العقد الاجتماعي كحل لهذا الخلل .العقد الاجتماعي في جوهره هو اتفاق بين افراد المجتمع علي التخلي عن جزء من حريتهم الشخصية لصالح تحقيق الخير العام ، يهدف هذا العقد الي انشاء سلطة سياسية شرعية قائمة علي الإرادة العامة أي المصلحة المشتركة لجميع المواطنين ، في هذا السياق يقول روسو : " ان النظام السياسي الحقيقي هو الذي ينبثق من الإرادة العامة ويهدف الي مصلحة الجميع " الإرادة العامة والسيادة من اهم المفاهيم التي ناقشها روسو هي فكرة "الإرادة العامة " ، الإرادة العامة تعبر عن المصلحة المشتركة للمجتمع ككل وهي تختلف عن الإرادات الخاصة التي تعكس مصالح الأفراد او مجموعات معينة .السلطة الشرعية في نظر روسو هي التي تنبثق من الإرادة العامة وتعمل لصالح المجتمع بأسره ." ان كل شخص عند انضمامه الي العقد الاجتماعي يتخلي عن حقوقه الطبيعية ويكتسب حقوقا مدنية تنظمها الإرادة العام " هذا يعني ان كل فرد يتنازل عن حريته المطلقة في التصرف وفقا لرغباته الشخصية لكنه بالمقابل يكتسب حرية مدنية تنظمها القوانين التي تعبر عن الإرادة العامة . هذه الحرية المدنية وفقا لروسو هي الحرية الحقيقية لأنها تجعل الفرد عضوا فاعلا في المجتمع وتمنحه الحماية التي توفرها القوانين ، بالنسبة لفكرة السيادة فإنها تعود بشكل كامل الي الشعب والشعب هو مصدر كل السلطات ، هذه السيادة غير قابلة للقسمة، ولا التنازل ، ولا الفناء .اي انه لا يمكن للشعب ان يتنازل عن سيادته لملك او حاكم مطلق ، كلما كانت السلطة اكثر تعبيرا عن الإرادة العامة اكثر شرعية . الديمقراطية المباشرة روسو كان من اشد المؤيدين لفكرة الديمقراطية المباشرة حيث يتخذ الشعب القرارات السياسية بشكل مباشر دون وسطاء ، كان روسو يري ان هذا هو الشكل الأمثل للحكم الذي يحقق الإرادة العامة غير انه كان يدرك ان الديمقراطية المباشرة صعبة التحقيق في المجتمعات الكبيرة والمعقدة ومع ذلك كان روسو يشدد علي أهمية ان يكون للشعب دور فعال ومباشر في صنع القرارات السياسية ، كما ان السيادة لا تقبل للتنازل انه كانت غير قابلة للتمثيل وذلك لان الإرادة لا تمثل اما ان تكون ذاتية او ليست كذلك لا يوجد بينهما خيار . الحرية والمساواة الي الجانب الحرية يري روسو ان المساواة هي ركن أساسي في المجتمع المثالي ، بالنسبة له لا يمكن تحقيق الحرية الحقيقية إلا في ظل مجتمع يكون فيه الأفراد متساوين أمام القانون ويشعرون ان مصالحهم محمية بشكل متساو ، علي هذا الأساس ينتقد روسو النظم الذي تكرس اللامساواة الاجتماعية والاقتصادية ، يعتقد روسو ان المجتمعات التي تعزز الفروق الطبقية وتسمح بتراكم الثروة في أيدي قلة من الأفراد تهدد الاستقرار الاجتماعي وتقوض الحرية ويوكد ان الدولة يجب ان تضع القوانين التي تضمن تحقيق المساواة بين المواطنين حتي لو استدعي ذلك فرض بعض القيود علي الملكية الخاصة . الدين المدني كان روسو يري ان الدين يمكن ان يكون أداة هامة لتحقيق الوحدة والتماسك الاجتماعي إلا انه كان يميز بين الدين الطبيعي الذي يعبر عن الأخلاق العامة والفضيلة وبين الدين المؤسسي الذي يمكن ان يكون مصدرا للانقسام والاستبداد ، اقترح روسو ما يسميه الدين المدني هو نوع من الإيمان الذي يساهم في تعزيز القيم المدنية والأخلاق العامة دون ان يتدخل في الشؤون الخاصة للأفراد .الدين المدني وفقا لروسو يجب ان يحترم حرية العقيدة الشخصية لكنه يظل مرتبطا بالمصلحة العامة ويعمل علي تحقيق الوحدة الوطنية . أفكار روسو اثرت بشكل كبير علي الثورات التي شهدتها اوربا خاصة الثورة الفرنسية وأصبحت حزء من التراث الفكري الذي يشكل أساس الديمقراطيات الحديثة . مفهوم العقد الاجتماعي في السياق السوداني في السياق السوداني يمكن ان يكون العقد الاجتماعي اطارا عاما يضمن مشاركة جميع الأطراف فيً العملية السياسية ويحدد الحقوق والواجبات المشتركة بين الحكومة والمواطنين ، ينبغي ان يرتكز هذا العقد علي المبادئ الأساسية للعدالة الاجتماعية وتوزيع السلطة والثروة بشكل عادل ، واحترام حقوق الانسان ، وضمان التمثيل العادل لجميع المجموعات العرقية والسياسية . العقد الاجتماعي في السودان يجب ان يكون ناتجا عن حوار شامل ومفتوح بين المكونات السياسية والاجتماعية في البلاد دون استثناء ، ويجب ان يضمن هذا الحوار مشاركة الأطراف المختلفة في صنع القرار وان يكون هناك التزام جماعي بتحقيق التوافق حول المبادئ الأساسية التي تضمن استقرار الدولةً وتنميتها . لتحقيق عقد اجتماعي ناجح يجب اتخاذ الخطوات الاتية : ١-إطلاق حوار قومي شامل يجب ان يبداً السودان بعملية حوار قومي شامل ومفتوح حيث يضمن مشاركة جميع الفئات السياسية ، الاجتماعية ، العرقية ، الدينية ، والفئوية . ٢- تأسيس مبد العدالة الانتقالية لتحقيق السلام والمصالحة يجب ان يكون هناك اعتراف بمظالم الماضي والتعامل معها من خلال آليات العدالة الانتقالية ، هذا يشمل تعويض الضحايا ومحاكمة المسؤولين عن الجرائم وضمان عدم تكرار هذه الممارسات. ٣- وضع دستور للسودان وجود دستور دائم يسهم في تحقيق استقرار سياسي طويل الأمد ، حيث يوفر نظاما واضحا لتنظيم السلطة وحل النزاعات السياسية بشكل سلمي وهو ما يقلل من الصراعات والانقلابات ، وكذلك يوفر روية شاملة لإدارة الدولة ويحدد المسارات التنموية والتوجهات السياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية التي يمكن ان تتبناها الحكومات المتعاقبة. ٤- إصلاح الموسسات الحكومية يجب هيكلة الموسسات الحكومية لضمان انها تمثل مصالح جميع السودانين بشكل عادل هذا يشمل إصلاح النظام القضائي ، والإداري ، والأمني . ٦- حكم الرشيد ومكافحة الفساد يعد الحكم الرشيد ومكافحة الفساد ضرورين لتحقيق الثقة بين الحكومة والمواطنين، يجب ان تكون هناك شفافية ومساءلة في إدارة شؤون العامة ٧- العمل علي تحسين الاقتصاد يجب وضع سياسيات اقتصادية تضمن تحقيق التنمية المستدامة وتوفير فرص العمل وتحسين الخدمات الأساسية في الاستقرارالاقتصادي هو شرط أساسي في الاستقرار السياسي. يمثل العقد الاجتماعي أداة أساسية لبناء سودان مستقر ومزدهر في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه السودان ، يعد التوصل الي عقد اجتماعي يضمن العدالة والمساواة والحرية لجميع السودانين ضرورة حتمية ، ان بناء العقد الاجتماعي يتطلب التزاما جماعيا من جميع الأطراف لوضع رؤية واضحة لمستقبل البلاد .
|
|